أخبار عاجلةالرأيشمال افريقيا

اسيا العتروس تكتب .. عام على حكومة الرئيس

اخيرا تكرمت الحكومة في تونس واعلنت على لسان وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، أنّ الوفد الرسمي الذي سيتنقّل إلى واشنطن، بهدف التوصّل لاتّفاق حول قرض جديد من صندوق النقد الدولي سيطرح ملف الإصلاحات الكبرى للاقتصاد التونسي…كرم الناطق باسم الحكومة لم يتوقف عند هذا الحد بل أضاف أن “الوفد الذي سيتنقل إلى واشنطن سيحاول إقناع ممثلي صندوق النقد الدولي بمنح تونس تمويلا من خلال تقديم برنامج إصلاحات كبرى يتضمن عديد الإجراءات من بينها تحسين مناخ الاستثمار ورفع العراقيل وتحرير المبادرة و هو ما اعتبره “نقاط قوّة” ملف تونس امام صندوق النقد الدولي ستمكّن الاقتصاد التونسي من استرجاع عافيته والترفيع في نسق النمو وإنجاز المشاريع الكبرى…وهي رسائل مهمة وايجابية لولا ان كرم الناطق باسم الحكومة لم يشأ مزيد التوضيح للرأي العام حول موقع المواطن ودافع الضرائب من هذه الاصلاحات ..

لسنا بصدد الاستخفاف بجهود الحكومة التي تحتفل خلال الساعات القادمة بمرور سنة على اعلانها في 11اكتوبر 2021 , وهو ما يفترض أن يكون موعدا للقطع مع التعتيم ومصارحة الرأي العام لا بحقيقة الازمة الاقتصادية التي تخنق الجميع منذ سنوات فهذه مسألة معلومة , ولكن بمصارحة التونسيين بشأن البدائل المطروحة وحجم التضحيات المؤلمة التي سيتعين عليهم تحملها مع الانطلاق في سياسة رفع الدعم و ما تستوجبه من شد الاحزمة التي توشك ان ترتد على اصحابها من ابناء الطبقة المتوسطة بعد ان تاكلت واصابها ما اصابها من عجز نتيجة الارتفاع الشاهق للاسعار و تفاقم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية اليومية .

ولن يكون من المبالغة في شيء وصف حكومة السيدة نجلاء بودن بحكومة الرئيس, رغم أنها تبقى اول امرأة في العالم العربي و في شمال افريقيا تتولى هذا المنصب في حكومة تمثل النساء اربعين بالمائة من اعضائها , وهي فضلا عن ذلك متحررة من ملاحقات النواب و تهديداتهم بسحب الثقة و تحظى بدعم رئيس يتمتع بكل الصلاحيات ..ولكن الواقع أن خلف هذا المشهد المثالي حقائق لا تخفى على ملاحظ …فحكومة السيدة بودن ليس لها من المسؤولية غيرالاسم , وحكومتها تبقى بعد سنة على تشكيلها “حكومة الرئيس” الذي استأثر بكل المسؤوليات من الاكثر أهمية الى الاقل أهمية حتى كدنا ننسى المناسبات القليلة التي سمعنا موقفا أو رأيا لرئيسة الحكومة حول أسوأ و اخطر أزمة سياسية و اقتصادية في تاريخ البلاد الحديث , تماما كما هو الحال بالنسبة لعدد من الوزراء لا سيما الاقتصاد الذي برز بالغياب في هذه الازمة ..

طبعا سيكون من التجني تحميل حكومة السيدة بودن وزرالازمة الاقتصادية بكل تداعياتها, فقد وجب الاعتراف ان الازمة سابقة لهذه الحكومة وهي دون ادنى شك نتاج الاخطاء المتواترة وعقلية الغنيمة التي اغرقت البلاد والعباد طوال عقد من الضياع الى جانب غياب الارادة السياسية للاصلاح المالي والاداري لانقاذ المؤسسات العمومية ومكافحة التهريب والفساد المالي والسياسي و فرض العدالة الجبائية…ومع ذلك فان حكومة بودن ستجد نفسها عندما يتعين وضع حصيلة هذه السنة تتحمل مسؤولية الوضع الراهن و تواجه الاتهامات بالفشل في الاصلاح والتغييروذلك لعدة اسباب لعل اهمها غياب الرؤية والوضوح وانعدام جسور التواصل مع الرأي العام واقصاء الاعلام الى جانب ضعف الخطاب السياسي المؤثر في هذه المرحلة التي تحتاج فيها البلاد لصوت واضح يلامس نبض الشارع ويقلص مشاعر الخوف من المجهول لدى العامة ويعززالامال بشان المستقبل كل ذلك في الوقت الذي تقترب فيه نسبة التضخم من الرقمين بعد ان قفزت الى 9.1 و تراجعت فيه احتياطيات البلاد من العملة الاجنبية إلى أدنى مستوى لها ..قد يطول عمر حكومة الرئيس الى ما بعد انتخابات الغرفة البرلمانية الثانية ولكن سيتعين قبل ذلك تحديد الحصيلة ..

 

نقلا عن جريدة الصباح التونسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »