أخبار العالمأخبار عاجلةالرأي

آسيا العتروس تكتب .. لو علم تشرشل ان في داونينغ ستريت رئيس للوزراء هندوسي

كيف سيكون موقف رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل لو علم بان بريطاني من أصول هندية خرج من صلب حزب المحافظين وانتخب و لاول مرة رئيسا للوزراء في بريطانيا ليقود البلاد في اعقد و اخطر مراحلها بعد نحو شهر على رحيل الملكة اليزابيث ؟ بريطانيا تقطع مع ارثها الاستعماري و عنصريتها ازاء مواطنيها عندما يتعلق الامر بالديموقراطية و التعددية التي تسمح لرئيس وزراء بريطانيا الهندوسي الديانه ان يؤدي القسم و فق ديانته و الامر ذاته ايضا بشأن عمدة لندن صادق خان البريطاني المسلم من اصول باكستانية ..و من زار مقر البرلمان في العاصمة لندن سيلاحظ وجود صندوق يتوسط النواب و فيه الكتب المقدسة و منها الانجيل و القران .

لا خلاف ان الانطباع الاول بعد ان بات واضحا ان وزير المالية السابق ريتشي سوناك و هو ثالث رئيس وزراء بريطاني خلال العام الحالي الذي اثر الاستقالة من حكومة ليز تراس بعد وقوعها في المحظور بسبب خياراتها الاقتصادية التي هزت الاسواق المالية البريطانية وادخلت البرلمان البريطانيا في حالة من الفوضى بات اصغر رئيس حكومة في بريطانيا و هو الذي لم يتجاوز الثانية و الاربعين بعد قبوله من طرف الملك شارلز الثالث بما يعني ان هناك تغيير جذري في العقلية البريطانية التي كانت تعتبر ان المناصب العليا في الدولة يجب ان تبقى في دائرة العائلات الارستقراطية .

و لكن الاهم من كل ذلك ان الوافد الجديد على داونينغ ستريت يحمل سيرة عائلية ضخمة في العمل و الانتماء لمؤسسات مالية كبرى خبر فيها ثقافة العمل و التميز في عالم المال و التكنولوجيا ثم عالم السياسة و الاكيد انه قبل و بعد كل ذلك فهو اكثر من يدرك أن بقاءه في هذا المنصب مرتبط بانجازاته و نجاحه في تحقيق الوعود التي اطلقها بانقاذ الاقتصاد و الحد من التضخم و اصلاح ما يستوجب الاصلاح .

فالاختبار في عالم السياسة في الدول الديموقراطية العريقة يعتمد على لغة الارقام اولا و على صدق الوعود و الارادة التي بمقتضاها يمكن للسياسي ان يشق الطريق لكسب ثقة حزبه و ثقة الراي العام …

يصر جزء من الصحافة البريطانية على وصف ريشي سوناك باوباما بريطانيا و يصفه جزء اخر بانه بيل غيتس بريطانيا و في محيطه القريب يعمدون الى اعتباره تشرشل الثاني لولا ان ونستون تشرشل كان يعتبر ان ساسة الهند فاشلون و فاسدون و عاجزون عن ادارة شؤون بلادهم دون مساعدة و اشراف ووصاية الرجل الابيض البريطاني .

الكثيرون تحدثوا عن ثروة الرجل و زوجته التي تفوق ثروة الملك شارلز و هي مسألة يصعب استساغتها بالنظر الى الثروات الكبيرة للعائلة الملكية في مختلف دول الكمنوالث و المستعمرات البريطانية السابقة.

المثير ان رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون كان عاد على عجل الى بريطانيا و قطع عطلته في الكاراييب بعد استقالة ليز تراس و كان يؤمل نفسه بالعودة الى منصبه قبل ان يعلن تراجعه عن ذلك و يدرك ان العودة قد لا تكون مناسبة في هذه المرحلة و ان الرياح داخل حزب المحافظين تميل الى سفينة وزير المالية السابق خاصة و ان التحقيقات بشأن ما اذا كان جونسون كذب خلال فترة الكوفيد عندما قام باحياء احتفالات في الوقت الذي فرض على مواطنيه قيودا بعدم التجمع لا يزال مفتوحا .

انتخاب رئيس الوزراء البريطاني الجديد من اصول هندية تاتي فيما تتفاقم فوبيا المهاجرين غير الشرعيين في العالم و يتضاعف صعود اليمين المتطرف في اوروبا .

قد يكون من السابق لاوانه استقراء ما سيؤول اليه مصير سوناك السياسي و ما اذا سيكون مصيره كمصير جونسون و ليز تراس قبل الذهاب ربما الى انتخابات مبكرة و لكن الاكيد ان وراء هذا الاسم حكاية ستجد لها لدى كل الاجيال من ابناء المهاجرين في بريطانيا ما يعيد احياء الامل و يدفع الى السعي لمعانقة اعلى الطموحات فقد جاء والدا سوناك إلى بريطانيا من شرق أفريقيا، وكلاهما من أصل هندي.

درس سوناك الفلسفة و السياسة و الاقتصاد في جامعة اكسفورد و ربما سيحتاج للفلسفة بقدر احتياجه لمهاراته الاقتصادية لاخراج بريطانيا من اسوا ازمة اقتصادية تواجهها و تجنب في ذات الوقت محاولات استفزازه و اثارة الكثير من الاتهامات التي بدات تلاحقه قبل حتى ان يتولى مهامه رسميا و تلاحق زوجته بالتهرب الضريبي . بقي شيء مهم و هو ان بريطانيا الملك شارلز ليست بريطانيا اليزابيث الثانية و قد يكون في وجود سوناك في داونينغ ستيرت ما يعزز شعبية الملك الجديد بعد سبعة عقود من هيمنة اليزابيث الثانية .

• نقلا عن جريدة الصباح التونسية 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »