تفاصيل تبرع بيل جيتس بـ 200 مليار دولار لتحسين الصحة والتعليم في إفريقيا

في خطوة تُعد من الأكبر في تاريخ العمل الخيري العالمي، دعا الملياردير الأمريكي ومؤسس شركة مايكروسوفت، بيل جيتس، القادة الأفارقة إلى استغلال اللحظة الراهنة لتسريع وتيرة التقدم في مجالات الصحة والتنمية والتعليم ، مؤكدًا أن الابتكار والشراكات الفاعلة هما مفتاح النجاح رغم التحديات العالمية المتزايدة.
جاءت تصريحات جيتس خلال خطاب تاريخي ألقاه يوم أمس الأول الإثنين في قاعة نيلسون مانديلا بمقر الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وذلك بحضور أكثر من 12 ألف مشارك من المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين وقادة الشباب والعاملين في قطاع الصحة، سواء بالحضور المباشر أو عبر الإنترنت.
تعهد استثنائي: 200 مليار دولار لأفريقيا
وأعلن جيتس خلال كلمته أن غالبية ثروته البالغة 200 مليار دولار سيتم توجيهها نحو دعم أفريقيا خلال العقدين القادمين، بالشراكة مع الحكومات التي تضع صحة ورفاهية شعوبها على رأس أولوياتها , وقال:”لقد التزمت مؤخرًا بأن أتبرع بكامل ثروتي خلال العشرين عامًا القادمة، ومعظم هذا التمويل سيُخصص لمساعدة إفريقيا في مواجهة تحدياتها”.
الصحة والتعليم طريق الازدهار
وأشار جيتس إلى أن تحسين الصحة والتعليم هو الأساس لإطلاق الإمكانات البشرية وتمكين كل دولة إفريقية من تحقيق الازدهار، واصفًا هذا المسار بأنه “مثير ويستحق أن نكون جزءًا منه”.
وبعد كلمته، شارك جيتس في جلسة حوارية مع الدكتور بولين باسينجا، مدير مؤسسة جيتس في أفريقيا، ناقشا خلالها أولويات التنمية والاستثمارات المطلوبة لدفع عجلة التقدم المستدام في القارة.
دعوات إفريقية لتعزيز الشراكات والمساءلة
شهد اللقاء مشاركة عدد من القادة الأفارقة البارزين الذين دعوا إلى تعزيز التعاون والمساءلة المشتركة، ومن بينهم:
-
الدكتورة نجوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية.
-
أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة.
-
الناشطة الإفريقية جراسا ماشيل، التي وصفت الوضع الراهن بأنه “لحظة أزمة”، مؤكدة على أهمية الشراكات طويلة الأمد.
وقالت ماشيل إن:”شراكة جيتس الطويلة مع أفريقيا تعكس فهمًا عميقًا لتحديات القارة واحترامًا لقيادتها وابتكاراتها”.
دعم الرعاية الصحية الأولية هو الاستثمار الأهم
شدد جيتس على أن الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية هو الأكثر تأثيرًا في تغيير واقع المجتمعات الإفريقية، مضيفًا أن دعم الأم قبل وأثناء الحمل، وتوفير التغذية السليمة للطفل خلال أول أربع سنوات من حياته، يحدث فرقًا جذريًا في حياة الأفراد.
وأشاد جيتس بدول أفريقية مثل:
-
رواندا
-
زيمبابوي
-
موزمبيق
-
نيجيريا
-
زامبيا
وذلك بسبب نجاحها في تسخير الابتكار لتعزيز الأنظمة الصحية، وتوسيع الخدمات الصحية الأساسية، واستخدام البيانات لخفض وفيات الأطفال، ومكافحة الأمراض مثل الملاريا والإيدز، رغم ما تواجهه من تحديات مالية.
الذكاء الاصطناعي ومستقبل إفريقيا
كما تطرق جيتس إلى الدور الحيوي للذكاء الاصطناعي في مستقبل القارة الإفريقية، مشيدًا بجيل الشباب الذي يحتضن هذه التكنولوجيا ويستخدمها لحل التحديات المحلية. وسلّط الضوء على تجربة رواندا في استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، خاصة من خلال تقنيات التصوير بالموجات فوق الصوتية لتحديد حالات الحمل عالية الخطورة.
وأكد أن مؤسسة جيتس ستعزز التزامها تجاه أفريقيا، مشيرًا إلى أن أول مكتب للمؤسسة في القارة افتتح قبل 13 عامًا في إثيوبيا، تلاه مكاتب أخرى في جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا والسنغال، ما يعكس توسع التعاون الإقليمي.
جولة لدعم الصحة والتنمية بعد تقلص المساعدات
تأتي زيارة جيتس إلى كل من إثيوبيا ونيجيريا في إطار جولة ميدانية تهدف إلى الاطلاع على واقع أولويات الصحة والتنمية، خاصة بعد تقلص المساعدات الدولية، ولإعادة تأكيد التزام مؤسسته بدعم مسيرة التقدم في القارة الإفريقية.
ومن المقرر أن يتوجه جيتس إلى نيجيريا للقاء الرئيس بولا أحمد تينوبو، والمشاركة في فعالية “Goalkeepers Nigeria”، إلى جانب مجموعة من العلماء المحليين لمناقشة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي وتوسيع حلول الرعاية الصحية.
هدف طموح: إنهاء الفقر والأمراض بحلول 2045
تأتي هذه الجولة عقب إعلان تاريخي صدر عن مؤسسة جيتس في 8 مايو الماضي، يقضي بإنفاق 200 مليار دولار خلال عشرين عامًا من أجل تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:
-
إنهاء الوفيات التي يمكن الوقاية منها بين الأمهات والأطفال.
-
القضاء على الأمراض المعدية الفتاكة.
-
تمكين الملايين من الخروج من دائرة الفقر نحو الازدهار.
ومن المقرر أن تُنهي المؤسسة أعمالها بعد إنجاز هذه الأهداف بحلول عام 2045.
إنجازات ملموسة خلال العقدين الماضيين
وخلال العشرين عامًا الماضية، أسهمت مؤسسة بيل وميليندا جيتس، بالشراكة مع الحكومات والمؤسسات الإفريقية، في:
-
تطوير لقاحات منقذة للحياة.
-
تعزيز النظم الصحية الوطنية.
-
إطلاق أكثر من 100 ابتكار طبي.
-
إنقاذ حياة أكثر من 80 مليون شخص من خلال مبادرات مثل “غافي” والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.
جدير بالذكر أن الدكتور محمود علي يوسف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي استقبل بيل جيتس رئيس مؤسسة جيتس.
هدفت الزيارة إلى تعزيز التعاون بين الاتحاد الأفريقي ومؤسسة جيتس. وتركزت المناقشات على تعزيز النظم الصحية في أفريقيا، وتوسيع نطاق تصنيع اللقاحات والأدوية محليًا، وتعزيز الأمن الغذائي.
أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي عن مخاوفه بشأن خفض المساعدات العالمية وعدم الوفاء بتعهدات تمويل المناخ؛ وهو ما أعرب عنه جيتس، مشيرًا إلى المعاملة غير العادلة التي تلقاها أفريقيا في مناقشات المناخ رغم ضآلة انبعاثاتها. وتعهد بالدعوة إلى استدامة المساعدات الدولية وتوطيد الشراكات.
وأكد كل من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وبيل جيتس على الحاجة الملحة للتضامن العالمي والتجارة العادلة وتخفيف الديون والاستثمار في الابتكار والحوكمة والمرونة التي تقودها أفريقيا.
إقرأ المزيد :
” زوكربيرج ” مؤسس فيس بوك يتصدر قائمة الأكثر خسارة بين أثرياء العالم