أخبار عاجلةسياحة وطيران

جبل الرحمة يستقبل جموع الحجاج في يوم عرفة: مشهد إيماني يفيض بالسكينة والخشوع

مكة المكرمة – وكالة الأنباء السعودية

في يوم عظيم تهفو إليه القلوب وتتنزّل فيه الرحمات، توافدت جموع الحجاج منذ ساعات الصباح الأولى إلى جبل الرحمة في مشعر عرفات، لتشهد الوقفة الكبرى التي تُعدّ ذروة مناسك الحج، وسط أجواء روحانية مهيبة تنبض بالخشوع والسكينة. فقد افترش الحجاج سفوح الجبل ورفعوا أكفّ التضرع والدعاء، طامحين إلى رحمة الله ومغفرته، مستشعرين عظمة هذا اليوم الذي قال عنه النبي ﷺ: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة”.

ويُعد جبل الرحمة، الواقع في قلب ساحة مشعر عرفات، من أبرز المعالم الروحانية والتاريخية في المشاعر المقدسة. إذ يحمل رمزية عظيمة، لاسيما وأن النبي محمد ﷺ وقف عليه خطيبًا في حجة الوداع عند الصخرات الشهيرة، التي لا تزال شاهدة على تلك اللحظة الخالدة في التاريخ الإسلامي، والتي رُسمت فيها ملامح أسمى القيم الإنسانية.

ويقع جبل الرحمة على بُعد نحو 17 كيلومترًا من المسجد الحرام، ويرتفع قرابة 65 مترًا عن سطح الأرض، ليشكل مشهدًا طبيعيًا يأسر الألباب ويثير مشاعر الهيبة والخشوع. ويُعرف الجبل بعدة تسميات مثل: “جبل الرحمة”، “جبل الدعاء”، و**”جبل الموقف”**، وكلها تعكس عمق المعاني الروحانية التي يحملها هذا المكان المبارك في قلوب المسلمين.

وفي إطار الحرص الدائم من القيادة الرشيدة –أيدها الله– على راحة ضيوف الرحمن، تم تنفيذ عدد من المشروعات النوعية في منطقة جبل الرحمة، تهدف إلى التخفيف من آثار الإجهاد الحراري وتوفير بيئة آمنة ومريحة للحجاج. وقد بلغت مساحة المشروعات الجديدة نحو 196 ألف متر مربع، وشملت تركيب مظلات حديثة بمساحة 1,200 متر مربع، مزوّدة بـ129 مروحة رذاذ مائي لتلطيف الأجواء وخفض درجات الحرارة في محيط الجبل.

وتعكس هذه الجهود المتقدمة مدى اهتمام المملكة العربية السعودية بخدمة ضيوف الرحمن وتسهيل أدائهم للمناسك، بما يضمن لهم الراحة والسلامة وسط الظروف المناخية المتغيرة.

منذ ساعات الصباح، تحوّلت ساحة الجبل إلى لوحة إنسانية مدهشة، اختلطت فيها الألوان والأعراق واللغات، وتوحدت الأصوات بنداء واحد يخترق عنان السماء: “لبيك اللهم لبيك”. وترددت أصداء التهليل والتكبير والدعاء في أرجاء المكان، في مشهد إيماني لا يُنسى، يُسطَّر بالنور في ذاكرة الزمان.

ويظل جبل الرحمة رمزًا خالدًا لهذا الموقف العظيم، حيث يقف الحجاج متضرعين، متأملين، ومستشعرين القرب من الله عزّ وجل، في تظاهرة روحانية لا تتكرر إلا مرة كل عام، لكنها تترك أثرًا خالدًا في قلوب من عاشوها، وتبقى من أعظم المشاهد التي تُجسّد معنى التوبة والرحمة والمغفرة.

إقرأ المزيد :

الحج:هيئة كبار العلماء بالسعودية لا حج بدون تصريح ومن يخالف آثم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »