مسجد نمرة.. حيث تتجلى خطبة الوداع وتخشع الأرواح في مشهد عرفات العظيم

يُعتبر مسجد نمرة من أبرز المعالم الإسلامية والتاريخية في مشعر عرفات، ويحظى بمكانة عظيمة في قلوب المسلمين حول العالم، حيث يُقبل عليه ملايين الحجاج سنويًا لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، اقتداءً بسنة النبي محمد ﷺ، الذي ألقى خطبة حجة الوداع في هذا الموضع الشريف.
يقع المسجد في الجهة الغربية من مشعر عرفات، ويُعرف تاريخيًا بعدة أسماء منها: مسجد النبي إبراهيم، مسجد عرفة، مسجد عُرنة، ومسجد الخليل. وقد شُيّد في منتصف القرن الثاني الهجري خلال العصر العباسي، بينما شهد المسجد تطورًا تاريخيًا هائلًا خلال العهد السعودي، حيث توسع ليصل إلى أكثر من 110,000 متر مربع، ويتسع لما يزيد عن 350,000 مصلٍ.
يتكوّن المسجد من ست مآذن شامخة يبلغ ارتفاع كل منها 60 مترًا، وثلاث قباب تضيف لمسة معمارية مميزة، ويضم 10 مداخل رئيسية تحتوي على 64 بابًا، بالإضافة إلى غرفة بث إذاعي متطورة تُستخدم لبث خطبة عرفة وصلاتي الظهر والعصر مباشرةً عبر الأقمار الصناعية إلى جميع أنحاء العالم.
ومع بداية موسم الحج لهذا العام، قامت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بفرش المسجد بسجاد فاخر يغطي مساحة تبلغ 125,000 متر مربع، إلى جانب إطلاق سلسلة من المشاريع التطويرية النوعية التي تهدف إلى تحسين بيئة المسجد وتعزيز راحة الحجاج. شملت هذه المشاريع تركيب 19 مظلة في الساحة الخلفية تساهم في خفض درجة الحرارة بمقدار 10 درجات مئوية، ودهان الأرضيات بمادة عاكسة للشمس، فضلاً عن تشغيل 117 مروحة ضبابية متصلة بشبكات مياه عالية الضغط، تساهم في خفض درجات الحرارة في الساحات المحيطة بنحو 9 درجات مئوية.
كما تم تحديث نظام التهوية والتكييف من خلال نظام ذكي للتحكم في جودة الهواء، يسمح بتجديد الهواء داخل المسجد بنسبة 100% مرتين كل ساعة، مما يوفر بيئة صحية وآمنة لضيوف الرحمن.
وفي الجانب الصحي، تم تركيب 70 وحدة لتبريد المياه بطاقة إنتاجية تبلغ 1,000 لتر في الساعة لكل وحدة، وهو ما يخدم نحو 140,000 حاج في الساعة. ويأتي ذلك ضمن مشروع ترميم متكامل تضمن معالجة 5,800 متر طولي من فواصل التمدد، واستبدال العزلين الحراري والمائي، بالإضافة إلى تجديد الأرضيات والدهانات، وتثبيت وحدات إنارة LED عالية الكفاءة، وتطوير اللوحات الكهربائية، إلى جانب تعزيز نظام تصريف مياه الأمطار.
ولتقديم خدمات أمنية ولوجستية متكاملة، جُهز المسجد بنظام صوتيات متطور وكاميرات مراقبة متقدمة، مع تنظيم حركة الحجاج عبر 72 بابًا رئيسيًا، تديرها فرق تشغيل وصيانة تعمل على مدار الساعة لضمان راحة الحجاج وتسهيل حركتهم.
وفي سياق الجهود التطويرية في المشاعر المقدسة، نفذت شركة كِدانة للتنمية والتطوير، بصفتها المطور الرئيس للمشاعر، عددًا من المشاريع المساندة حول المسجد، تضمنت تركيب 320 مظلة و350 عمود رذاذ، إضافة إلى تشجير مساحة تبلغ نحو 290,000 متر مربع بغرس أكثر من 20,000 شجرة، مما يعزز من جودة البيئة ويسهم في إثراء التجربة الإيمانية والروحية للحجاج في مشعر عرفات.
إقرأ المزيد :