نيجيريا .. انخفاض التضخم واستمرار تشديد القيود على البنوك لتعزيز الاستقرار المالي

سجل معدل التضخم في نيجيريا انخفاضًا للشهر الثاني على التوالي، حيث بلغ 22.97% خلال شهر مايو الماضي، مقارنة بـ 23.71% في أبريل السابق، مما يعكس تحسنًا نسبيًا في الوضع الاقتصادي رغم استمرار بعض التحديات الهيكلية.
وأوضح تقرير مؤشر أسعار المستهلك الصادر عن الهيئة الوطنية للإحصاء النيجيرية – بحسب ما نقلته صحيفة “فانجارد” النيجيرية اليوم الإثنين – أن معدل تضخم أسعار الغذاء السنوي انخفض أيضًا إلى 21.14% في مايو مقارنة بـ 21.26% في أبريل، ما يشير إلى استقرار نسبي في أسعار السلع الغذائية التي تمثل جزءًا كبيرًا من إنفاق الأسر.
وعلى أساس سنوي، انخفض معدل التضخم العام خلال مايو 2025 بمقدار 10.98% مقارنة بمعدله المسجل في مايو 2024، والذي بلغ آنذاك 33.95%.
البنك المركزي يفرض قيودًا جديدة على البنوك
في سياق متصل، أصدر البنك المركزي النيجيري توجيهات جديدة تلزم البنوك التي تخضع حاليًا للتسهيلات التنظيمية بعدم توزيع الأرباح على المساهمين وتأجيل صرف المكافآت للإدارة التنفيذية، بالإضافة إلى وقف أية استثمارات جديدة في الشركات التابعة خارج نيجيريا أو في مشروعات دولية.
وذكرت منصة “نايراميتركس” الاقتصادية أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة أوسع للبنك المركزي لتعزيز قوة رؤوس أموال البنوك، وتحسين ملاءتها المالية، وضمان توافر السيولة لدعم استقرارها المالي على المدى القصير والمتوسط.
وأكد البنك المركزي أن هذه القيود ستظل سارية حتى يتم التأكد من إنهاء العمل بالتسهيلات التنظيمية والتحقق من التزام البنوك بالمعايير المعتمدة لكفاية رأس المال والمخصصات الاحترازية من خلال عمليات تدقيق مستقلة.
تفاصيل التوجيهات الصادرة عن البنك المركزي
وجاء في التوجيه الرسمي للبنك المركزي النيجيري أن “هذا التعليق المؤقت سيستمر حتى يتم الخروج بالكامل من التسهيلات التنظيمية، والتأكد من أن مستويات رأس المال والمخصصات الاحترازية متوافقة مع المتطلبات القياسية. ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان بقاء الموارد المالية داخل البنوك لتلبية التزاماتها وتعزيز استقرارها المالي بطريقة مدروسة”.
وبموجب هذه التوجيهات، يتعين على البنوك المعنية القيام بما يلي:
-
تجميد توزيع الأرباح على المساهمين.
-
تأجيل صرف المكافآت لأعضاء الإدارة التنفيذية والإدارة العليا.
-
الامتناع عن إجراء أي استثمارات جديدة خارج البلاد أو في شركات تابعة دولية.
وتظل هذه الإجراءات سارية حتى إثبات التزام البنوك بالكامل بمتطلبات رأس المال والاحتراز المالي، مع تقديم تأكيد مستقل بذلك من الجهات الرقابية المختصة.
محللون: تحول استراتيجي في نهج البنك المركزي
وبحسب محللين في “نايراميتركس”، فإن هذا القرار يعكس تحولًا في استراتيجية البنك المركزي من تقديم الدعم المؤقت للقطاع المصرفي إلى فرض رقابة مالية أشد صرامة، خاصة مع اقتراب البنوك من تنفيذ خطة لإعادة الرسملة التي من المتوقع استكمالها بحلول عام 2026.
تحديات اقتصادية متصاعدة تستدعي تشديد الرقابة
يأتي هذا القرار في ظل تحديات اقتصادية متزايدة تواجه نيجيريا، أبرزها تقلبات سعر صرف العملة المحلية، واستمرار مستويات التضخم المرتفعة نسبيًا، وازدياد تعرض البنوك النيجيرية لقطاعات اقتصادية عالية المخاطر، مما يفرض ضرورة الحفاظ على السيولة وكفاية رأس المال لضمان الاستقرار المالي.
وكان البنك المركزي قد اتخذ إجراءات مماثلة خلال السنوات الماضية. ففي أبريل 2022، مدّد سياسة التيسير في أسعار الفائدة على القروض عامًا إضافيًا لتخفيف تداعيات جائحة “كوفيد-19″، مما أدى إلى زيادة المخاطر الائتمانية دون حلول فورية لمعالجتها. كما أصدر البنك في سبتمبر 2023 قرارًا يمنع البنوك من استخدام أرباح إعادة تقييم العملة الأجنبية في توزيع الأرباح أو تمويل النفقات الرأسمالية، وفرض الاحتفاظ بها ضمن “احتياطي تنظيمي خاص”، وأعاد التأكيد في مارس 2024 على الطبيعة المؤقتة لهذه الأرباح، داعيًا البنوك لاستخدامها في تدعيم رأس المال.
توسيع نطاق القيود لحماية القطاع المصرفي
يمثل القرار الجديد توسعًا في نطاق القيود السابقة، إذ لم يعد يقتصر على توجيه الأرباح فقط، بل شمل أيضًا الأطراف المستفيدة من الأرباح وقنوات استخدامها، ضمن سياسة رقابية أكثر حزمًا تستهدف مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية وضمان استدامة القطاع المصرفي النيجيري.
إقرأ المزيد :