أخبار عاجلةاخبار افريقيا

أزمة تطعيم الأطفال تهدد ملايين الأرواح في إفريقيا والعالم وسط تصاعد الفجوة الصحية

دراسة علمية حديثة تحذر: التباطؤ في حملات التحصين يعرّض الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لأمراض مميتة

حذرت دراسة دولية نشرتها مجلة ذا لانسيت الطبية البريطانية، اليوم الأربعاء، من تراجع وتيرة تطعيم الأطفال ضد الأمراض المهددة للحياة في مختلف أنحاء العالم، خاصة في قارة إفريقيا كأكثر المناطق تأثرًا بسبب استمرار التفاوتات الاقتصادية، والتداعيات الممتدة لجائحة كوفيد-19، وتنامي المعلومات المضللة حول اللقاحات.

وتأتي هذه الدراسة، التي شملت تحليلًا دقيقًا لتوجهات التطعيم في 204 دولة ومنطقة بين عامي 1980 و2023، قبيل انعقاد مؤتمر التبرعات الخاص بـ”التحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي)” في العاصمة البلجيكية بروكسل.

154 مليون حياة أنقذها التطعيم.. لكن أفريقيا لا تزال في خطر

أشارت الدراسة إلى أن برامج التحصين الأساسية التابعة لمنظمة الصحة العالمية ساهمت في إنقاذ حياة ما يقرب من 154 مليون طفل خلال العقود الخمسة الماضية، مع مضاعفة معدلات التغطية بلقاحات أساسية مثل الدفتيريا والكزاز والسعال الديكي والحصبة وشلل الأطفال والسل بين عامي 1980 و2023.

ورغم هذا الإنجاز، إلا أن التقرير يحذر من أن هذا التقدم يُخفي وراءه تحديات مستجدة، خاصة في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وعلى رأسها بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

تراجع عالمي في اللقاحات وتفاوتات صارخة في أفريقيا وآسيا

تبيّن أن معدلات التطعيم ضد الحصبة شهدت انخفاضًا بين عامي 2010 و2019 في نحو نصف دول العالم، لا سيما في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، إلى جانب الدول الغنية التي شهدت بدورها تراجعًا في تلقي الأطفال جرعة واحدة على الأقل من اللقاحات الحيوية.

وتفاقم الوضع بشكل كبير خلال وبعد جائحة كوفيد-19. ففي الفترة من 2020 إلى 2023، حُرم نحو 13 مليون طفل إضافي من الجرعة الأولى للقاحات الأساسية، كما لم يتلقّ نحو 15.6 مليون طفل الجرعات الثلاث الكاملة من لقاحات الخناق والكزاز والسعال الديكي أو الحصبة.

وتبرز الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى كواحدة من أكثر المناطق تأثرًا، إذ يُقدَّر أن أكثر من نصف الأطفال غير المُلقَّحين في العالم عام 2023 – وعددهم 15.7 مليون – يعيشون في ثماني دول فقط، معظمها تقع في أفريقيا وجنوب آسيا.

التطعيم: أحد أقوى التدخلات الصحية المهددة اليوم

قال الدكتور جوناثان موسر، الباحث الرئيسي في الدراسة من المعهد الأمريكي للمقاييس الصحية والتقييم (IHME): “يعد التطعيم الروتيني للأطفال أحد أكثر تدخلات الصحة العامة فعالية وتكلفة، لكنه مهدد اليوم بسبب التفاوتات العالمية وتبعات كوفيد-19 والمعلومات المضللة”.

من جهتها، حذّرت الباحثة إميلي هاوسر من أن النزاعات المسلحة، وتقلبات المناخ، والتدهور الاقتصادي، وتصاعد أعداد اللاجئين، كلها عوامل تُعمّق الفجوة الصحية وتزيد من هشاشة أنظمة التطعيم، خصوصًا في أفريقيا.

الأمراض تعود للانتشار والتكلفة الإنسانية تتصاعد

رصد التقرير عودة ظهور أمراض يمكن الوقاية منها بسهولة بالتطعيم، مثل الحصبة وشلل الأطفال، في مناطق مختلفة حول العالم. فالاتحاد الأوروبي سجل في عام 2024 عشر مرات أكثر من حالات الحصبة مقارنة بـ2023، كما سجلت الولايات المتحدة أكثر من ألف حالة مؤكدة الشهر الماضي وحده.

في أفريقيا وآسيا، تم تسجيل عودة حالات شلل الأطفال في كل من باكستان وأفغانستان، إلى جانب انتشار وبائي في بابوا غينيا الجديدة.

أهداف منظمة الصحة العالمية لعام 2030 مهددة بالفشل

يحذر التقرير من أن هذه الانتكاسات تهدد بتحقيق أهداف منظمة الصحة العالمية، التي تسعى إلى تطعيم 90% من الأطفال والمراهقين حول العالم باللقاحات الأساسية بحلول عام 2030.

كما تهدف إلى خفض عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعة من لقاح الدفتيريا والكزاز والسعال الديكي إلى النصف مقارنة بعام 2019. لكن حتى الآن، لم تحقق هذا الهدف سوى 18 دولة فقط، رغم التمويل الكبير المقدم من مؤسسة بيل وميليندا جيتس والتحالف العالمي للقاحات.

بيل جيتس: للمرة الأولى منذ عقود.. وفيات الأطفال ستزداد

في سياق متصل، صرّح بيل جيتس، مؤسس مايكروسوفت والراعي الرئيسي لمؤسسة “جافي”، بأن العالم يشهد خطرًا غير مسبوق على حياة الأطفال: “لأول مرة منذ عقود، من المرجح أن يزداد عدد وفيات الأطفال حول العالم هذا العام، لا أن ينخفض. هذه مأساة”.

وتعهد جيتس بتقديم 1.6 مليار دولار لدعم تحالف “جافي” لمواصلة مهامه في التحصين الشامل، خاصة في الدول ذات البنية الصحية الضعيفة.

أفريقيا في بؤرة الخطر: دعوات لتمويل عاجل وتعاون دولي

يشدد الخبراء في ختام الدراسة على أن مستقبل الأطفال في قارة أفريقيا مرهون بتوسيع برامج التطعيم، ومعالجة جذور التفاوتات الصحية، وتوفير الدعم المالي والتقني للدول الأكثر تأثرًا.

كما دعوا الحكومات والمنظمات الدولية إلى تكثيف التمويل والدعم الفني لتمكين أنظمة الصحة في أفريقيا من تجاوز الأزمات المتراكمة، والوفاء بالتزامات التحصين بحلول 2030.

إقرأ المزيد :

« الاتحاد الأفريقي » : أفريقيا ستنتج 60% من اللقاحات التي تحتاجها بحلول العام 2040

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »