جامبيا:بسبب غياب الشفافية البرلمان يحقق في بيع ممتلكات الديكتاتور الأسبق يحيي جامع

في جامبيا بدأت اللجنة البرلمانية الجامبية جلسات استماع علنية للتحقيق في بيع ممتلكات الرئيس السابق يحيي جامع المصادرة، والتي شملت: أسهمًا في شركة جام بتروليوم بقيمة 551 مليون دولار جامبي وعقارات في كير سيرين وحدائق بروفوت بقيمة 202 مليون دولار جامبي، وكذلك شركة كوميوم جامبيا للاتصالات بـ5.75 مليون دولار جامبي.

وأثارت عمليات البيع غضبًا شعبيًا بسبب غياب الشفافية، خاصة بعد بيع سيارة نيسان بمبلغ 30 يورو رمزيًا، مما دفع الرئيس آداما بارو إلى تعزيز الرقابة على فريق العمل الوزاري المسؤول.

تأتي هذه التحركات عقب محاكمات دولية لمسؤولين سابقين، ففي أبريل 2025، أُدين مايكل سانج كوريا (جندي سابق في وحدة “الجنغلي” التابعة لجامع) بتهمة التعذيب في محكمة أمريكية، وهي أول إدانة لغير أمريكي بموجب قانون الجرائم الدولية لعام 1994.
و في ألمانيا، تُجرى محاكمة باي لوي(سائق فرقة الموت) بتهمة القتل والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك اغتيال الصحفي ديدا حيدارا عام 2004.

جهود العدالة الانتقالية.

من جانب آخر لم تنفذ توصيات لجنة الحقيقة والمصالحة (2019–2021) بالكامل، خاصةً مع إنشاء محكمة مختلطة تحت رعاية “الإيكواس” المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لمحاكمة جامع ومساعديه، كما تعيين حليف جامع السابق فاباكاري تومبونغ جاتا رئيسًا للبرلمان في 2025 مما أثار مخاوف من إعاقة العدالة.

الوصول إلى السلطة

تسلّم يحيى جامع (مواليد 1965) السلطة في غامبيا عبر انقلاب عسكري غير دموي في يوليو 1994، منهيًا حكم الرئيس داودا جاوارا، وحكم جامع البلاد الواقعة في غرب إفريقيا لمدة 22 عامًا (1994–2017) تحت نظام وصفته التقارير الدولية بـ”القمعي”، حيث قمع المعارضة وارتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإعدامات خارج القانون والاختفاء القسري والتعذيب والاغتصاب المنظم .

أُعيد انتخابه في 2006 و2011 وسط اتهامات بالتزوير، قبل أن يهزم في انتخابات 2016 أمام آداما بارو.
اتُهم جامع باختلاس أكثر من 50 مليون دولار من البنك المركزي قبل مغادرته إلى المنفى في 2017، وصادرت الحكومة الجامبية ممتلكاته، بما في ذلك: 88 حسابًا بنكيًا باسمه وشركائه، 14 شركة، منها شركات لحوم وألبان وفندق، 131 قطعة أرض وعقارات فاخرة في مناطق مثل كير سيرين .

انتهاكات حقوق الإنسان في عهد جامع :

تمثلت من القمع إلى الاغتصاب، حيث كشفت لجنة الحقيقة والمصالحة (TRRC) التي أُسست في 2017 عن جرائم مروعة منها اغتصاب منهجي: مثل قضية فاتو جالو، ملكة جمال سابقة، التي اتهمته باغتصابها بعد رفضها الزواج منه، وحقنها بمادة مخدرة في القصر الرئاسي .
وكذلك قتل وتعذيب المعارضين
وتضمنت تقارير اللجنة إعدامات جماعية وتعذيب سجناء سياسيين .

الأزمة السياسية والمنفى

رفض جامع نتائج انتخابات 2016 وفرض حالة الطوارئ، مما أجبر إيكواس على التهديد بتدخل عسكري، لكن بعد وساطة من رؤساء موريتانيا وغينيا، غادر إلى غينيا الاستوائية في يناير 2017 بضمانات بعدم الملاحقة، رغم أن الحكومة الحالية تهدد باعتقاله حال عودته .

المساءلة الدولية والمستجدات

في 2024، بدأت غامبيا بالتعاون مع إيكواس إنشاء محكمة مختلطة لمحاكمة جرائم جامع، كأول محكمة من نوعها في غرب أفريقيا . وفي يوليو 2025، تُعقد جلسات برلمانية للتحقيق في بيع ممتلكاته المصادرة، كجزء من سياسات الرئيس بارو لتعزيز الشفافية

إرثه وتحديات العدالة

يظل جامع نموذجًا للديكتاتورية في أفريقيا، حيث مزج بين القمع السياسي والفساد الممنهج، رغم التقدم في مساءلته، تواجه جامبيا تحديات مثل: ضعف البنية التحتية القضائية، ومخاوف من انتقام أنصاره، بالإضافة إلي تعقيدات استرداد الأموال المنهوبة .

في النهاية من انقلاب عسكري إلى منفى مريح، تبقى قصة يحيى جامع تحذيرًا من مخاطر الحكم الفردي، بينما تسعى جامبيا لطي هذه الصفحة، تبرز جلسات يوليو 2025 كاختبار حقيقي لالتزامها بالعدالة الانتقالية.