تحركات إثيوبية جديدة لـ”تصدير الثورة” إلى إريتريا للإطاحة بالنظام في أسمرة

في إثيوبيا أعلن اليوم المؤتمر الوطني لـ”عفر إريتريا” أحد جماعات المعارضة لنظام الرئيس الإريتري أسياس أفورقي انضمامه للمجموعات الإريترية المعارضة، والتي تتخذ من اثيوبيا مقرًا لها و تحظي برعاية و دعم وتمويل أديس أبابا بهدف إسقاط نظام اسمرا .
و بسبب الأطماع الإثيوبية في أراضي إريتريا لإيجاد منفذ بحري لها علي البحر الأحمر تحولت إريتريا التي كانت حليفاً رئيسياً لأديس أبابا في حربها ضد “جبهة تحرير تيغراي”2020-2022، إلى عدوٍ استراتيجي.
و لتنفيذ مخططها، ووفقاً لتحليلات مستقلة، بدأت إثيوبيا منذ أوائل 2023 في تبني سياسة معلنة لـ”تغيير النظام في أسمرة” عبر: استضافة الجماعات المعارضة وفتحت مكاتب سياسية وعسكرية لمجموعات مثل “المؤتمر الوطني لعفر إريتريا” في مدينة سيميرا الحدودية، و”حركة اللواء نحميدو” (المعروفة باسم “الثورة الزرقاء”) في أديس أبابا، والتي تدعو صراحةً للإطاحة المسلحة بأسياس أفورقي .
وتوفير اثيوبيا ملاذ آمن وغطاء لوجستي لهجمات مجموعات مثل “التحالف الوطني الإريتري” الذي يضم 13 تنظيماً مسلحاً، ويخطط لهجمات منسقة من الأراضي الإثيوبية .
أدوات الضغط الإثيوبية
توفر اثيوبيا الدعم العسكري والدبلوماسي، فعلي صعيد الدعم اللوجستي والعسكري، سمحت إثيوبيا للمعارضة الإريترية بعقد مؤتمرات علنية، مثل مؤتمر “برقيد نحمدو” في يناير 2025، الذي جمع قادة عالميين لوضع استراتيجية انتقال ديمقراطي في إريتريا، وقدمت أديس أبابا غطاءً لعمليات عسكرية عبر الحدود، خاصة في إقليم عفر الإريتري، حيث نفذت “الجبهة الديمقراطية لتحرير العفر” هجمات متكررة بدعم إثيوبي .
الحملات الدبلوماسية
سعت إثيوبيا للحصول على شرعية دولية للمعارضة عبر دفع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للاعتراف بها كممثل شرعي للشعب الإريتري، مستغلة تقارير حقوقية تندد بقمع أفورقي .
تحالفات مضادة ومصالح متقاطعة
رداً على الدعم الإثيوبي للمعارضة، دخلت إريتريا تحالفاً استراتيجياً مع مصر والصومال هدفه “مكافحة الإرهاب وتأمين البحر الأحمر”، لكن أديس أبابا وصفته بـ”التهديد المباشر” خاصة بعد أن أعلنت إثيوبيا صراحة عن اطماعها بضرورة أن يكون لها منفذ بحري علي ولو كان على حساب اراضي إريتريا، وهو ما عبر عنه القائد العسكري الإثيوبي برهانو جولا حول “حق إثيوبيا التاريخي في الموانئ البحرية”، مثل عصب، أعطت بعداً اقتصادياً للصراع، وزادت مخاوف أسمرة من أطماع إثيوبية في أراضيها .
التحديات الداخلية:
رغم الدعم الإثيوبي، تواجه المعارضة الإريترية إشكاليات عميقة، مثل الانقسام الأيديولوجي فهناك خلافات حادة بين جماعات إسلامية (مثل “جبهة التحرير الإريترية”) وأخرى علمانية (مثل “المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي”) حول مستقبل إريتريا، خاصة حقوق القوميات، في المقابل اتهمت وسائل إعلام موالية لأسمرة بعض الجماعات، مثل “برقيد نحمدو”، بأنها “أدوات إثيوبية”، لا تمثل تطلعات الإريتريين، خصوصاً بعد كشف استخدام وثائق لجوء مزورة من قبل تيغرايين .
السيناريوهات المحتملة:
بين الحرب والتفكك، حشدت إريتريا قواتها على الحدود بعد إعلان “النفير العام”، بينما نشرت إثيوبيا دبابات ومسيرات قتالية في مناطق مثل زالمبسا، ما يزيد مخاطر اندلاع حرب مفتوحة، وقد تلجأ إريتريا إلى دعم جماعات إثيوبية معارضة مثل “فانو الأمهرية” أو “جيش تحرير أورومو” للضغط على أديس أبابا .
جذور الصراع في التاريخ والجغرافيا
يعكس الدعم الإثيوبي للمعارضة الإريترية صراعاً أعمق يعود الي إرث الحرب الحدودية (1998-2000) ورفض إثيوبيا التنفيذ الكامل لقرار “لجنة الحدود الإريترية-الإثيوبية” (EEBC) الذي منح بلدة بادم الإستراتيجية لإريتريا، ما أشعل عداءً مستمراً، أضف إلي ماسبق
صراع النفوذ في القرن الأفريقي والمنافسة على دور القطب الإقليمي، حيث تسعى إثيوبيا لتعويض فقدانها منافذ بحرية بعد استقلال إريتريا 1993، بينما تحاول أسمرة البقاء كدولة مؤثرة رغم حصارها الاقتصادي .
لعبة خطرة على حافة الهاوية
ووفقًا لبعض التحليلات وصفت التحركات الإثيوبية لـ”تصدير الثورة” إلى إريتريا عبر دعم المعارضة بأنها ليست مجرد مناورة سياسية، بل جزء من حرب وجود بين نظامين. نجاحها مرهون بقدرة أديس أبابا على توحيد صفوف المعارضة الإريترية المتنافرة، وتجاوز مخاوف الإريتريين من “الأجندة الإثيوبية”. في المقابل، قد تدفع إريتريا ثمناً باهظاً إذا فشلت في كسر عزلتها الدولية أو احتواء التمرد الداخلي، السيناريو الأسوأ؟ حرب إقليمية تشعل القرن الأفريقي بأكمله .
فإثيوبيا وإريتريا يمارسان نفس التكتيك: دعم معارضي الآخر… لكن الفرق أن إريتريا تعرف كيف تختار حلفاءها بعناية، بينما تخوض إثيوبيا معركة وجود على جبهات داخلية وخارجية”.