الدكتور محمود أحمد فراج يكتب: مصر ونموها الاقتصادي في ظل التحديات الإقليمية: نظرة على الاستثمارات الخليجية!

في خضم التوترات السياسية وتقلبات أسعار النفط العالمية، التي تضغط على ميزانيات دول الخليج وتهدد حركة التجارة الدولية، تبرز مصر كوجهة استثمارية جاذبة وملاذ آمن لرؤوس الأموال الخليجية في ظل هذه الظروف، بالإضافة إلى سعي دول الخليج لتعميق سياسات التنويع الاقتصادي بعيدًا عن النفط، تعزز من أهمية الشراكة مع مصر.
كيف تنعكس هذه التوترات على الاقتصاد المصري؟
1. تدفق استثمارات خليجية ضخمة:
◦ الكويت: تستهدف الكويت زيادة استثماراتها في مصر بنحو 20% خلال عام 2025 لتصل إلى 5.3 مليار دولار، مع خطط لضخ استثمارات جديدة تتجاوز 10 مليارات دولار في السنوات المقبلة.
◦ قطر: اتفقت على ضخ استثمارات مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار في السوق المصرية.
◦ الإمارات: تجسد صفقة تطوير مشروع رأس الحكمة الاستثنائية بقيمة 35 مليار دولار (مع توقعات باستثمارات إضافية تصل إلى 150 مليار دولار للمشروع) نموذجًا بارزًا لهذه الثقة.
◦ السعودية: سجلت استثمارات سعودية في مصر نحو 2.4 مليار دولار في العام المالي الماضي، وهناك شراكة استراتيجية ورؤى اقتصادية متقاربة.
2. دعم النمو الاقتصادي وتخفيف الضغوط:
◦ خلق فرص عمل: ستساهم هذه الاستثمارات في توفير العديد من فرص العمل الجديدة للمصريين.
◦ استقرار النقد الأجنبي: تساعد تدفقات الأموال الخليجية في تحقيق استقرار سعر الصرف وتوفر العملة الأجنبية، مما ينعكس إيجابًا على أسعار السلع.
◦ تخفيف ضغط الدين الخارجي: تعد هذه الاستثمارات ملاذًا آمنًا لتخفيف الضغط الناتج عن الدين الخارجي المتزايد لمصر. كما أنها تسهم في سد الفجوة التمويلية بين الإيرادات والالتزامات الدولارية لمصر.
◦ زيادة معدلات النمو: تساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتنمية المناطق المستهدفة.
3. توطين الصناعات وتنويع الاقتصاد:
◦ تستهدف الاستثمارات قطاعات حيوية مثل صناعة الدواء، الأمن الغذائي، السياحة، الزراعة، تصنيع السيارات، الطاقة المتجددة، النقل، الهيدروجين الأخضر، والعقارات.
◦ هذا التنوع يساهم في توطين العديد من الصناعات ودعم الإنتاج الوطني، وتقليل فاتورة الواردات وزيادة الصادرات، خاصة في القطاع الزراعي الذي شهد طفرة كبيرة.
◦ الحكومة المصرية تقدم “الرخصة الذهبية” وتسهيلات لدعم المستثمرين وتوطين الصناعة.
كل هذا يقف أمام قرارات صندوق النقد والبنك الدولي والضغط على مصر أن تدفق هذه الاستثمارات الخليجية الضخمة له أثر بالغ الأهمية في تخفيف الضغوط الاقتصادية الخارجية على مصر. فمن خلال:
• سد الفجوة التمويلية بالعملة الصعبة (والتي بلغت 10 مليارات دولار خلال العام المالي الجاري).
• توفير العملة الأجنبية وتحقيق استقرار سعر الصرف.
• تخفيف ضغط الدين الخارجي المتزايد.
• زيادة احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي.
كل هذه العوامل تعزز من مرونة الاقتصاد المصري وتقلل من حاجته للجوء إلى تمويلات خارجية بشروط قد تكون قاسية.
هذا الدعم المالي والاستثماري الكبير من دول الخليج يعمل كعامل مساعد لمصر في التعامل مع التحديات الاقتصادية، وبالتالي يقلل من حجم أو تأثير الضغوط التي قد تفرضها المؤسسات المالية الدولية في سياق برامج الإصلاح الاقتصادي أو إعادة هيكلة الديون.
خلاصة القول: على الرغم من التوترات الجيوسياسية في المنطقة والخسائر التي تكبدتها مصر (مثل تراجع إيرادات قناة السويس بسبب تهديدات الحوثيين للملاحة فى البحر الأحمر )، إلا أن العلاقات الجيدة مع دول الخليج والتكامل الاقتصادي، بالإضافة إلى تحسن البنية التحتية المصرية وبيئة الاستثمار الآمنة، تجعل مصر وجهة مفضلة للاستثمارات الخليجية. هذه الاستثمارات تلعب دورًا محوريًا في دعم استقرار العملة، وخلق فرص العمل، وتخفيف أعباء الدين، وتحقيق التنمية المستدامة، مما يعزز من صمود وتماسك الاقتصاد المصري ويمنحه قوة أكبر في مواجهة التحديات الاقتصادية والضغوط الخارجية.
اقرأ المزيد
82 ألف سوداني يعودون من مصر إلى السودان عبر مبادرة العودة الطوعية