تواصل غانا تأكيد مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات السياحية في القارة الأفريقية، بعد أن حققت في عام 2024 أرقامًا قياسية غير مسبوقة على جميع المستويات، سواء في أعداد الزوار أو العائدات.
فوفقًا لتقرير “النمو والاستقرار” الصادر عن هيئة السياحة الغانية، استقبلت البلاد 1.288 مليون زائر دولي خلال عام 2024، بنسبة نمو 12% مقارنة بالعام السابق. وقد أسهم هؤلاء الزوار في تحقيق إيرادات سياحية بلغت 4.8 مليار دولار أمريكي، وهي أعلى حصيلة مالية في تاريخ السياحة الغانية.
هذا الأداء الاستثنائي جاء مدفوعًا بارتفاع أعداد السياح من الأسواق التقليدية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ونيجيريا، حيث سجلت الأخيرة وحدها نموًا بنسبة 25% في أعداد الوافدين، ما يعكس جاذبية غانا المتزايدة بين شعوب غرب أفريقيا والشتات الأفريقي حول العالم.
من أكرا النابضة بالحياة إلى القلاع التاريخية في كيب كوست وإلمينا، تواصل غانا تقديم تجربة سياحية متكاملة تمزج بين الثقافة، والتاريخ، والطبيعة، والضيافة الراقية. ويُعد مهرجان “ديسمبر في غانا” أبرز محطات الجذب خلال العام، حيث أقام الزوار خلاله ما معدله 22 ليلة، وأنفقوا أكثر من 700 دولار يوميًا، مما يعكس قوة المنتج السياحي الغانـي وقدرته على جذب الزوار الباحثين عن الترفيه والهوية الثقافية في آنٍ معًا.
كما شهدت السياحة الداخلية نموًا ملحوظًا، إذ تم تسجيل 1.68 مليون زيارة للمواقع السياحية الوطنية، بزيادة نسبتها 19%. وظلت حديقة كوامي نكروما التذكارية الوجهة الأكثر جذبًا، بينما واصلت حدائق كاكوم وبونسو النباتية استقطاب محبي الطبيعة والمغامرة.
أما قطاع الضيافة، فقد شهد طفرة في أعداد المنشآت السياحية المرخصة، التي بلغت 6,702 منشأة بزيادة تقارب 16% عن العام السابق، في حين بلغ متوسط الإنفاق لكل رحلة سياحية 3,742 دولارًا، ما يعكس تنوع التجربة السياحية وثقة الزوار في جودة الخدمات.
وفي تطور لافت، صعد نجم السياحة البحرية في البلاد، حيث استقبلت غانا 14 سفينة سياحية تقل أكثر من 12,600 راكب، بنسبة زيادة 38%. وقد أعرب 88% من ركاب هذه السفن – ومعظمهم من الأمريكيين – عن رضاهم التام عن تجربتهم في غانا، واعتبروها وجهة مثالية تستحق العودة.
وفي حفل إطلاق التقرير السنوي، عبّرت الرئيسة التنفيذية لهيئة السياحة الغانية، مامي إيفوا هوادجيتو، عن فخرها بأداء القطاع، مشيدة بجهود التسويق الإبداعي والمبادرات الوطنية مثل “شاهد غانا، تناول الطعام في غانا، ارتدِ ملابس غانا، اشعر بغانا”، والتي عززت الهوية السياحية الوطنية.
وأكدت أن غانا لا تركز فقط على جذب الزوار، بل تسعى إلى جعل التنمية السياحية رافدًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يعود بالنفع المباشر على المجتمعات المحلية ويحافظ على التراث للأجيال القادمة.
من جانبه، اعتبر نائب وزير السياحة والثقافة والفنون الإبداعية، يوسف إيساكا جاجاه، أن التقرير السنوي يمثل “لوحة جدارية تُجسّد التقدم”، مشيرًا إلى أهمية الاستناد إلى البيانات في صياغة استراتيجيات سياحية قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
وتتجه خطط الوزارة خلال المرحلة المقبلة إلى ترميم الحصون والقلاع، وتطوير التجمعات السياحية الإقليمية، وتمكين المبادرات الشبابية والنسائية، في حين شدد جاجاه على ضرورة تعزيز أداء المواقع التراثية، التي تمتلك مقومات غير مستغلة بالكامل رغم أهميتها التاريخية والثقافية، خاصة في سردية الشتات الأفريقي.
غانا الآن ليست فقط بوابة إلى أفريقيا، بل وجهة أفريقية رائدة، تثبت عاماً بعد عام أن السياحة يمكن أن تكون قصة نجاح وطنية ترتكز على التراث والتنوع والابتكار.
