السياح الروس يتجهون الي أفريقيا لقضاء عطلاتهم وخوض تجارب سفر استثنائية

في تحول واضح في أنماط السفر، بدأ عدد متزايد من السياح الروس، وخاصة سكان موسكو، بالتوجه إلى القارة الأفريقية لقضاء عطلاتهم، ليس فقط للتمتع بشواطئها الدافئة، بل أيضًا لخوض تجارب استثنائية ومغامرات لا تُنسى مثل رحلات السفاري، واستكشاف الطبيعة الخلابة، وزيارة أماكن لا تزال بكراً.
وجهة جديدة على خارطة الروس السياحية
جاء هذا التوجه بعد أن أدت قيود الطيران والتغيرات الجيوسياسية إلى تقليص خيارات السفر الأوروبية المعتادة، مما دفع السائح الروسي إلى البحث عن بدائل جديدة. أفريقيا، التي طالما كانت بعيدة عن قائمة الوجهات التقليدية، وجدت نفسها فجأة في دائرة الضوء. فقد أظهرت بيانات “كوبيبيليت” أن الاهتمام بتنزانيا ارتفع بنسبة تجاوزت 150%، تليها كينيا بـ141%، ثم سيشل بنسبة 71%. ومع بداية عام 2025، بدأت دول مثل موريشيوس ورواندا في اكتساب زخم سياحي سريع، على الرغم من أن شعبيتهما لا تزال في طور التشكّل.
مغامرة لا تُضاهى
ما يميز السياحة في أفريقيا هو كونها تجربة متكاملة أكثر من كونها مجرد عطلة تقليدية. رحلات السفاري التي تتيح رؤية الحيوانات البرية في بيئتها الطبيعية – مثل الأسد، الفيل، وحيد القرن، النمر، والجاموس – تُعد من أبرز عناصر الجذب. إضافة إلى ذلك، تقدم المتنزهات الوطنية مشاهد طبيعية آسرة، تختلف جذريًا عن أي مكان آخر في العالم، كما تشير يانا لوبنينا، كاتبة العمود في صحيفة “كوميرسانت إف إم”.
التكلفة والتيسير
ورغم أن السفر إلى أفريقيا لا يزال مكلفًا نسبيًا، إلا أن ذلك لم يُثنِ السائحين الروس عن الإقبال. تبدأ أسعار الرحلات إلى تنزانيا، على سبيل المثال، من نحو 180 ألف روبل للشخص الواحد لأسبوع شامل الطيران والإقامة، وقد تصل إلى 250 ألف روبل في الفنادق الفاخرة. أما رحلات السفاري في متنزه سيرينجيتي فتبدأ من 100 ألف روبل. كينيا بدورها تقدم خيارات أقل تكلفة تتراوح بين 120 و150 ألف روبل. في المقابل، تعتبر موريشيوس وسيشل من الوجهات الفاخرة، حيث تبدأ الأسعار من 250 ألف روبل وقد تصل إلى نصف مليون.
ورغم هذه الأرقام، يظل الطلب قويًا بفضل عدة عوامل، منها التسهيلات الكبيرة في الحصول على التأشيرات، حيث تتيح بعض الدول إصدار التأشيرة إلكترونيًا خلال 48 ساعة فقط. كما أن قبول بعض الوجهات لبطاقات “مير” الروسية يسهّل الإنفاق اليومي على المسافرين.
ما بعد السفاري: أفريقيا متعددة الأوجه
ليست الحيوانات وحدها ما يجذب السياح إلى أفريقيا. فهناك وجهات مثل جزر سيشل التي تشتهر بشواطئها الرملية البيضاء، وموريشيوس التي تقدم مزيجًا من الثقافة الفرنسية ونوادي الجولف الفاخرة. كينيا تفتخر بينابيعها الساخنة ومزارع البن، في حين أن رواندا تبرز كوجهة لعشاق تسلق الجبال ومراقبة غوريلا الجبال النادرة.
السياح الروس بدأوا يدركون هذا التنوع، ولم تعد الصورة النمطية لأفريقيا كقارة برية وغير آمنة سائدة. العديد من الوجهات أصبحت مناسبة تمامًا للعائلات، ويزداد عدد وكالات السفر التي تطرح برامج تشمل الشواطئ، والسفاري، والأنشطة الثقافية في آن واحد.
أفريقيا على خُطى مصر؟
رغم أن البنية التحتية السياحية في أفريقيا لا تزال في مراحلها الأولى مقارنة بمصر أو تركيا، إلا أن المؤشرات تدل على أن القارة تشهد نهضة سياحية حقيقية. إذا استمر الإقبال على نفس الوتيرة، فمن المتوقع أن تزداد الرحلات الجوية المباشرة، وتتحسن المرافق، ما يجعل من أفريقيا وجهة معتادة وقوية خلال الأعوام القليلة المقبلة.
وبينما لا تزال القارة تحافظ على نكهتها الأصلية ولم تطلها موجات الاكتظاظ السياحي، فإن من يكتشفها اليوم هو بلا شك من الرابحين – حيث الطبيعة البكر، والتجارب الأصيلة، والجمال الأخّاذ الذي لم تُفسده الزحمة بعد.
إقرا المزيد:-
موجة الحر الشديدة في أوروبا تُغلق المعالم السياحية والمدن
لواندا تستضيف مؤتمرًا وزاريًا أفريقيًا لتعزيز التكامل بين السياحة والنقل الجوي
2025 عام التحوّل: كيف تعيد 6 دول عربية رسم خريطة الطيران والسياحة في الشرق الأوسط؟
وزارة السياحة والآثار تعتمد الضوابط المنظمة لتنفيذ رحلات العمرة لموسم الجديد
قمة جوهانسبرج 2025: مستقبل السياحة الأفريقية يبدأ من ابتكارات الشباب