كشفت دراسة حديثة صادرة عن جامعة مانشستر البريطانية أن ما يُعرف بـ”السياحة الفاخرة” في إفريقيا لا يحقق المنافع المرجوة للسكان المحليين، بل قد يسهم في زيادة الفجوة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمعات المضيفة.
المنتجعات الفاخرة.. جزر معزولة عن الواقع المحلي
أوضحت الدراسة أن المنتجعات والفنادق الفاخرة في القارة السمراء غالبًا ما تُبنى بمعزل عن البيئة المحلية، ما يحرم القرى والمدن المجاورة من الاستفادة الاقتصادية المباشرة. ورغم أن هذه الوجهات تُسوَّق باعتبارها بوابات لاكتشاف إفريقيا، إلا أنها عمليًا تُغلق أبوابها أمام التفاعل الحقيقي بين السائح والمجتمع المحلي.
وأضافت الدراسة أن غالبية هذه المؤسسات توظف عددًا محدودًا من العمالة المحلية، بينما تظل الوظائف العليا والإدارية حكرًا على خبراء أجانب، مما يضعف من فرص تمكين الشباب الأفارقة في قطاع السياحة.
وأشارت الدراسة إلى أن شركات الطيران الدولية عززت رحلاتها نحو إفريقيا في ظل تنامي الطلب على رحلات العمل والترفيه، مما جعل القارة أكثر جاذبية للشركات متعددة الجنسيات. غير أن العوائد المالية الناتجة عن هذا النشاط غالبًا ما تُحوَّل خارج القارة، تاركة أثرًا محدودًا على الاقتصادات المحلية.
كما حذّرت الدراسة من أن الإنفاق السياحي يظل محصورًا داخل حدود المنتجعات، بينما تُحرم الأسواق التقليدية، والحرف اليدوية، والمطاعم المحلية من نصيبها من حركة السياحة.
وقدمت جامعة مانشستر توصيات لتعزيز دور المجتمعات المحلية في صناعة السياحة، على رأسها: تشجيع السياحة المجتمعية التي تتيح للزوار الإقامة والتفاعل مع السكان المحليين، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بالحرف اليدوية والمنتجات التقليدية، ووضع سياسات حكومية تلزم المنتجعات الفاخرة بتشغيل نسبة أكبر من العمالة المحلية، وأيضًا تعزيز برامج التدريب للشباب في مجالات الضيافة والإدارة السياحية.
يمثل قطاع السياحة أحد أسرع القطاعات نموًا في إفريقيا، حيث يجذب ملايين السياح سنويًا بفضل تنوعه الطبيعي والثقافي. لكن استمرار الاعتماد على نموذج “السياحة الفاخرة” قد يُحوّل القارة إلى مسرح اقتصادي مغلق تستفيد منه الشركات العالمية أكثر من مواطنيها.
وتخلص الدراسة إلى أن تحقيق التوازن بين السياحة الفاخرة والتنمية المحلية هو التحدي الأكبر أمام الحكومات الأفريقية، التي يتعين عليها وضع استراتيجيات تضمن أن تكون السياحة رافعة اقتصادية حقيقية لا مجرد واجهة براقة.
