الأقصر: إعادة افتتاح المقبرة الملكية (KV22) لفرعون السلام والرخاء” أمنحتب الثالث”

في الأقصر بوادي الملوك، وبعد أكثر من عقدين من أعمال الترميم والتوثيق الدقيقة، تم إعادة افتتاح المقبرة الملكية (KV22) لفرعون السلام والرخاء” أمنحتب الثالث” وهذا ليس مجرد افتتاح موقع أثري، بل هو بعث لروح عصر ذهبي، وإعادة وصل للحضارة بماضيها المجيد. اسمحوا لي أن أقدم لكم تقريري التفصيلي كخبير متخصص:
الفرعون: أمنحتب الثالث (الملك-الإله)
لم يكن أمنحتب الثالث (حكم حوالي 1386-1349 ق.م) مجرد فرعون عادي. لُقِّبَ بـ “فرعون السلام” و “ملك البذخ والروعة” في عهده، بلغت الدولة الحديثة ذروة قوتها الاقتصادية والثقافية دون حروب كبرى، حيث اعتمد على الدبلوماسية الذكية والزواج من أميرات أجنبيات لترسيخ التحالفات.
بنى صرحه الخالد في معبد الجنائز الضخم على الضفة الغربية للأقصر، الذي كان يضم ذات يوم تمثالي “ممنون” العملاقين (اللذان ما زالا شاهدين على العظمة) لم يكن راعيهم فحسب، بل كان موضوعهم الرئيسي. تُظهر تماثيله انتفاخًا خفيفًا في البطن، وهو أسلوب فني واقعي جديد يشير إلى الرفاهية والنضج الإلهي.
المقبرة (KV22): تفاصيل العمارة والفن
الموقع: تقع في الوادي الغربي (وادي القرود) في وادي الملوك، وهو موقع اختاره هو نفسه ليكون مقبرة لعائلته الملكية الكبيرة – التصميم: على عكس المقابر المتعرجة اللاحقة (مثل توت عنخ آمون)، فإن مخططها أفقي تقريبًا، مع ممرات وغرف متتالية تنتهي بالحجرة الجنائزية.
· الكنز الحقيقي – المناظر الجدارية: بعد إزالة سنوات من الغبار وأضرار الرطوبة والتدخلات البشرية القديمة، كشف الترميم عن ألوان زاهية مذهلة تبدو كأن الفنان فرغ منها بالأمس. المناظر لا تركز على رحلة الليل الخطيرة لإله الشمس (مثل مقبرة سيتي الأول)، بل على: كتاب الآخرة (الأم دوات) و كتاب البوابات: وهي نصوص سحرية لمساعدة الملك في رحلته، ومناظر تقديم القرابين والملك مع آلهة العالم السفلي مثل أوزيريس وأنوبيس.
أهم ما يميزها: مشاهد الاحتفال بعيد “الحب سد” (اليوبيل الملكي لتجديد شباب الملك)، مما يعكس ثقافة البهجة والاحتفال في عصره، التحديات التي واجهها الترميم: عانت المقبرة لقرون من فيضانات السيول التي دخلت عبر فتحتها، تركت طبقات سميكة من الطمي على الجدران والأرضية. قام فريق مصري-دولي (بقيادة المجلس الأعلى للآثار وبمساعدة من صندوق الآثار العالمي) باستخدام: تقنيات الليزر والتصوير متعدد الأطياف لقراءة النصوص تحت الأوساخ، مواد حشو وتقوية متوافقة كيميائيًّا مع الحجر الجيري الأصلي، بالاضافة الي إضافة نظام تهوية وإضاءة LED خاص لا يضر بالألوان ويبرز جمالها.
أهمية إعادة الافتتاح في السياق التاريخي
هذا الافتتاح يكمل دائرة مهمة فبينما كنا نزور معبده الجنائزي (التمثالان) ومدينته الملكية (مالكاتا)، كانت مقبرته – مسكن روحه الأبدي – مغلقة. الآن، يمكن للزائر أن يتتبع الرحلة الكاملة لهذا الملك العظيم. كما أنها تسلط الضوء على سلالة الأسرة الثامنة عشرة التي ينتمي إليها (أمنحتب الثالث هو جد توت عنخ آمون ووالد الفرعون المثير للجدل، إخناتون).




