أخبار عاجلةأخبار العالم

 إسراء جعابيص أيقونة الأسيرات الفلسطينيات المحررات في حديث مع ” أفرو نيوز 24 ”  .. و حكاية نضال لا ينكسر

>> إسراء جعابيص : موجوعة ولا يمكن إزالة مشاعر الألم إلا بإقتلاع جذوره 
>> زيارات إبني و رسائله طوال سنوات الأسر منحتني الأمل لأعيش 
>> غزة تقدم للإنسانية أكبر درس في الصمود
 
 
 

تونس – اسيا العتروس

 
“موجوعة ” هو عنوان الكتاب الذي حملته الأسيرة الفلسطينية المحررة إسراء جعابيص محنتها خلف أسوار الإحتلال وهي التي احترق نصف جسدها و بترت ثمانية من أصابعها و منع عنها الإحتلال العلاج …في الحديث مع الأسيرة الفلسطينية المحررة إسراء جعابيص درس في المقاومة والصبر والتحمل ولكن أيضا درس في معاني الكرامة الإنسانية المفقودة في عالمنا اليوم , يخطئ من يعتقد أن الإعتقال والسجن يمكن أن يكسر إرادة الأسيرة المحررة اسراء جعابيص التي حلقت وهي في سجنها وتجاوزت كل الأسوار دخلت كل البيوت بعد أن تحولت الى رمز للأسيرات الفلسطينيات و أيقونة لنضال كل أم و كل إمرأة فلسطينية تعرضت للاعتقال بسبب ظلم الإحتلال .
 ثماني سنوات قضتها إسراء في السجن تاركة خلفها طفلها المعتصم إبن التسع سنوات ينتظر عودتها .. إسراء برغم ما في داخلها من جروح و ما ظهر على وجهها من حروق وما خفي أيضا من جروح على خمسين بالمائة من جسدها لا تستعطف أحدا حين تتحدث عن وجيعتها التي ضمنتها في كتابها “موجوعة ” كتاب دونته سرا خلف القضبان في إصرار استثنائي على قهر السجان الذي منع الأقلام و الأوراق على الأسيرات بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي وكسر مكتسبات الحركة الأسيرة في مواجهتها لوحش الاحتلال الاسرائيلي .تعرض أكثر من خمسين بالمائة من جسدها ووجهها للحرق وأجري عليها حتى الآن سبع عمليات و لا تزال تحتاج المزيد ..
في السجن حاول السجان كسر إرادتها بعد الحروق العميقة التي أصابتها و غيرت ملامح وجهها و لكنها كانت ترد بأنها ترى نفسها أقوى و أقدر على مواجهة المستقبل ..وجدت في الأسيرات القاصرات حصنا لها و عنوانا للأمل المصادر فاستعادت دور الحكواتي الذي كانت تقوم به قبل الأسر وعندما أدركت قبول الفتيات لها ازدادت اطمئنانا أقبلت على الكتابة وعلى التعلم و الرسم و لم تستسلم لمحاولات الإذلال و الابتزاز , حتى طفلها المعتصم الذي رآها أول مرة بعد إصابتها و بعد أن كان طلب منها ألا تاتي إلى المدرسة عندما تغادر السجن حتى لا يراها أصدقاءه عاد و أعلمها أنه يراها أجمل مما كانت و أنه يريدها أن تأتي إلى المدرسة ليراها رفاقه..هب بعض من تفاصيل المعاناة مع ظلم السجان و تداعيات الإهمال الطبي الذي تعرضت له بعد الحروق البليغة التي تعرضت لها في وجهها و جسدها .
في الحديث إلى إسراء الأسيرة المحررة تأكيد بالإضافة إلى ما سبق أنها و غيرها من الأسيرات لسن مجرد رقم في سجلات الإحتلال بل عنوان ومحطة من محطات النضال النسوي الفلسطيني في مجتمع لا فرق فيه بين رجل وامرأة في مواجهة خطر الاحتلال ..
 

-اقتلاع الألم من الداخل يحتاج اقتلاعه من جذوره

1000340837  إسراء جعابيص أيقونة الأسيرات الفلسطينيات المحررات في حديث مع " أفرو نيوز 24 "  .. و حكاية نضال لا ينكسر
تقول إسراء جعابيص “نعم مازلت موجوعة و سأبقى موجوعة إلى أن يتغير الحال , حال البلد وحال شعبنا و حال أهلنا و أحبابنا و حال السياسة و كل ما نراه و ما نسمعه و ما نعيشه و بالتالي لا يمكن إزالة الألم بالداخل قبل اقتلاع الألم من جذوره ” .
و تضيف إسراء جعابيص “لقد غادرت سجني في 26 نوفمبر 2023 انتهت حياة السجن و بدأت معي حياة اللجوء و رحلة العلاج مرت كل الجزئيات التي عشتها و بدأت مرحلة أخرى اعيشها لاول مرة .
وعن معاناتها في سجون الاحتلال ، تقول الأسيرة المحررة “قضيت تسع سنوات في حالة إهمال طبي فرض علي لتعميق الألم , صبرت على ألمي و ألم غيري علي “, تعرضت إسراء لعملية بتر أصابع في السجن و رفض الإحتلال أن تعالج ، واعتبر أن العمليات الجراحية التي تحتاجها تجميلية وليست عضوية , تعرضت في 2023 إلى عملية جراحية وحشية بقيت اثارها عالقة في مخيلتها حتى اليوم .تقول اسراء كانت العملية وكأنك تشتري لحمة .
إسراء ترفض أن تظل أسيرة ما عاشت عليه من قهر و ظلم في سجون الاحتلال وهي تعتبر أن المحنة تعزز إرادة الانسان في مواصلة أهدافه وهي تعتبر أن الدرس الأكبر في غزة أن الأهالي رغم كل المظالم والقهر و الحصار والعدوان الذي يتعرضون له يبدعون في مواجهة قيود الإحتلال .
 

-من السجن إلى رحلة اللجوء للعلاج

 
ما هي تهمة إسراء تقول محدثتنا “وجه لي الإحتلال عدة تهم بينها عملية تفجير في مدينة القدس و خارج المحسوم وهو أحد الحواجز الأمنية .
وعن ظروف الاحتلال تقول الأسيرة المحررة “لقد مرت هذه الظروف ولكنها مازالت عالقة في الذاكرة الجروح يمكن تطيب و لكن الجروح النفسية لا تطيب , خرجت من السجن و لكن لم أتخلص من جراح السجون و من الألم والأوضاع وهي مؤلمة وسيئة من أبسط إلى أخطر تفاصيلها ,فعملية نقل الأسير من المعتقل إلى المحكمة رحلة عذاب ,سيارة النقل وسيلة تعذيب للأسير سيارات متعفنة و روائح كريهة و مشتركة مع الكلاب يتعمد السائق السرعة فيتعرض الأسير للاهتزاز و يرتطم في الحديد ,أما المحاكمة فهي إساءة لكل أسير السجان يعتبر الأسير عدوه .
 

-من سجن شارون إلى الدامون

 
عن رحلتها بين السجون تقول إسراء “كانت بين سجن شارون حيث قضيت خمس سنوات و معتقل الدامون حيث قضيت ثلاث سنوات قبل أن يتم الإفراج في بداية السنة التاسعة .
وعن ظروف الإعتقال ، تقول اسراء وهي تطلق زفرة “طبعا هي ظروف قاسية بدءا من النظام الغذائي المقرف وهو طعام لا ترضى به الحيوانات و ليس البشر كل ذلك لاستفزاز الأسرى إلى المماطلة في العلاج وعدم توفر طب نسائي حتى أن إحدى الأسيرات خرجت دون رحم .
 

-معاناة مضاعفة بسبب السجينات القاصرات

 
تقول إسراء ” إن وجود السجينات القاصرات كان يخفف عنها مأساة الانفصال عن طفلها و كانت تجد معهن ما يخفف المعاناة و لكنها كانت تعتبر في نفس الوقت أن وجود فتيات في سجون الإحتلال ظلم كبير و تستحضر تجربة من كن معها “، مضيفه ” هناك أيضا مأساة الاسيرات القاصرات وأذكر ملك سلمان ومرح بكير التي كانت تحمل 13 رصاصة في ذراعها , ونورهان عوض كنت اتألم لأجلهن فقد كن أطفالا وما كان لهم أن يواجهن كل هذه الإعتداءات والاهانات أيضا بوجود آلات والكاميرا الموضوعة في الساحة تحت اشراف سجانين وسجانات كانت تحمل مزيد الاهانة .
وتابعت ” كنت كلما انتقلت من معتقل إلى معتقل أو من المعتقل إلى المستشفى أو حتى من زنزانة إلى زنزانة كنت موثقة الأطراف .
بعد السابع من أكتوبر صادروا التلفزيون و صادروا الراديو ولكننا كحركة أسيرة كنا نحاول استباق ما يجري والاحتياط بحيث نتمكن من اقتناء راديو صغير من السجن ونتابع الأخبار .
 

-ماذا عن غزة ؟

 
اليوم إزاء ما يجري في غزة وفيما تقترب حرب الإبادة في غزة من سنتها الثانية على التوالي كيف تنظر إسراء جعابيض إلى المشهد الفلسطيني وكيف علمت إسراء بانها ستكون ضمن صفقة التبادل , عن هذا السؤال تقول الأسيرة المقدسية المحررة “أولا لا بد من الإشارة إلى أن خروجي من السجن لا يعني نهاية الألم والوجيعة ممنونة للمقاومة ولغزة بهذه الحرية , علمت بأنني ضمن صفقة التبادل عبر التلفزيون عندما قرأوا القائمة و لم أكن أعلم قبل ذلك بأن إسمي مطروح .
وتضيف ” الآن علينا الخروج من دائرة الفرجة على غزة لإيقاف هذه الإبادة المستمرة ..حتى الآن للأسف ليس هناك تحرك جدي لإيقاف جرائم الإحتلال في غزة , هناك الكثير من الشعارات وهناك أيضا دعم معنوي وفي ذلك رسالة مهمة لغزة ولكن هذا غير كاف ولا يساعد على تغيير الأوضاع .
 

-ماذا لو اختار المعتصم طريق والدته ؟

 
ردت إسراء “اتمنى أن يكون من أول المجاهدين طبعا في هذا الزمن أي أم تخاف على إبنها من الجريمة و المخدرات وكل مخاطر الحياة ولكن خوف من خوف يفرق .
وتستطرد قائلة “كان عمر المعتصم تسع سنين عندما دخلت السجن تركته طفلا و خرجت لأجده شابا لقد سرق الإحتلال منا الكثير من الأشياء و كانت زيارات إبني في السجن تمنحني الأمل و القدرة على الصبر .
وتضيف ” قررت الإنفصال عن زوجي و أنا في السجن حتى لا ارهن حياته ..اذا بقينا نفكر في الماضي لا يمكن أن نضيف شيئا لا بد أن ننسى بعض الجروح هناك مثل يقول “الجرح يطيب و الندبة ما تطيب ” .
في السجن كان لديك امكانية تدوين تجربتك و تقديم كتابات عن تلك التجربة كيف كان ذلك عن تجربة أدب السجون ، تقول إسراء صدر لي أكثر من عنوان بينها “موجوعة ” سأقوم بتوقيعه في معرض الكتاب بتونس و “فضفضات “و لدي كتابات أخرى لم تر النور بعد و منها “كيف اكون أنا من جديد”الى جانب بحوث و تقارير و كتابات نثرية و منها “خواطر بمعنويات صغيرا وقف “بمعنى أنها خواطر بمعنويات إبني معتصم الذي كان سندي في السجن و كان يردد كلما زارني كلمات تشجعني أنت قوية أنت جميلة لما تطلعي رح نشري بسكليت و نتجول مع بعض كان يخطط للمستقبل و يعطيني بذلك شحنة أمل كنت في حاجة لها بعد كل الذي أصابني ..كتابة السجون تحاكي الإنسانية و هي ترجمة لكل تفاصيل السجن مع السجان و الظروف المعيشية و الظلم و الانتهاكات و الظرف اليومية و الإهمال الطبي ..كنت أحيانا أنسى ألمي وأنا أرى حال بقية السجينات نساء متقدمات في السن يتعرضن للاهانة و الظلم و أطفال يقبعن في السجن و يتعرضن للرش بالغاز .. أذكر أن عدد السجينات كان يزيد في السجون سواء بالنسبة للنساء أو الرجال كان هناك دوما مزيد الاعتقالات أذكر أيضا شتيلا أبو عيادة دخلت السجن و سنها 21 عاما في 2016 و هي محكومة ب 36 سنة سجن و المناضلة خالدة جرار التي اعتقلت أكثر من مرة و كنت رأيتها في السجن أربع مرات فقدت أمها ثم أبوها ثم ابنتها وهي في السجن.
 

-من هي إسراء جعابيص ؟

 
تركنا سؤال البحث عن إسراء جعابيص حتى نهاية الحوار و طرحنا على ضيفة معرض الكتاب بتونس بعد هذه الرحلة الموجعة مع الاعتقال والظلم .. من هي إسراء جعابيص التي تجاوزت قصتها سجون الاحتلال وعبرت إلى كل أصقاع الأرض لتتحدث عن فلسطين الموجوعة كما إسراء الموجوعة .
 
إسراء جميل الجعابيص أسيرة فلسطينية محررة أصيلة مواليد منطقة جبل المكبر القدس تحمل هوية القدس، اعتقلت في 2015 ’ و قبل ذلك كانت تدرس بالكلية الأهلية في بلدة بيت حنينا شمالي القدس.
في 11 أكتوبر 2015 كانت في طريقها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس كعادتها كل يوم وكانت تنقل بعض أغراض بيتها إلى سكنها الجديد بالقرب من مكان عملها، وعندما وصلت إسراء قبل حاجز الزعيم بأكثر من 1500متر تعطلت السيارة قربَ حاجز عسكري ، واشتعلت النيران داخل السيارة فخرجت إسراء من السيارة وطلبت الإسعاف من رجال الشرطة الإسرائيليين القريبين من المكان و لكن بدل إسعافها تم ايقافها بتهمة محاولة استهداف الجنود.. تعرضت إسراء لحرق نحو خمسي بالمائة من جسمها ووجهها و لا تزال آثار الحروق واضحة بعد إجراء سبع عمليات منذ انتقالها إلى الأردن .. 
بعد مداولات استمرت عاما أصدر الاحتلال بحقها حكما بالسجن مدة أحد عشر عامًا، وغرامة مالية في الخامس عشر من نوفمبر تم تحريرها في ثاني صفقة تبادل للأسرى بين الاحتلال و حركة حماس .
تصدَّرت الحملةَ الدولية للتضامن مع الأسيرة إسراء جعابيص 2021 المؤسسةُ الدولية للتضامن مع الأسرى “تضامن”، معلنةً أنها بحاجة إلى ثماني عمليات عاجلة في عينيها ووجهها ولفصل أذنيها الملتصقتين برأسها، ولعلاج إصابات بالغة في يديها، إضافة إلى ما تعانيه من ارتفاع درجات الحرارة دائمًا، ويحتاج علاجها إلى سنوات من التأهيل الجسدي والنفسي.. وبسبب تآكُّل معظم أصابعها نتيجة الحريق والإصابة، لا تستطيع إسراء تناول الطعام ولا القيام بأدنى مهام المعيشة اليومية.
إقرأ المزيد :
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »