الإرهاب يطلّ برأسه مجددًا من “مثلث الموت” في الساحل الأفريقي: تصاعد دموي لهجمات داعش يثير التساؤلات

سلسلة من الهجمات الإرهابية في أقل من أسبوعين تهز المثلث الحدودي بين نيجيريا والنيجر وبنين
في مشهد يبعث على القلق من تجدد تمدد الجماعات الإرهابية، عاد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” خلال الأيام القليلة الماضية إلى تنفيذ عمليات دموية في منطقة الساحل الأفريقي، وبشكل خاص في المثلث الحدودي الذي يجمع بين نيجيريا والنيجر وبنين، والذي يُطلق عليه إعلاميًا وأمنيًا “مثلث الإرهاب” أو “مثلث الموت”، نظرًا لحجم العنف والدماء التي شهدها عبر السنوات.
وفي أحدث هذه الهجمات، قُتل ما لا يقل عن 11 جنديًا نيجيريًا في هجوم شنه مسلحون تابعون لتنظيم “داعش” على قاعدة عسكرية تقع في ولاية يوبي، شمال شرقي نيجيريا.
مصدران عسكريان أكدا أن “عناصر داعش في غرب إفريقيا هاجموا قاعدة عسكرية في بلدة بوني جاري، ما أدى إلى سقوط 11 جنديًا، واندلاع اشتباك عنيف بين الطرفين، انتهى بإضرام النار في القاعدة بعد تدميرها”.
تصعيد خطير: أكثر من 100 قتيل مدني في شهر واحد
وفي تقرير نشرته صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية عبر موقعها الإلكتروني، تم التأكيد على أن تنظيم “داعش” في غرب إفريقيا إلى جانب جماعة “بوكو حرام”، صعدا في الآونة الأخيرة من الهجمات ضد أهداف مدنية وعسكرية، خاصة في شمال شرق نيجيريا، الأمر الذي تسبب في مصرع أكثر من 100 مدني خلال شهر أبريل الماضي فقط.
هجمات منسّقة في بنين: قتل وترويع داخل المنتزهات
امتدت يد الإرهاب كذلك إلى دولة بنين، حيث قُتل ما لا يقل عن 8 جنود، وأصيب 10 آخرون في هجمات متزامنة استهدفت مواقع عسكرية في شمال البلاد.
وبحسب إذاعة “فراتيرنيتيه” المحلية، فإن الهجمات الثلاث وقعت بشكل منسق، واستهدفت مواقع عسكرية داخل منتزه “دبليو” الوطني، في واقعة تشير إلى تطور خطير في التكتيكات الإرهابية.
التقارير الإعلامية أفادت كذلك أن جماعات متطرفة كانت قد نفّذت في وقت سابق هجومًا على موقع للجيش البنيني بتاريخ 26 فبراير الماضي، مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين.
تهديد متصاعد: الجماعات الإرهابية تتمدد وتتطور في الساحل
بات من الواضح أن دول بنين ونيجيريا والنيجر، إلى جانب عدد من بلدان الساحل وغرب أفريقيا، تواجه منذ سنوات طويلة تهديدًا متزايدًا من الجماعات المتطرفة التي تسببت في خسائر بشرية ومادية فادحة.
وفي ظل التصعيد الملحوظ مؤخرًا، بدأت الأسئلة تتزايد، وعلى رأسها: لماذا عادت التنظيمات الإرهابية بهذا العنف وفي هذا التوقيت تحديدًا؟ , وهل لانسحاب القوات الأمريكية والفرنسية من هذه المناطق دور مباشر في تصاعد هذا النشاط الإرهابي؟
منير أديب: “أفريقيا بيئة حاضنة.. وفراغ أمني فتح الطريق لداعش”

ويقول الباحث المصري في شؤون الجماعات المتطرفة منير أديب لـ ” أفرو نيوز 24 ” : ” في تقديري الخاص أن القارة الإفريقية هي قارة منكوبة خاصة على مستوى التنمية وهو ما ينعكس بصورة كبيرة على نشاط جماعات العنف والتطرف أو حتى على المستوى السياسي حيث أن أغلب أنظمة الحكم في القارة الإفريقية أو في دول الساحل والصحراء هي أنظمة غير مستقرة وهذا أيضا ينعكس على نشاط جماعات العنف والتطرف في القارة بشكل عام وفي منطقة الساحل والصحراء أو المثلث الحدودي على وجه التحديد .
وأعرب أديب عن اعتقاده بأن سقوط دولة داعش في منطقة الشرق الأوسط أو في الرقة والموصل وإعلان رئيس الأمريكي دونالد ترامب ذلك في ولاياته السابقة وتحديدا في 22 مارس من العام 2019 انعكس بصورة كبيرة على إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء حيث تحركت هذه الخلايا إلى القارة المنكوبة أو هذه القارة التي تمثل بيئة حاضنة لهذه التنظيمات , وبالتالي هذا ينعكس أيضا بشكل سلبي على نشاط هذه التنظيمات في القارة وفي هذه المنطقة على وجه التحديد .
وأوضح الباحث المصري في الشؤون الأفريقية أن حالة السيولة التي عليها القارة وهذه المنطقة أيضا على وجه التحديد أثرت بصورة كبيرة على نشاط هذه التنظيمات , مشيرا إلي أن الانقلابات العسكرية التي حدثت في عدد من الدول الإفريقية خلال السنوات القليلة الماضية والتي كان من ثمارها خروج القوات الأمريكية والفرنسية ,وبالتالي زاد من نشاط هذه التنظيمات .
الانقلابات العسكرية.. وخروج القوات الأجنبية
ونوه الباحث المصري منير أديب أن هذه العواصم الإفريقية شهدت تغيرات في الأنظمة السياسية وبالتالي الأنظمة الجديدة الجديد الذي جاءت على خلفية انقلاب عسكري رفضت ولفظت القوات الأمريكية والدولية والفرنسية والتي كان جزء منها معنيا بمواجهة هذه التنظيمات الإرهابية , وقال ” وبالتالي هذا انعكس بشكل سلبي على نشاط هذه التنظيمات بصورة كبيرة , مضيفا ” صحيح أن القوات الفرنسية كانت لها أهداف كثيرة منها كما ترى النظم السياسية الجديدة في الدول التي حدثت فيها انقلابات عسكرية منها النيجر وبوركينا فاسو على سبيل المثال ترى أن القوات الفرنسية و فرنسا كدولة تنهب ثروات هذه الدول وبالتالي أرادت خروج القوات الفرنسية بعيدا عن صحة أو خطأ هذا الاتجاه .
وتابع” ولكن هناك صورة أخرى سلبية من وراء خروج هذه القوات خاصة أن القوات الفرنسية كانت من مهامها مواجهة التنظيمات المتطرفة في المنطقة المذكورة وفي العديد من العواصم الافريقية , لافتا إلي أن حالة سيولة التي حدثت في العديد من الدول غير الافريقية أثرت بصورة كبيرة في نشاط هذه التنظيمات حتى وإن كانت هذه الدول بعيدة عن العواصم الافريقية مثل سوريا وأيضا ليبيا التي تعد دولة افريقية .
واعتبر أن حالة سيولة التي عليها ليبيا منذ العام 2011 حتى هذه اللحظة أثرت بصورة كبيرة ومازالت تؤثر أيضا حالة سيولة في العديد من الدول العربية التي نشطت فيها التنظيمات بصورة أو بأخرى أثرت بشكل سلبي ومازالت تؤثر في حقيقة الأمر على هذه التنظيمات في افريقيا وأيضا وجود التنظيمات في افريقيا أثر على نشاط خلايا تابع لهذه التنظيمات في منطقة الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية .
وقال : ” إذن الحالة في تقديري تأثر وتأثر وبالتالي من يدرك حقيقة خطر هذه التنظيمات عليها أن يواجهها حتى وإن كانت في أقاصي العالم في مناطق أخرى , مضيفا ” في تقديري أن عبء مواجهة هذه التنظيمات ليس مهمة الاتحاد الافريقي وليس مهمة الدول الوطنية أو الدول الافريقية التي تتواجد فيها هذه التنظيمات وإن كان ذلك مهما وضروريا وإنما هي مهمة دولية لابد أن تقع على عبء الأمم المتحدة وعلى عبء المجتمع الدولي لأن خطر التنظيمات في دولة ما حتى وإن كانت بعيدة يؤثر على أمن وسلامة العالم كله .
وضرب أديب مثلا بما حدث في منطقة شرق الأوسط عندما سيطر تنظيم داعش على الرقة والموصل وأعلن قيام دولته في 29 يونيو من العام 2014 أثر على الأمن الأوروبي وأمن الولايات المتحدة الأمريكية , وقال ” وما يحدث في أفريقيا أيضا يؤثر على أمن أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية قد ترى هذه الدول مستقبلا ولكنه حتما يؤثر ولذلك ذهبت إلى فكرة أن المواجهة لابد أن يكون منوض بها المجتمع الدولي وأوروبا والولايات المتحدة على وجه التحديد .
وأكد أديب علي أن حالة السيولة التي تعيشها الشرق الأوسط في ظل حروب والصراعات و الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة تؤثر بصورة ما حتى وإن كان التأثير ضعيفا أو بسيطا أو ضئيلا ولكنه موجود على أمن القارة السمراء .
محمد تورشين: الانقلابات وغياب التنسيق الاستخباراتي وراء تصاعد الإرهاب
ويقول الدكتور محمد تورشين الخبير في الشؤون الأفريقية لـ ” أفرو نيوز 24 ” : ” إنه فيما يتعلق بتزايد الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل وبالأخص في المثلث الحدودي الذي يضم كل من نيجيريا وكذلك بنين والنيجر يأتي في ظل التراجع الكبير الذي حدث للجيش النيجيري وكذلك للجيش النيجري والبنيني باعتبار أن هذه القوات كانت تعمل في إطار تنسيقي، مضيفا ” لكن بعد الإنقلاب الذي حدث في النيجر حدث التباين في وجهات النظر بين مجموعة إيكواس الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على المنطقة مما جعل هناك فراغ أمني استطاعت الجماعات الإرهابية أن تتمدد وتعمل بشكل نشط .
وأضاف ” أعتقد أن هذا الأمر إلى حد ما يمكن أن يكون مربوطا بالقوات الفرنسية لكن أعتقد أن الأصل فيه هو تراجع العمليات العسكرية المنظمة بين البلدان المعنية وكذلك تراجع الدعم المخابراتي باعتبار أن فرنسا كانت هي التي توفر المعلومات المخابراتية فغياب المعلومات المخابراتية انعكس بشكل سلبي على التواجد وكذلك انتشار تلك الجماعات .
وتابع ” لذا أعتقد أن الوضع سيستمر هكذا ما لم تكن هناك أي مبادرات جادة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة لمعالجة الثغرات والخلل للأمن في تقديري هذه المسألة هي مسألة معقدة جدا وستعمل بعض المجموعات الجهدية للاستفادة منها لتعزيز وجودها وإرسال رسائل بأنها حاضرة وصاحبة نفس وتأثير و غير محصور في هذه المنطقة منطقة وسط الساحل أو في الدول هذه البلدان هناك بعض التقارير تتحدث بأن جماعة نظرة الإسلام والمسلمين محسوبة للداعش بدأت تتمدد في كل من السنغال وموريتانيا هذا يعني بأن منطقة الساحل الأفريقي ستكون موعودة بتنامي ظاهر الإرهاب بشكل حاد في مقبل الأيام .
إقرأ المزيد :