الولايات المتحدة تعيد رسم خارطة علاقتها مع أفريقيا: قمة خريفية لتعزيز الشراكة التجارية والاستثمارية

في تحول استراتيجي جديد يهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية، أعلنت الولايات المتحدة عن استضافتها لقمة كبرى مع زعماء الدول الأفريقية خلال خريف هذا العام. ويأتي هذا الحدث ضمن إطار سعي واشنطن لإعادة تعريف علاقتها مع القارة السمراء، من خلال نهج يرتكز على التجارة والاستثمار بدلاً من المساعدات، في خطوة تعتبرها الإدارة الأميركية بداية لعصر جديد من التعاون المتكافئ والمستدام.

قمة مرتقبة لتجديد العلاقات الأمريكية الأفريقية

كشف السفير تروي فيتريل، المسؤول الأعلى في مكتب الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية الأمريكية، عن تفاصيل المبادرة خلال مؤتمر صحفي افتراضي عقده بعد مشاركته في منتدى الرؤساء التنفيذيين بأفريقيا، الذي استضافته كوت ديفوار من 12 إلى 13 مايو الجاري. وأوضح أن القمة المرتقبة ستُعقد على الأراضي الأميركية في الخريف المقبل، رغم أن بعض التفاصيل لا تزال قيد الإعداد، بما في ذلك قائمة المشاركين.

وأكد فيتريل أن هدف القمة هو الانفتاح على جميع دول القارة، مضيفاً: “نرغب في حوار شامل مع القادة الأفارقة من مختلف أنحاء القارة. لا نسعى لاستبعاد أحد، بل العكس تماماً، نريد أن يكون الجميع جزءاً من هذه المرحلة الجديدة“.

من المساعدات إلى الاستثمار: فلسفة تعاون جديدة

تُعد القمة المرتقبة جزءاً من استراتيجية متجددة تتبناها الإدارة الأميركية لإعادة بناء علاقاتها مع أفريقيا على أسس اقتصادية وتجارية، بدلاً من الاعتماد على نموذج المساعدات التقليدي. وأوضح فيتريل أن الولايات المتحدة بصدد اتباع نهج يركز على الاستثمار طويل الأمد في قطاعات حيوية، مما يعكس رؤية تقوم على شراكة عادلة بين طرفين متكافئين.

“لعدة عقود، كانت العلاقة بين الولايات المتحدة وأفريقيا تعتمد بشكل كبير على المساعدات. أما الآن، فنحن نعتمد نهجاً جديداً يقوم على التجارة والاستثمار، وهو ما ثبت نجاحه في تحفيز النمو وبناء طبقة متوسطة قوية داخل الدول الأفريقية”، بحسب فيتريل.

شراكات اقتصادية ضخمة تعكس التغيير

وفي تأكيد على التغيير الفعلي في السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا، أشار السفير فيتريل إلى توقيع ثلاث مذكرات تفاهم بين الولايات المتحدة وكوت ديفوار خلال زيارته الأخيرة، بالإضافة إلى إبرام ست اتفاقيات تجارية جديدة بلغت قيمتها أكثر من 550 مليون دولار.

كما كشف عن توقيع 33 اتفاقية بقيمة تتجاوز 6 مليارات دولار خلال المائة يوم الأولى من الإدارة الأميركية الحالية، واصفاً هذه الأرقام بأنها “قفزة هائلة في النشاط الاقتصادي بين أميركا الشمالية وأفريقيا“.

ويعكس هذا النمو في التعاون الاقتصادي توجهاً جديداً نحو تشجيع القطاع الخاص الأمريكي على التوسع في الأسواق الأفريقية، وخاصة في مجالات مثل الغاز الطبيعي المسال، وتوليد الطاقة، والاتصالات، والتكنولوجيا.

تعزيز الحوافز لدفع التقدم الاقتصادي

وأكد فيتريل أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة تسعى إلى خلق بيئة تجارية جذابة تسمح بنمو الاستثمارات الخاصة وتوفير الحوافز المناسبة لتعزيز الممارسات الاقتصادية الناجحة. وقال: “الناس يستجيبون للحوافز. هدفنا هو بناء هيكل يسمح بازدهار النمو الاقتصادي الحقيقي ويحفز الابتكار والشراكة الفعالة“.

لماذا تهم هذه القمة؟

تمثل هذه القمة خطوة استراتيجية مهمة بالنسبة للولايات المتحدة في وقت تتنافس فيه القوى العالمية، مثل الصين وروسيا، على النفوذ الاقتصادي في أفريقيا. ومن خلال تعزيز التعاون في مجالات الاستثمار والتجارة، تسعى واشنطن إلى ترسيخ وجودها كشريك موثوق وطويل الأمد للقارة الأفريقية، بعيداً عن سياسات الإغاثة العابرة والتدخلات التقليدية.

كما تعكس القمة وعياً متزايداً لدى صناع القرار الأميركيين بالأهمية الجيوسياسية والاقتصادية المتنامية لأفريقيا، التي تضم واحدة من أسرع الأسواق نمواً في العالم، وعدداً متزايداً من السكان الشباب والطموحين.

القمة الأمريكية الأفريقية القادمة ليست مجرد اجتماع دبلوماسي؛ إنها إعلان عن بداية حقبة جديدة من العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا، تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وبتحويل التركيز من المساعدات إلى التجارة والاستثمار، تفتح واشنطن آفاقاً واعدة لتعاون استراتيجي طويل الأمد يعود بالنفع على الجانبين.

في ظل هذه التحركات، يبدو أن العلاقات الأميركية الأفريقية تدخل فصلاً جديداً عنوانه: “شراكة متكافئة مبنية على الفرص والنمو المشترك.”

سفير الصومال بالقاهرة يؤكد قوة ومتانة العلاقات المصرية الصومالية

السفير دكتور صلاح حليمه يكتب: العلاقات المصرية الجيبوتية .. فرص وآفاق أرحب

بيان مشترك .. مصر وجيبوتي تؤكدان على متانة العلاقات التاريخية الراسخة والأواصر الأخوية

الوسوم