صندوق التنمية القاري للاتحاد الأفريقي: خطوة استراتيجية نحو السيادة المالية وتحقيق أجندة 2063
في لحظة فارقة على طريق تحقيق الاستقلال المالي وتعزيز السيادة الاقتصادية، اجتمع قادة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الأنجولية لواندا، ضمن اجتماع استراتيجي رفيع المستوى، لوضع خارطة الطريق لإنشاء صندوق التنمية التابع للاتحاد الأفريقي (AUDF)، ترأس الاجتماع الرئيس جواو مانويل جونسالفيس لورينسو، رئيس جمهورية أنغولا والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، بحضور ممثلين رفيعي المستوى من مفوضية الاتحاد، ووكالة التنمية التابعة للاتحاد الأفريقي (AUDA-NEPAD)، وتحالف المؤسسات المالية الأفريقية متعددة الأطراف (AAMFI).
ويُمثل هذا اللقاء خطوة محورية نحو تنفيذ قرار الجمعية العامة للاتحاد الأفريقي رقم 818، الصادر في فبراير 2022، والذي دعا إلى إنشاء آلية أفريقية خالصة لتمويل التنمية، قادرة على دعم تنفيذ أجندة 2063، وهي الرؤية الطموحة للقارة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار المشترك.
أهداف استراتيجية لتحقيق تنمية شاملة ومستقلة
يهدف الصندوق القاري المرتقب إلى سد الفجوة التمويلية التي تعرقل التقدم في قطاعات حيوية تشمل البنية التحتية، والطاقة، والزراعة، والصحة، والتصنيع. ويُعد إنشاؤه نقلة نوعية نحو تمكين أفريقيا من تمويل مشاريعها التنموية ذاتيًا، بعيدًا عن الاعتماد الكبير على المانحين الدوليين أو الشركاء الخارجيين.
ويعكس هذا الاجتماع التاريخي تكامل الأدوار بين القيادة السياسية للاتحاد الأفريقي، ممثلة في رئاسة الاتحاد؛ والجهاز التنفيذي للتنمية، ممثلاً بوكالة AUDA-NEPAD؛ والمؤسسات المالية الرائدة بالقارة، من خلال تحالف AAMFI، ما يعزز من فرص نجاح المبادرة على أرض الواقع.
رسالة سياسية قوية: أفريقيا تتولى زمام مصيرها
وفي كلمته الافتتاحية، شدد الرئيس الأنجولي لورينسو على أهمية الاجتماع بقوله:”رغم ما تتمتع به قارتنا من ثروات طبيعية وبشرية ونمو ديموغرافي متسارع، لا تزال التحديات في مجالات السلام والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية تُشكل عائقًا حقيقيًا أمام التقدم.”
وأضاف:”هذا الاجتماع يُرسل رسالة واضحة: لقد آن الأوان أن تتولى أفريقيا مسؤولية مصيرها، من خلال إيجاد حلول أفريقية خالصة للتحديات الأفريقية.”
تمويل التنمية أداة للسيادة وبناء المستقبل
من جانبها، أكدت السفيرة ناردوس بيكيلي-توماس، الرئيسة التنفيذية لوكالة AUDA-NEPAD، أن إنشاء الصندوق لا يتعلق فقط بتمويل مشاريع، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسيادة الاقتصادية والقدرة على امتلاك القرار التنموي، حيث قالت: “تمويل التنمية لا يرتبط فقط بالأرقام، بل هو تمكين سياسي وسيادي. فامتلاك أجندتنا التنموية وتمويلها ذاتيًا يُعد الخطوة الأولى نحو التحرر المالي.”
وشددت على أن الصندوق لا يهدف إلى منافسة الهياكل المالية القائمة، بل إلى توحيدها تحت مظلة أفريقية منسقة، مما يعزز فعالية الموارد ويوفر منصة شاملة لتحقيق نتائج قابلة للقياس على مستوى القارة.
دعم مؤسسي ومالي واسع النطاق
أما سماعيلا زبيرو، رئيس تحالف AAMFI، فقد أشار إلى التزام المؤسسات المالية الأفريقية طويل الأمد بدعم الصندوق، مؤكدًا أن هذه المبادرة ليست مشروعًا عابرًا، بل تشكل نواة لشراكة مؤسسية قوية وطويلة الأجل نحو سيادة مالية حقيقية لأفريقيا.”
وأضاف ” أن مؤسسات AAMFI، التي تُدير أصولًا تتجاوز 70 مليار دولار، على استعداد تام لتمويل مشاريع استراتيجية ذات أثر سريع، لتعزيز الثقة في الصندوق وجذب رؤوس الأموال الإقليمية والدولية.
الصندوق القاري ليس بديلاً بل منصة تكاملية
أكد القادة خلال الاجتماع أن الصندوق المقترح لن يكون بديلاً عن المؤسسات أو الآليات المالية الحالية، بل سيُستخدم لتجميع وتنسيق الجهود المالية تحت إشراف موحد، بقيادة تحالف AAMFI، ما سيُسهم في تسريع تنفيذ أولويات التنمية القارية.
كما جرى الاتفاق على إطلاق سلسلة من “الانتصارات السريعة” وهي مشاريع بنية تحتية جاهزة للتنفيذ والتمويل الفوري، بما يبرهن على جدوى الصندوق وفاعليته في تلبية الاحتياجات العاجلة للدول الأعضاء.
الدورة القادمة للاتحاد الأفريقي ستشهد التدشين الرسمي
حصل الصندوق المقترح على دعم كامل من صندوق الثروة السيادي الأنغولي، ما يعكس الالتزام السياسي والمالي لإنجاح هذه المبادرة. ومن المتوقع الإعلان الرسمي عن إنشاء صندوق التنمية التابع للاتحاد الأفريقي خلال الدورة العادية السادسة والثلاثين لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي.
وحتى موعد التدشين، ستتولى كل من AUDA-NEPAD، وتحالف AAMFI، ومفوضية الاتحاد الأفريقي استكمال الترتيبات الفنية والتنظيمية والتمويلية، لضمان تفعيل الصندوق كمكون رئيسي من مكونات تحقيق أجندة 2063 وتعزيز الاستقلال المالي للقارة.
اقرأ المزيد
