ناردوس بيكيلي-توماس: البنوك الإنمائية الأقوى هي مفتاح نمو أفريقيا وسط تراجع التمويل التقليدي

الرئيسة التنفيذية لوكالة « نيباد » على إعادة تفكير جذرية في الهيكل المالي الأفريقي
مع تحول الأولويات العالمية ومواجهة المصادر التقليدية للتمويل التنموي ضغوطاً محلية متزايدة، ينمو إجماع واضح على أن البنوك متعددة الأطراف للتنمية الأفريقية يجب أن تلعب دوراً محورياً في دعم التنمية القارية. هذا التوجه تؤكده ناردوس بيكيلي-توماس، الرئيسة التنفيذية لوكالة التنمية التابعة للاتحاد الأفريقي – الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (أودا-نيباد)، الوكالة المكلفة بتحقيق أجندة 2063 الطموحة للاتحاد الأفريقي.
على هامش اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، شددت بيكيلي-توماس في حديثها لمجلة الأعمال الأفريقية على أن العمل المنسق سيكون العامل الحاسم لنجاح هذه المهمة المعززة التي يجب على البنوك متعددة الأطراف الأفريقية الاضطلاع بها. ومن المتوقع أن يؤسس الاجتماع رفيع المستوى المقرر في 11 مايو تحت رعاية الرئيس جواو لورنسو من أنغولا، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، لعصر جديد من التعاون الوثيق بين البنوك متعددة الأطراف ومؤسسات التنمية والقيادات السياسية.
الحاجة إلى التنسيق الاستراتيجي
“المشكلة الحالية هي أن المؤسسات المالية تجتمع وتتناقش بمعزل عن ممارسي التنمية الذين يتحدثون بدورهم بشكل منفصل. لا يوجد منتدى حقيقي تجلس فيه مؤسسات التنمية والمؤسسات المالية والقادة معاً لتبادل الآراء والرؤى”، توضح بيكيلي-توماس.
تؤكد أن الهدف من هذا التوجه هو إنشاء منصة تمكن المؤسسات المالية والتنموية من توحيد جهودها وتحديد المجالات ذات الأولوية للتمويل، مع معالجة القضايا الهيكلية التي تواجه البنوك متعددة الأطراف الأفريقية.
“بالنظر إلى الوضع الراهن، هناك حاجة ماسة لتقوية هذه المؤسسات المالية، مع إجراء نقاش معمق حول القضايا السياسية التي تؤطر النظام المالي وآلية دعمه للتنمية”، تضيف بيكيلي-توماس.
معضلة إلغاء الديون والتحديات المالية
تواجه البنوك متعددة الأطراف الأفريقية تحديات جوهرية تتطلب حلولاً مبتكرة. “هذه المؤسسات تحتاج إلى رؤوس أموال أقوى”، تلاحظ بيكيلي-توماس، مشيرة إلى أهمية خلق بيئة بسياسات ولوائح تساعد هذه البنوك على الازدهار.
لكن المناقشات حول استدامة الديون، رغم ضرورتها، تحمل مخاطر محتملة على البنوك متعددة الأطراف إذا لم تُعالج بحذر. “هناك دول تقترح إلغاء الديون، لكن المؤسسات المالية التي تحدثت معها تؤكد أن إلغاء الديون لن يفيدها بل سيضعها في فئة عالية المخاطر”، تحذر بيكيلي-توماس.
العديد من البنوك متعددة الأطراف في القارة صغيرة الحجم نسبياً، مما يجعل التمويل مجزأً وغير كافٍ لتلبية احتياجات المشاريع الضخمة. “لا يمكن لأي كيان منفرد أن يملك رأس المال الضروري لتمويل هذه المشاريع الكبرى. السؤال المطروح: كيف نوحد هذه الجهود ونجمعها لتمويل برامج من هذا الحجم؟”
رؤية استراتيجية للمستقبل
تؤكد بيكيلي-توماس أن المداولات المدروسة حول هذه المسائل ستضمن نتائج مفيدة لجميع الأطراف وتضع القارة في موقع قوي لمواجهة مستقبل يتطلب اعتماداً أكبر على الذات.
“نحتاج إلى نقاش دقيق ومتوازن حتى لا نخلق مشاكل إضافية لهذه المؤسسات. إنها جزء لا يتجزأ من منظومة التنمية القارية، والحقيقة أننا لن نحصل على مساعدات التنمية الخارجية بالحجم الذي اعتدنا عليه في الماضي. لذلك نحتاج إلى استراتيجية حقيقية للاعتماد على إمكانياتنا الذاتية”، تؤكد.
صندوق الاستثمار الجديد: أداة التحول
من بين المبادرات الطموحة التي تطرحها أودا-نيباد إنشاء صندوق استثماري متخصص. “أكملنا دراسة الجدوى للصندوق، وسندعو البنوك متعددة الأطراف لدعم وإدارة هذا الصندوق لأن منظمتنا لا تملك الخبرة الكافية أو المصداقية المطلوبة أمام المستثمرين”، تعترف بيكيلي-توماس بصراحة.
سيعمل الصندوق كأداة استثمارية برأس مال أولي من الدول الأعضاء عبر البنوك متعددة الأطراف، مقدماً التمويل بأسعار تيسيرية للقطاعات الحيوية دون المنافسة مع الصناديق الموجودة، بل لزيادة الجهود الاستراتيجية في معالجة عجز تمويل البنية التحتية.
الأولويات القطاعية والتركيز الاستراتيجي
الغرض الأساسي من الصندوق هو توجيه التمويل نحو القطاعات والمشاريع الأساسية لنمو القارة. “سيعيد الصندوق توجيه التمويل نحو البرامج ذات الأولوية التي تحفز القارة، كما سيعالج احتياجات البرامج الإقليمية التي تحتاج تمويلاً ولا تحصل عليه من البنوك متعددة الأطراف التي تركز على الحكومات الفردية”، توضح بيكيلي-توماس.
من أهم مجالات التركيز توسيع الإنتاج المحلي في القطاعات الحيوية، خاصة الصحة. “نريد ضمان حصول المنتجات الطبية الأساسية الـ24 التي حددناها، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الـ45 التي رسمنا خريطة عملها، على التمويل الضروري للإنتاج على نطاق واسع”، تشرح.
سيركز الصندوق على قطاعات مختلفة بمرونة زمنية، فقد يتجه هذا العام نحو مشاريع الطاقة ثم ينتقل بعد عامين لقطاعات أخرى، مع توجيه إعادة التوجه من قبل الدول الأعضاء نفسها.
البنية التحتية: العمود الفقري للتنمية
البنية التحتية تبقى مجال اهتمام طويل الأمد للقارة، وعبر برنامج تطوير البنية التحتية في أفريقيا (بيدا)، تسعى أودا-نيباد لتوجيه التمويل نحو سد الفجوة البنيوية. المراجعة الشاملة لبرامج بيدا قيد التحضير، مع إمكانية دمج مشاريع استراتيجية جديدة كمشروع ممر لوبيتو في حال انسحاب الدعم الأمريكي.
“سننشئ النظم البيئية التي نعتقد أن لوبيتو يحتاجها لاستيفاء معايير برامج بيدا”، تؤكد بيكيلي-توماس.
الاستعداد للتحولات التجارية
تفكر أودا-نيباد أيضاً في استراتيجيات للتخفيف من تأثير التغييرات المحتملة على قانون النمو والفرص الأفريقي (أغوا)، مبادرة عهد كلينتون التي توفر للصادرات الأفريقية وصولاً تفضيلياً للأسواق الأمريكية.
“يجب أن نستعد لهذا التحول. منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية هي إحدى أدواتنا لمعالجة التأثير المحتمل لانتهاء أغوا. سندفع للحفاظ على أغوا، لكن الاستراتيجيات البديلة ضرورية”، تؤكد بيكيلي-توماس.
هذا التوجه يعكس فلسفة أوسع للحظة الأفريقية الحالية: الاستعداد للمستقبل من خلال تقوية الأسس الداخلية مع الحفاظ على الشراكات الخارجية المفيدة، في عالم متغير يتطلب من أفريقيا أن تكون أكثر اعتماداً على نفسها من أي وقت مضى منذ عصر الاستقلال.
لمزيد من التفاصيل اضغط علي الرابط التالي:
https://african.business/2025/05/finance-services/bekele-thomas-stronger-development-banks-can-power-growth
اقرأ المزيد