احتجاز مهاجرين وضباط أمريكيين في حاوية معدنية بجيبوتي وسط ظروف قاسية تهدد حياتهم

كشفت وثائق مقدَّمة إلى محكمة فيدرالية أمريكية عن احتجاز ما يقارب 12 ضابطًا من إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية و8 مهاجرين مُرحّلين داخل حاوية شحن معدنية في قاعدة عسكرية أمريكية في جيبوتي، وسط ظروف صحية وأمنية خطيرة.
وتعود هذه القضية إلى قرار أصدره قاضي المحكمة الفيدرالية في بوسطن، براين إي. مورفي، قبل أكثر من أسبوعين، يقضي بوقف رحلة ترحيل مهاجرين من دول مثل كوبا، فيتنام، ميانمار، لاوس، والمكسيك إلى جنوب السودان، معتبرًا أن الرحلة تنتهك أمرًا قضائيًا سابقًا صدر في أبريل.
وكان هذا القرار يمنع ترحيل مهاجرين إلى دول ليست بلدانهم الأصلية دون منحهم فرصة لطلب الحماية الإنسانية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
حاوية شحن تتحول إلى مركز احتجاز مؤقت في “كامب ليمونييه”
بدلًا من إعادتهم إلى الولايات المتحدة، قامت السلطات بنقل المهاجرين إلى قاعدة “كامب ليمونييه” العسكرية الأمريكية، وهي القاعدة الأمريكية الوحيدة في القارة الإفريقية، حيث تم تحويل حاوية شحن معدنية إلى مركز احتجاز مؤقت.
وفي إفادة رسمية للمحكمة، قالت ميليسا هاربر، مسؤولة رفيعة في إدارة الهجرة، إن ثلاثة ضباط وثمانية محتجزين نُقلوا إلى القاعدة دون أي تجهيزات أو حماية مناسبة، رغم التحذيرات من المخاطر المحتملة مثل الحرارة الشديدة، تلوث الهواء، والتهديدات الأمنية القادمة من اليمن.
وأضافت هاربر أن الضباط لم يحصلوا على سترات واقية أو معدات حماية، على الرغم من التحذيرات السابقة حول “خطر وشيك لهجمات صاروخية من الجماعات اليمنية”.
درجات حرارة مفرطة وتلوث خطير يهدد حياة الضباط والمهاجرين
أشارت هاربر إلى أن درجات الحرارة في النهار تتجاوز 100 درجة فهرنهايت، بينما يظهر في الليل ضباب كثيف نتيجة حرق النفايات والمخلفات البشرية، ما أدى إلى تفشي أعراض تنفسية حادة بين الضباط والمحتجزين، تشمل السعال، ضيق التنفس، الحمى، وآلام المفاصل.
ونظرًا لسوء الأوضاع، اضطرت الإدارة إلى إرسال فريق بديل من الضباط، حيث يعمل حاليًا 11 ضابطًا بالتناوب على حراسة المحتجزين، إلى جانب فريق طبي مكوّن من ضابطين.
وزارة الأمن الداخلي تهاجم القضاء وتحذر من تهديد الأمن القومي
استغلت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية هذه التطورات للضغط على القضاء، حيث أشار دي. جون ساور، المستشار العام للوزارة، في مذكرة للمحكمة العليا، إلى أن قرار القاضي مورفي يهدد الأمن القومي ويستنزف موارد مخصصة للعسكريين، ويضع عبئًا غير مبرر على المرافق العسكرية.
وفي تغريدة على منصة X، قالت تريشيا ماكلولين، المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي: “هذا القاضي من ماساتشوستس يعرّض حياة ضباطنا للخطر عبر احتجازهم في جيبوتي دون موارد كافية ولا علاج طبي، وسط تهديدات من إرهابيين يكرهون الأميركيين”.
وأضافت: “المرحّلون في هذه الرحلة مجرمون خطيرون لا تريد أي دولة استقبالهم. هذا أمر مشين وغير مسؤول”.
محامو المحتجزين: الوضع الصحي والإنساني خطير للغاية
في المقابل، أعربت المحامية ترينا ريال موتو، التي تمثل عددًا من المحتجزين، عن قلقها العميق بشأن صحة وسلامة موكليها، مشيرة إلى خطورة ظروف الاحتجاز، والقيود المفروضة، والمخاطر الصحية التي يتعرضون لها في هذا المكان غير المهيّأ.
المحكمة: وزارة الأمن الداخلي خرقت قرارًا قضائيًا
من جانبه، أشار القاضي مورفي إلى أن وزارة الأمن الداخلي نفّذت عملية الترحيل رغم علمها المسبق بأنها تمثل انتهاكًا مباشرًا لقرار المحكمة الصادر في 18 أبريل، والذي يشترط اتباع الإجراءات القانونية الكاملة قبل تنفيذ أي عملية ترحيل.
وينص القانون الفيدرالي الأمريكي على أنه لا يجوز ترحيل أي شخص – حتى من أصحاب السوابق – إلى بلد قد يتعرض فيه للتعذيب أو الاضطهاد.
إقرأ المزيد :
السفير دكتور صلاح حليمه يكتب: العلاقات المصرية الجيبوتية .. فرص وآفاق أرحب