أخبار عاجلةالرأي

الدكتور محمود فراج يكتب : دور مصر المحوري في الاستثمار داخل القارة الإفريقية منذ عام 2015

شهدت العلاقات المصرية – الإفريقية تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، لا سيما منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، حيث اتخذت الدولة المصرية خطوات جادة نحو تعزيز وجودها الاقتصادي والاستثماري داخل القارة ,  ويأتي هذا التوجه ضمن رؤية شاملة تهدف إلى دعم التكامل الإقليمي وتعزيز التواجد المصري في القارة التي تُعد امتدادًا طبيعيًا للأمن القومي المصري ومجالًا حيويًا للفرص الاقتصادية، هذه الرؤية لا تعتمد فقط على الرصيد التاريخي والجغرافي الكبير الذي تمتلكه مصر، بل تتجاوز ذلك لترسيخ أسس تعاون مشترك وبناء بين مصر ودول القارة على كافة المستويات , بهدف توظيف قدرات مصر من العنصر البشري، وخبراتها المتراكمة، وإمكاناتها المتنوعة، ومكانتها الدولية والاقليمية لتعظيم المصالح المشتركة للشعب المصري وباقى شعوب القارة الأفريقية، ويشمل هذا التعاون محاور رئيسية تتكامل وتتناغم لضمان تحقيق أقصى استفادة للجميع .

أولًا: المبادرات والسياسات المصرية لتعزيز الاستثمار الإفريقي

رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي (2019):

استغلت مصر فترة رئاستها للاتحاد الإفريقي لإعادة طرح مبادرات تسهم في دعم بيئة الاستثمار، وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AFCFTA) ، مع التركيز على ملفات البنية التحتية والطاقة والاندماج الإقليمي.

استضافة المنتديات الاقتصادية:

نظّمت مصر منتدى إفريقيا للاستثمار في أعوام 2016 و2017 و2018 بمدينة شرم الشيخ، والذي ساهم في جمع قادة أفارقة ومستثمرين عالميين، وعزز صورة مصر كمركز إقليمي للأعمال.

الاستراتيجية التصديرية نحو إفريقيا:

تبنت الحكومة المصرية خطة طويلة الأجل لزيادة الصادرات إلى الدول الإفريقية، وشملت هذه الاستراتيجية تحسين خدمات النقل واللوجستيات، وتسهيل التبادل التجاري، وفتح خطوط بحرية وجوية جديدة.

ثانيًا: الاستثمار في مشروعات البنية التحتية والطاقة

شهدت السنوات الأخيرة نشاطًا ملحوظًا للشركات المصرية في مجال تنفيذ مشروعات البنية التحتية والطاقة في القارة الإفريقية، ومن أبرز الأمثلة:

  • مشروع سد “جوليوس نيريري” في تنزانيا، الذي تنفذه شركتا المقاولون العرب والسويدي إليكتريك، بتمويل يزيد عن 2.9 مليار دولار.
  • تنفيذ مشروعات طرق وجسور في أوغندا وكوت ديفوار وغينيا.
  • تعزيز مشروعات الربط الكهربائي مع السودان، وربط الشبكات الإقليمية لتعزيز تبادل الطاقة.

ثالثًا: تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري

أولت مصر اهتمامًا خاصًا باتفاقيات التكامل الاقتصادي الإفريقي، وعلى رأسها اتفاقية التجارة الحرة القارية (AfCFTA)، وسعت إلى:

  • تقديم نموذج ناجح لتفعيل الاتفاقية عبر تسهيل التبادل التجاري.
  • التنسيق مع التجمعات الاقتصادية الإفريقية، لا سيما الكوميسا والسادك.
  • إطلاق مبادرات لربط الموانئ المصرية بدول حوض النيل وغرب إفريقيا.

رابعًا: دور القطاع الخاص والمؤسسات المالية المصرية

كان للقطاع الخاص المصري دور بارز في التوسع داخل إفريقيا، حيث:

  • وسعت البنوك الوطنية (مثل بنك مصر والبنك الأهلي المصري) نطاقها الجغرافي عبر فتح فروع ومكاتب تمثيل في دول إفريقية.
  • شاركت الشركات المصرية في قطاعات متعددة مثل المقاولات، الأدوية، المواد الغذائية، والطاقة المتجددة.
  • أُطلق “صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في إفريقيا” بهدف دعم المستثمرين المصريين وتشجيع دخولهم الأسواق الإفريقية.

خامسًا: التحديات والفرص

التحديات:

  • ضعف البنية التحتية في بعض الدول الإفريقية.
  • القيود الإدارية والجمركية، ومخاطر التمويل.
  • المنافسة الحادة من قوى اقتصادية مثل الصين وتركيا والهند.

الفرص:

  • التوسع في سلاسل القيمة المضافة والتصنيع المحلي.
  • النمو السكاني والاقتصادي المتسارع في القارة.
  • فرص هائلة في مجالات الزراعة، الطاقة النظيفة، الرقمنة، والتعليم.

لذا استطاعت مصر منذ عام 2015 أن تعزز دورها كمحور استثماري رئيسي في إفريقيا، عبر استراتيجية متكاملة تشمل التعاون السياسي، التوسع الاقتصادي، والمشاركة الفعلية في مشروعات التنمية داخل القارة. ورغم التحديات، تظل الفرص المتاحة واسعة أمام تعزيز هذا الدور، لا سيما في ظل التوجهات القارية نحو التكامل، والتحول الرقمي، والاستثمار في البنية الأساسية.

 

  • الدكتور محمود أحمد فراج .. كاتب وباحث متخصص فى الشؤون الإفريقية بجامعة القاهرة

إقرأ المزيد :

مستقبل التحول الأخضر في مصر وأفريقيا محاضرة للدكتور محمود فراج بالمتحف القبطي .. ” صور “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »