أخبار عاجلةاقتصاد افريقي

باوندلاند تُباع بأقل من جنيه إسترليني: قصة سقوط إمبراطورية التجزئة في بريطانيا

لندن – أ ش أ

في أحد أكثر المشاهد إثارة للدهشة في عالم تجارة التجزئة البريطانية، وجدت سلسلة متاجر “باوندلاند” الشهيرة نفسها على طاولة البيع بسعر لا يتجاوز قيمة فنجان قهوة, صفقة رمزية، بسعر أقل من جنيه إسترليني، أنهت فصلاً من فصول شركة لطالما اعتُبرت أمبراطورية التجزئة في بريطانيا وملاذًا للمستهلكين الباحثين عن صفقات رخيصة في أنحاء المملكة المتحدة.

صفقة تُخفي وراءها أزمة

من حيث الشكل، بيعت سلسلة المتاجر إلى “مجموعة جوردون برازرز” الأمريكية بسعر رمزي — لا يتعدى يورو واحد (نحو 85 بنسًا إسترلينيًا). لكن في الحقيقة، لم تكن القيمة المالية هي المحرك الرئيسي للصفقة.. فعالم المال يعرف تمامًا أن “البيع الرمزي” يُستخدم عندما تصبح الشركة عبئًا أكثر من كونها فرصة، إذ يتجاوز حجم التحديات قيمة الأصول.

تقول “بيبكو جروب”، المالكة السابقة للسلسلة، إن الصفقة تأتي في إطار خطة شاملة للتخلص من الأعباء المالية والتشغيلية، بعدما أصبح من الواضح أن “باوندلاند” لم تعد تواكب طموحاتها التوسعية.

جبل من الديون وانتظار موافقة المحكمة

المعلومات التي كشفتها صحيفة “فاينانشيال تايمز” تشير إلى أن الصفقة لم تكن مجرد نقل ملكية بسيط، بل شملت اتفاقًا على ترحيل ديون تصل إلى 30 مليون جنيه إسترليني، مع قرض إضافي بنفس القيمة قد يتم تمديده من “بيبكو” بعد الحصول على الضوء الأخضر من المحكمة العليا في إنجلترا لخطة إعادة الهيكلة.

وبينما تخلّت “بيبكو” عن عبء إدارة سلسلة التجزئة، فإنها لم تتخلّ بالكامل عن دورها في عملية الإنقاذ. فالقرض المحتمل يؤكد أنها لا تزال معنية بإنجاح المرحلة القادمة، ولو من موقع بعيد.

الأمل الأمريكي: دعم بـ80 مليون جنيه

من جانبها، لم تأتِ “جوردون برازرز” إلى المشهد خالية الوفاض. فقد أعلنت المجموعة الأمريكية أنها ستضخ ما يزيد عن 80 مليون جنيه إسترليني لدعم فريق الإدارة الحالي بقيادة باري ويليامز، الذي سيبقى في منصبه لمواصلة الإشراف على عملية إعادة الهيكلة.

الرسالة كانت واضحة: نشتري المتاجر بثمن رمزي، لكننا نستثمر فعليًا في المستقبل. فالشركة ترى فرصة لإحياء العلامة التجارية، وليس فقط إنقاذها.

تغيير استراتيجي في “بيبكو”

أما “بيبكو”، فقد قررت إعادة توجيه دفة استثماراتها نحو قطاع أكثر ربحية.. ملابس بعوائد مرتفعة، وخطط تسويقية جديدة في أوروبا، كلها عناصر في استراتيجية ترى أن الوقت قد حان لمغادرة سوق التجزئة منخفضة التكلفة.

هذا التحول لم يكن مفاجئًا بالنسبة لمتابعي أداء الشركة في الأشهر الماضية. فمع ارتفاع التكاليف، وتغير سلوك المستهلك، لم يعد بيع المنتجات الرخيصة خيارًا مربحًا كما كان سابقًا.

ماذا بعد؟

لم تُفصح “بيبكو” حتى الآن عن تفاصيل خطة الإنقاذ الكاملة، التي لا تزال تنتظر موافقة المحكمة. لكن ما هو مؤكد أن “باوندلاند” ستظل حاضرة في شوارع المملكة المتحدة، على الأقل في الوقت الراهن.

السلسلة التي تقدم منتجات تتنوع بين الأدوات المنزلية، والألعاب، ومستحضرات التجميل، والأزياء، والسلع الغذائية، لا تزال تملك قاعدة عملاء واسعة. والسؤال الذي يشغل السوق الآن: هل تنجح “جوردون برازرز” في إنقاذ هذه القاعدة، وتحويلها إلى قصة نجاح جديدة؟

ربما لا تكون هذه نهاية “باوندلاند”، لكنها بالتأكيد نهاية فصل، وبداية اختبار حقيقي جديد.

إقرأ المزيد :

البنك التجاري الدولي يطلق النسخة المطورة من خدمات الإنترنت البنكية استكمالًا لاستراتيجيته للتحول الرقمي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »