الدكتورة مني صبحي نور الدين تكتب: الحرب الإسرائيلية الإيرانية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي.. وماذا لو أغلق مضيق هرمز ؟

للحرب الإسرائيلية الإيرانية إرثا عداءيا وتاريخيا وليس مجرد كرد فعلى لما أحدثته إسرائيل الكيان الصهيونى المحتل الغاشم من حروب ودمار وتدمير فى قطاع غزة وسلسلة التهجير القسري لسكان القطاع ونزوح السكان بين الشمال والجنوب ورفض مصر كدولة جوار للتهجير .
ولقد زاد العداء وخاصة بعد ما أحدثته إسرائيل فى تدمير البحرية السورية وما أحدثته فى لبنان واستهداف ميناء بيروت وما أحدثته الحروب والقرصنة فى باب المندب واستهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية .
وقد تشعل الآن حروب المياه فتيل الحرب العالمية الثالثة , وتختلف الحرب الإسرائيلية الإيرانية عن نظيرتها فى الشمال فى البحر الأسود بين روسيا وأوكرانيا المتجاورتين وعلى الرغم من أنها تتميز بالإقليمية إلا أنها أثرت على العالم أجمع وعلى سلاسل الإمداد العالمية وتغيير خريطة النفط والغاز الطبيعى الإقتصادية فيما بين مناطق الإنتاج والاستهلاك بين روسيا فى الشرق ودول حلف الناتو فى أوروبا غربا ،بينما تعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية رد فعل لعدوى الحروب وخاصة أن منطقة الشرق الأوسط هى المستهدف الرئيسى , بعد أن فشلت أمريكا الدولة الراعية للإرهاب بكافة أشكاله وصوره من تنفيذ مبادرة حارس الإزدهار أو حارس الرخاء فى باب المندب من إقحام العديد من دول أوروبا وبعض الدول العربية ومنها مصر فى تلك المبادرة .
والحرب بين إيران وإسرائيل مختلفة نظرا لعدم تجاور الدولتين وفى الوقت نفسه تفصل بين الدولتين مجموعة الدول العربية فى الجناح الآسيوي وخاصة دول الخليج الغنية بالنفط كدول وسيطة كذلك تعد كل من إيران وإسرائيل إلى جانب تركيا القوى الرئيسية فى منطقة الشرق الأوسط ولذا فقد انتقلت ميدان الحرب من البحر الأسود إلى مضيق باب المندب وقد أحدثت تأثيرا بالغا على قناة السويس وعلى سلاسل الإمداد العالمية ثم انتقلت الحرب إلى إيران ومضيق هرمز وسوف تتسع تلك الحروب إذا تداخلت معها قوى الشرق مثل باكستان والصين وكوريا أو قوى الغرب متمثلة فى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا ، فضلا عن تدخلات أخرى من الهند .
وإذا كان هدف إسرائيل هو إزاحة النظام الحاكم فى إيران ، والتأكيد على وجود الطاقة النووية فإن هدف إيران هو القضاء على إسرائيل بعد استهدافها القادة فى إيران ولبنان وسيطرتها وتوغلها فى المنطقة العربية .
وتختلف تلك الحرب ما بين دولة إيران ذات المساحة الكبيرة والتى يمتد عمقها الاستيراتيجى غربا عبر دول الخليج والعراق أما الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين المحتلة فلا تتجاوز المساحة 27 آلف كيلو متر مربع وهى مساحة ضيقة للغاية وقد شكل الموقع والمساحة تأثيرا بالغا فى الجغرافيا السياسية و علم الجيوبوليتيك وأيضا الحجم الديموجرافى للسكان ومناطق ودول الجوار فقد أصبحت إسرائيل كالورم السرطانى فى قلب المنطقة العربية مرة يتمدد نحو سوريا والجولان ومرة نحو لبنان ، وستظل مصر حجر عثرة أمامها رافضة صفقة القرن ورافضة التهجير القسري للفلسطينين ورافضة التدخلات الدولية وواجهت قوافل الشر القادمة من دول المغرب العربى وغيرها .
ونظرا لإشراف دولة إيران على مضيق هرمز من ناحية الشمال عند بندر عباس بينما تشرف الامارات عليه من الجنوب عند رأس مسندم ظلت إيران سنوات طوال تلوح بغلق المضيق نكاية فى دول الخليج و امريكا واسرائيل نظرا لأنه المنفذ الرئيسى للصادرات النفطية من دول الخليج العربي فإن للحرب الإسرائيلية الإيرانية تداعيات إقتصادية كبيرة يتم تفصيلها فيما يلى:
يعد مضيق هرمز ثانى مضيق من حيث الأهمية بالنسبة للصادرات النفطية حيث يمر عبره أكثر من 20 مليون برميل يوميا وكذلك يمر عبره كميات كبيرة من الغاز المسال وقد لعب دورا كبيرا فى حرب الناقلات فى الثمانينات أثناء الحرب العراقية الإيرانية والتى استمرت ثمانية أعوام وإذا ما أغلقت إيران المضيق سوف يؤثر ذلك على أسعار الطاقة عالميا وتأخير فى تسليم الشحنات فى التجارة الدولية وتضرر دول الخليج فى المقام الأول التى تخرج صادراتها البترولية عبر هذا المنفذ إلى دول العالم شرقا وغربا ، كذلك تعد الولايات المتحدة الأمريكية من الدول المتضررة حيث تمثل وارداتها من المنطقة ما يمثل 11% وكذلك سوف تتأثر الملاحة العالمية بشكل كبير وارتفاع أسعار النفط بشكل كبير لم يحدث منذ سنوات .
أثر تداعيات الحرب على شركات الطيران العالمية والسياحة حيث بدأت تتراجع بصورة كبيرة وخاصة بعد إغلاق المجال الجوى لبعض الدول .
ضرب المفاعلات النووية .
إرتفاع أسعار الذهب إلى أعلى مستوياته .
إرتفاع أسعار النفط بشكل كبير قارب 75 دولار ثمن برميل البترول
زيادة معدلات التضخم نظرا لارتفاع أسعار الطاقة وسوف يفرض ذلك قيود عديدة ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار لتصل إلى 100 برميل يوميا وسوف يؤثر أيضا على انخفاض الصناعات النفطية
التأثير على أسواق المال العالمية الآسيوية والأوروبية والأمريكية .
موجات متتابعة من التضخم والركود والانكماش الاقتصادى واضطراب الملاحة البحرية والجوية وارتفاع أسعار التأمين
وللمحافظة على أمن الطاقة فى المنطقة فلا بد للجوء إلى سيناريوهات مختلفة وبدائل لإحداث توازن فيما بين النقل البحرى والنقل البرى .
ضرب وتدمير المواقع الحساسة فى إسرائيل من شأنه أن يحدث شللا اقتصاديا وخاصة بعد ضرب البورصة الإسرائيلية وبورصة الماس وضرب ميناء حيفا الميناء الرئيسى للكيان على البحر المتوسط .
إذا ما اغلق المضيق سوف تتجه الدول إلى بعض البدائل اعتمادا على خطوط الأنابيب ومنها خط الشرق الغرب بالنسبة للمملكة العربية السعودية من حقول النفط على الخليج العربى شرقا إلى ميناء ينبع غربا بطول 1000 كم وسعة 6 مليون برميل يوميا بما يوازى 80 % من صادرات المملكة .، وفى الامارات تغيير المسار لتفادى عبور المضيق والاعتماد على خط يبدأ من أبو ظبى إلى الفجيرة بطول 400 كم وسعة من مليون إلى مليون ونصف برميل يوميا . أما بالنسبة للعراق فيوجد خط عبر منطقة كردستان يمتد إلى ميناء جيهان التركي ولكنه متوقف حاليا ، وبالنسبة لدول الكويت والبحرين وقطر فسوف تتضرر تضررا كبيرا .
من المتوقع حدوث ديناميكية وتمدد خريطة الخطر … وربما ظهور خريطة جغرافية اقتصادية جديدة تدخل فى نطاقاتها التوازنات والمصالح الدولية وتغير سياسات بعض الدول وخاصة القوى العظمى داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط ومن المتوقع إذا دخلت أمريكا الحرب سوف يتم استهداف كافة القواعد الأمريكية والمنشآت الحيوية فى الخليج وتصبح هدفا استراتيجيا لإيران وخاصة منشآت البترول والغاز .
وفى الختام هل تنتقل عدوى الحروب إلى الشرق فى الصين وكوريا أم إلى الغرب فى الولايات المتحدة الأمريكية وبنما والبرازيل ، هل تتدخل روسيا .
فكما تحررت التكتلات الإقتصادية من الإقليمية والجغرافيا الكلاسيكية سوف تنطلق أيضا الحروب خارج حيز الإقليمية إلى الدولية منذرة بالحرب العالمية الثالثة ومن ثم خروج تكتلات سياسية واقتصادية جديدة نحو عالم متعدد الأقطاب أو عالم نووى جديد تتحدث فيه الرؤوس النووية للدول العظمى إذا بقيت .
إقرأ المزيد