تقرير الثروة العالمية : ارتفاع كبير في أعداد أصحاب الملايين .. وهيمنة أمريكية وتحديات لإفريقيا

كشف تقرير الثروة العالمية لعام 2025، الصادر عن مؤسسة «يو بي إس» السويسرية في نسخته السادسة عشرة، عن نمو الثروات العالمية بنسبة 4.6% خلال العام الماضي، متجاوزًا نسبة الزيادة المسجلة في العام السابق البالغة 4.2%، ومشيرًا إلى ارتفاع كبير في أعداد أصحاب الملايين حول العالم.

أمريكا الشمالية تتصدر نمو الثروات

أوضح التقرير أن الجزء الأكبر من هذه الزيادة تركز في أمريكا الشمالية، حيث حقق الأمريكيون وحدهم زيادة في الثروة تجاوزت 11%، بفضل استقرار الدولار الأمريكي وانتعاش الأسواق المالية بشكل ملحوظ، ما ساهم في تحقيق هذا النمو القوي.

تراجع ملحوظ في مناطق آسيا وأوروبا وإفريقيا

رغم النمو العالمي، جاءت مناطق آسيا – الباسيفيك وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا (إميا) في ذيل القائمة، حيث سجلت نموًا متواضعًا بلغ 3% وأقل من 0.5% على التوالي. ويشير ذلك إلى تحديات اقتصادية واستثمارية تواجه هذه المناطق، وخاصة القارة الإفريقية، التي تحتاج إلى سياسات أكثر فاعلية لجذب الثروات واستثمارها.

زيادة كبيرة في أعداد أصحاب الملايين

بحسب التقرير، ارتفع عدد أصحاب الملايين عالميًا بنسبة 1.2% خلال عام 2024، بزيادة قدرها أكثر من 684 ألف مليونير مقارنة بالعام السابق. وكان للأمريكيين النصيب الأكبر من هذه الزيادة بإضافة أكثر من 379 ألف مليونير جديد، لتتصدر الولايات المتحدة القائمة، تليها الصين ثم فرنسا. وتمثل الولايات المتحدة وحدها حوالي 40% من عدد أصحاب الملايين في العالم.

أعلى متوسطات الثروة حول العالم

حل البالغون الأمريكيون في المرتبة الأولى عالميًا من حيث متوسط الثروة الفردية في عام 2024، بمتوسط بلغ 593,347 دولارًا أمريكيًا، يليهم سكان إقليم أقيانوسيا (أستراليا، نيوزيلندا وجزر المحيط الهادئ) بمتوسط 496,696 دولارًا أمريكيًا، ثم الأوروبيون بمتوسط قدره 287,688 دولارًا أمريكيًا.

وفي قائمة الأسواق الفردية، تصدرت سويسرا الدول ذات أعلى متوسط للثروة، تلتها الولايات المتحدة وهونغ كونغ ولوكسمبورغ والدنمارك وكوريا الجنوبية والسويد وأيرلندا وكرواتيا، حيث تجاوزت نسبة الزيادة في الثروة بها 10% عند احتسابها بالعملات المحلية.

أسواق لم تشارك في النمو

كشف التقرير أن أكثر من نصف الأسواق الـ56 المشمولة في التحليل لم تسجل أي نمو في متوسط الثروة للفرد البالغ، بل شهد بعضها تراجعًا ملحوظًا، ما يعكس تفاوتًا كبيرًا في توزيع الثروات عالميًا.

اتجاهات توزيع الثروة حسب الأجيال

في الولايات المتحدة، أشار التقرير إلى وجود اختلافات واضحة في توزيع الأصول بين الأجيال:

جيل الألفية (المولودون بعد 1981) يمتلكون أصولًا مركزة في السلع المعمرة والعقارات ويستثمرون بشكل أكبر في الشركات الخاصة.
جيل طفرة المواليد (1946-1964) يحتفظ بأكبر حصة من الثروات بقيمة تتجاوز 83 تريليون دولار، متفوقًا على الأجيال الأخرى مجتمعة.

تباين عالمي في تخصيص الأصول

تختلف أولويات تخصيص الثروة باختلاف المناطق؛ ففي الولايات المتحدة، تتركز الثروات في الاستثمارات المالية، بينما تفضل أستراليا الاستثمار في العقارات، في حين تركز سنغافورة على التأمين وبرامج التقاعد.

انتقال الثروات في العقود المقبلة

يتوقع التقرير أن يشهد العالم خلال العقدين أو العقود الثلاثة القادمة انتقالًا للثروات بقيمة تتجاوز 83 تريليون دولار، منها 9 تريليونات تنتقل بين الأزواج والزوجات و74 تريليونًا تنتقل عبر الأجيال. وستشهد الولايات المتحدة أكبر عملية انتقال للثروة بما يفوق 29 تريليون دولار أمريكي، تليها البرازيل بحوالي 9 تريليونات دولار ثم الصين بأكثر من 5 تريليونات دولار.

تقرير مرجعي لرصد تحركات الثروات

يُعد «تقرير الثروة العالمي» مرجعًا أساسيًا لمتابعة اتجاهات الثروة الشخصية عالميًا، ويغطي نحو 92% من إجمالي الثروات في العالم من خلال تحليل بيانات 56 سوقًا رئيسيًا.

وتُشرف على إعداد التقرير مجموعة «يو بي إس» السويسرية الرائدة في إدارة الثروات العالمية، والتي تدير أصولًا بقيمة 6.1 تريليون دولار بنهاية الربع الأخير من عام 2024، وتقدم خدمات مصرفية واستثمارية متنوعة في أكثر من 50 سوقًا حول العالم.

آفاق إفريقيا في ظل المشهد العالمي

في خضم هذه المؤشرات، تواجه القارة الإفريقية تحديًا كبيرًا يتمثل في ضرورة تعزيز بيئة الأعمال وتحفيز النمو الاقتصادي لجذب جزء أكبر من التدفقات الاستثمارية العالمية وتنمية الثروات الشخصية. ويُبرز التقرير الحاجة إلى سياسات مبتكرة لتشجيع ريادة الأعمال وزيادة الشمول المالي وتطوير الأسواق المالية الإفريقية لتكون قادرة على المنافسة عالميًا.

الوسوم