أخبار عاجلةغرب افريقيا

رئيس سيراليون يتسلم رئاسة “إيكواس”: تحديات أمنية وتفتت إقليمي يهددان وحدة غرب أفريقيا

في ظل ظروف غير مسبوقة من الانقسام وعدم الاستقرار، تولى رئيس سيراليون جوليوس مادا بيو رئاسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، خلفًا للرئيس النيجيري بولا تينوبو، الذي ترأس المنظمة لفترة لم تتجاوز العامين، لكنها كانت من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخ الكتلة الإقليمية الممتد لنحو خمسة عقود.

تينوبو يواجه “أكبر التحديات في تاريخ إيكواس”

خلال فترة رئاسته، واجه تينوبو مجموعة من الأزمات المتلاحقة، أبرزها الانقلابات العسكرية في كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر، والتي قادت إلى انسحاب هذه الدول من الكتلة وتشكيل تحالف دول الساحل عام 2023. وقد أقر الرئيس النيجيري في خطابه خلال قمة أبوجا بأن المنظمة تعاني من ضعف القدرة على الاستجابة للتهديدات الأمنية، خاصة بعد تعثر تنفيذ قوة الاحتياط الإقليمية، التي شُكلت عام 2024 وتضم عناصر عسكرية ومدنية وشرطية.

ورغم حصول “إيكواس” على دعم مالي جديد من الاتحاد الأوروبي بقيمة 110 ملايين يورو، فإن هذا التمويل ما زال بعيدًا عن التمويل المطلوب البالغ 2.26 مليار يورو، لتفعيل هذه القوة فعليًا.

وحدة متصدعة وتفكك إقليمي

التفكك داخل “إيكواس” بلغ ذروته، حيث خرجت ثلاث دول رئيسية في منطقة الساحل من الكتلة، بينما ظلت غينيا معلّقة العضوية منذ انقلابها العسكري. وقد عبّر تينوبو عن أسفه لعدم نجاح المساعي الدبلوماسية مع تلك الدول، مؤكدًا أنه “استنفد كل السبل للتواصل والحوار مع إخواننا”.

بحسب الخبيرة في شؤون الساحل بيفرلي أوتشينغ من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن “المنطقة باتت ممزقة بالكامل”، محذّرة من أن “إيكواس تبدو غير قادرة على الحفاظ على وحدتها، فضلًا عن الاستجابة للأزمات المستفحلة”.

تقارب اضطراري مع الخصوم العسكريين

في تحول ملحوظ، أعلنت “إيكواس” خلال قمة أبوجا عن التوصل إلى اتفاق أمني مع تحالف الساحل يتيح التنسيق المشترك في مكافحة الإرهاب، مع الحفاظ على حرية تنقل الأفراد والبضائع بين التحالفين، في خطوة اعتبرها مراقبون إما تنازلًا اضطراريًا أو إقرارًا بالعجز عن فرض العزلة على المجالس العسكرية.

وأكدت أوتشينغ أن هذه الخطوة تعكس “إدراكًا داخل إيكواس بضرورة التعاون مع دول الساحل، لأن القضايا الأمنية هناك لها انعكاسات مباشرة على كامل المنطقة”.

رئيس جديد أمام واقع متأزم

رئيس سيراليون جوليوس مادا بيو لم يخفِ إدراكه لحجم التحديات، مؤكدًا في كلمته الافتتاحية أن “الديمقراطية تتعرض لضغوط في أنحاء من منطقتنا، وأن الأنظمة الدستورية انهارت في بعض الدول”، متعهدًا بالتركيز على تعزيز الأمن والديمقراطية والتكامل الاقتصادي والشفافية المؤسسية خلال فترة ولايته.

ووفقًا للصحفي بن شيمانغ من DW، فإن الرهانات كبيرة على بيو لإعادة ضبط البوصلة داخل “إيكواس”، وسط توقعات بأن تؤدي قيادته إلى “تعزيز الأمن وضمان وحدة الكتلة”.

الجريمة العابرة للحدود.. خطر متصاعد

إلى جانب الأزمات السياسية، تواجه “إيكواس” تصاعدًا في معدلات الجريمة المنظمة، بما في ذلك الاختطاف، وتعاطي المخدرات، والتعدين غير المشروع. ووفقًا لأوتشينغ، فإن “استجابة إيكواس لتلك الظواهر بطيئة وبيروقراطية، رغم إدراكها المتزايد لتأثيرها الإقليمي”.

وتشير التقديرات إلى أن منطقة غرب أفريقيا، التي يبلغ عدد سكانها 425 مليون نسمة، تشهد أوضاعًا معيشية متدهورة، ما ينعكس على تزايد الجريمة والاضطرابات.

مشاعر انفصالية واستطلاعات مثيرة للقلق

استمرار انسحاب الدول من “إيكواس” يعكس تآكل الثقة في فعاليتها. ففي توغو، أظهر استطلاع أجرته شبكة أفروباروميتر أن 64% من المواطنين يؤيدون بشكل ما تأسيس قوة اقتصادية أفريقية بديلة، فيما اعتبر 54% أن بلادهم ستستفيد من مغادرة “إيكواس”.

أما غينيا، فتظل في موقف مُعلّق منذ أربع سنوات، ما قد يدفعها أيضًا إلى المزيد من الانفصال عن الكتلة.

“إيكواس” على مفترق طرق

تواجه “إيكواس” ما يمكن وصفه بـ”معركة وجودية”، إذ تتعرض لاتهامات بأنها عاجزة عن التأثير في حياة شعوبها، وأنها فقدت كثيرًا من مصداقيتها في ظل استمرار الاضطرابات. وترى أوتشينغ أن “هناك شعورًا عامًا بأن إيكواس غير مؤهلة لمواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية الحالية”.

كما حذّرت من المبالغة في التعويل على البدائل، مثل “تحالف دول الساحل”، مؤكدة أنها “كيانات رجعية تقودها أنظمة عسكرية تعاني من الهشاشة والاضطراب”.

بيو: الإصلاح هو الطريق الوحيد

في ختام كلمته، أقرّ الرئيس الجديد جوليوس مادا بيو بأن “إيكواس تحتاج إلى إصلاح عميق، وأن تكون أكثر شفافية وكفاءة، وقادرة على الاستجابة لاحتياجات شعوبها”. وهي رسالة تحمل اعترافًا واضحًا بأن بقاء الكتلة الإقليمية مرهون بقدرتها على التغير الجذري لمواجهة الواقع الجديد في غرب أفريقيا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »