مصر والصين تطلقان من هونج كونج معرضًا عالميًا: “مصر القديمة تكشف عن نفسها”

في خطوة تعكس عمق العلاقات الثقافية بين مصر والصين، وقّع الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور لويس نج، مدير متحف قصر هونج كونج، اتفاقية تعاون لتنظيم معرض أثري عالمي بعنوان “مصر القديمة تكشف عن نفسها: كنوز من المتاحف المصرية”، والمقرر افتتاحه في متحف قصر هونج كونج خلال الفترة من 18 نوفمبر 2025 وحتى 31 أغسطس 2026.
أُقيمت مراسم التوقيع في مدينة هونج كونج بجمهورية الصين الشعبية، بحضور رسمي رفيع تقدمه السفير باهر شويخي، قنصل مصر العام بهونج كونج، والسيدة بيتي فانج، الرئيس التنفيذي لهيئة منطقة غرب كولون الثقافية، والأستاذ مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، والمستشار محمد أشرف، المستشار القانوني لوزارة السياحة والآثار، إلى جانب عدد من ممثلي الجانبين المصري والصيني.
250 قطعة أثرية نادرة… ومشاركة من متاحف كبرى
يضم المعرض نحو 250 قطعة أثرية متميزة، تم انتقاؤها بعناية من عدة متاحف مصرية، أبرزها المتحف المصري بالتحرير، ومتحف الأقصر للفن المصري القديم، والمتحف القومي بالسويس، ومتحف سوهاج القومي، بالإضافة إلى مجموعة نادرة من القطع الحديثة المكتشفة من منطقة سقارة الأثرية. كما سيعرض المعرض قطعًا مختارة من المعروضات الحالية في معرض “قمة الهرم: حضارة مصر القديمة” المقام بمتحف شنغهاي، في إشارة إلى نجاح التعاون الثقافي المصري-الصيني في هذا المجال.
وسيركّز المعرض على ثلاثة محاور رئيسية: مصر الملكية، عصر توت عنخ آمون، واكتشافات سقارة الحديثة، ليقدم رؤية شاملة للمراحل التاريخية الأكثر تأثيرًا في الحضارة المصرية.
مؤتمر صحفي عالمي للاحتفال بالشراكة الثقافية
عقب توقيع الاتفاقية، شهدت المدينة تنظيم مؤتمر صحفي عالمي حضرته نخبة من وسائل الإعلام الدولية والمحلية، احتفاءً بهذه الخطوة التي تُعد محطة فارقة في مسار التبادل الثقافي بين مصر والصين.
وفي كلمته خلال المؤتمر، أكد الدكتور محمد إسماعيل خالد أن هذا المعرض يُجسّد نافذة حضارية مفتوحة على خمسة آلاف عام من التاريخ المصري، مضيفًا: “إنها بداية لرحلة ثقافية استثنائية تُعبّر عن حوار حضاري عابر للزمن، يعكس القيم الجمالية والإبداعية بين حضارتين من أعرق الحضارات الإنسانية”.
وأشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى أن ضمّ قطع من معرض شنغهاي الناجح هو بمثابة تكريم لهذا النجاح، ويعكس ثقة المؤسسة الأثرية المصرية في شغف الجمهور الصيني بالحضارة المصرية، متوقعًا أن يحظى المعرض في هونج كونج بإقبال مماثل بل وربما أكبر.
وختم خالد كلمته بدعوة مفتوحة إلى مواطني هونج كونج وشعوب آسيا والعالم لزيارة المعرض، مشددًا على أن “هذه المبادرة تمثل انطلاقة جديدة نحو تعزيز الشراكات الثقافية، وتوسيع آفاق التفاهم والتبادل بين الشعوب”.
رؤية صينية: مصر شريك حضاري أصيل
من جانبه، عبّر الدكتور لويس نج، مدير متحف قصر هونج كونج، عن فخره بالشراكة مع الجانب المصري، مؤكدًا أن “مصر والصين تمثلان منبعًا لحضارتين ضاربتين في عمق التاريخ، ويجمعهما تراث ثقافي عريق وتفاهم إنساني يتجاوز الزمان والمكان”.
وأشار إلى أن المعرض سيكون بمثابة “جسر ثقافي متين يعزز الحوار بين الحضارات، ويُثري الفهم المتبادل بين الشعوب من خلال قوة الثقافة والمعرفة”، مؤكدًا التزام المتحف بتعزيز التبادل الثقافي العالمي.
كنوز تُعرض لأول مرة خارج مصر
وفي سياق تفصيل المعروضات، أوضح مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف، أن المعرض سيضم قطعًا نادرة واستثنائية، من بينها:
تمثال كبير للملك توت عنخ آمون
تمثال الكاتب المصري الشهير
مومياوات لقطط مقدسة، تعكس قدسية الحيوان في العقيدة المصرية القديمة
تمثال فريد للمعبودة باستت تحمل صلاصل موسيقية، في مشهد احتفالي نادر
تمثال ضخم للملك إخناتون
تمثال للمعبود أنوبيس حارس العالم الآخر
كما أشار إلى وجود عدد من القطع التي تُعرض لأول مرة خارج مصر، ما يمنح الزائرين تجربة استثنائية تنفرد بها هذه النسخة من المعرض
يمثل معرض “مصر القديمة تكشف عن نفسها” خطوة رائدة في مسار التعاون الثقافي بين مصر والصين، كما يُعد فرصة ذهبية لعرض ثراء الحضارة المصرية لجمهور آسيوي وعالمي واسع النطاق.
وبينما تُفتح أبواب متحف قصر هونج كونج لاستقبال زوّار المعرض في نوفمبر المقبل، تفتح مصر أبواب تاريخها، بكل عظمته وغموضه، أمام العالم لتتحدث القطع الأثرية عن نفسها، وتكشف أسرار حضارة لا تزال تُلهم البشرية حتى اليوم.