مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونغو الديموقراطية ورواندا .. والقاهرة تؤكد دعمها لاستقرار منطقة البحيرات العظمى

رحبت مصر بتوقيع كل من الكونغو الديموقراطية ورواندا على اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، والذي تم التوقيع عليه رسمياً في واشنطن يوم أمس الجمعة الموافق ٢٧ يونيو ٢٠٢٥، للتوصل لتسوية للأزمة في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية.
وأشادت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية بما يمثله هذا الاتفاق من خطوة هامة على طريق إحلال السلام والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى. وإذ تؤكد مصر أن تحقيق السلم والأمن في أفريقيا يتطلب إرادة سياسية صادقة، فإنها تدعو إلى التنفيذ الكامل لهذا الاتفاق ومتابعة مخرجاته بما يضمن استدامة السلام والاستقرار في المنطقة. كما جددت مصر دعمها الثابت لكافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تسوية النزاعات في القارة الإفريقية من خلال الحلول السلمية، واحترام مبادئ القانون الدولي والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، بما يسهم في تحقيق وترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
كما أعربت مصر عن استعدادها للمساهمة في أي جهد إفريقي أو دولي يُسهم في تنفيذ اتفاق السلام المشار إليه، وبما يضمن استدامته وتحقيق الأهداف المنشودة منه، تأكيدًا على حرصها الراسخ على تعزيز الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية.
تفاصيل اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية
ووقعت رواندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية اتفاق سلام الجمعة في واشنطن بهدف وضع حد لنزاع أودى بآلاف الأشخاص وتعهدتا فيه وقف الدعم للمتمردين فيما أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالخطوة التي ستمنح الولايات المتحدة حقوق تعدين في الكونغو الديموقراطية.
وقال ترامب لدى استقباله وزيري خارجية البلدين في البيت الأبيض “اليوم تُطوى صفحة العنف والدمار وتبدأ المنطقة بأكملها فصلا جديدا من الأمل والفرص والوئام والازدهار”.
ويأتي الاتفاق بعد أن سيطرت جماعة “إم23″، وهي قوة متمردة من التوتسي مدعومة من رواندا، على شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية الغني بالمعادن هذا العام، واستولت على مساحات شاسعة من بينها مدينة غوما الرئيسية.
ويستند الاتفاق إلى مبادئ وافقت عليها الدولتان في أبريل، وتتضمّن أحكاما بشأن “احترام وحدة الأراضي ووقف الأعمال العدائية” في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، بعد الهجوم الذي قادته جماعة إم 23 المسلّحة.
ولا يذكر الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية قبل أن يتولى ترامب مهام ولايته، صراحة مكاسب جماعة إم23 في المنطقة التي مزقتها عقود من الحروب، لكنه يدعو رواندا إلى إنهاء “تدابير دفاعية” اتخذتها.
ونفت رواندا تقديم أي دعم مباشر لجماعة “إم23″، لكنها طالبت بوضع حد لجماعة مسلحة أخرى، هي القوات الديموقراطية لتحرير رواندا، التي أنشأها أفراد من الهوتو مرتبطون بمذابح التوتسي في الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
ويدعو الاتفاق إلى “تحييد” القوات الديموقراطية لتحرير رواندا، مع تأكيد وزير الخارجية الرواندي أوليفييه اندوهوجيريهي بأن “إنهاء الدعم الحكومي نهائيا وبشكل لا رجوع عنه وقابل للتحقق” لمتمردي الهوتو يجب أن يكون “أولوية قصوى”.
وقال اندوهونغيريهي خلال حفل توقيع الاتفاق في وزارة الخارجية الأميركية إن العملية “ستترافق مع رفع التدابير الدفاعية الرواندية”.
لكنه أضاف “يجب أن نقر بوجود قدر كبير من عدم اليقين في منطقتنا وخارجها لأن العديد من الاتفاقات السابقة لم تُنفَّذ”.
وسلطت نظيرته الكونغولية تيريزا كاييكوامبا واجنر الضوء على الدعوة في الاتفاق لاحترام سيادة الدولة.
وقالت إن الاتفاق “يتيح فرصة نادرة لطي صفحة الماضي، ليس بالكلام فحسب، بل بتغيير حقيقي على أرض الواقع. بعض الجروح ستلتئم، لكنها لن تختفي تماما”.
وينص الاتفاق أيضا على إنشاء هيئة تنسيق أمني مشتركة لرصد التقدم، ويدعو بشكل مبهم إلى “إطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي” في غضون ثلاثة أشهر.
– ترامب يشيد بدوره –
أشاد ترامب بالجهود الدبلوماسية التي أفضت إلى الاتفاق، واستهل المراسم في البيت الأبيض بذكر صحافي قال إن الرئيس الأميركي يستحق جائزة نوبل للسلام.
وفي حديثه للصحفيين في وقت سابق الجمعة قال ترامب إن الولايات المتحدة ستتمكن من الحصول على “الكثير من حقوق التعدين في الكونغو”.
تحتوي جمهورية الكونغو الديموقراطية على احتياطيات معدنية هائلة مثل الليثيوم والكوبالت، وهي مواد ضرورية في المركبات الكهربائية وغيرها من التقنيات المتقدمة، فيما أصبحت الصين، المنافس الأول للولايات المتحدة، مصدرا رئيسيا لهذه المواد.
وقال ترامب إنه لم يكن على دراية بالنزاع لدى تلميحه على ما يبدو إلى أهوال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، التي قُتل فيها ملايين الأشخاص معظمهم من التوتسي خلال 100 يوم.
وأوضح “لستُ على دراية كافية بهذا الأمر، لأنني لم أكن أعرف الكثير عنه. كنت أعرف شيئا واحدا، كانوا يتقاتلون لسنوات عديدة بالسواطير”.
وقوبل الاتفاق بإشادة واسعة ولكن ليس على مستوى العالم.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاتفاق “خطوة بارزة نحو نزع فتيل التصعيد والسلام والاستقرار” في شرق الكونغو الديموقراطية ومنطقة البحيرات الكبرى.
وقال في بيان “أحث الأطراف على الوفاء الكامل بالالتزامات التي تعهدوا بها في اتفاق السلام… بما فيها وقف الأعمال الحربية، وجميع التدابير الأخرى المتفق عليها”.
من جانبها رحبت ألمانيا “بالأنباء الممتازة” ودعت إلى تطبيق الاتفاق.
كما أشاد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالاتفاق بوصفه “خطوة تاريخية إلى الأمام”، مضيفا أن “السلام يجب أن يصمد”.
لكن دينيس موكويجي، طبيب النساء الحائز جائزة نوبل للسلام لعام 2018 بالاشتراك مع الأيزيدية ناديا مراد، لجهوده في إحقاق العدالة لضحايا أعمال العنف الجنسي في النزاعات، عبر عن قلقه إزاء الاتفاق معتبرا إنه يصب في مصلحة رواندا والولايات المتحدة بشكل فعلي.
وقال في بيان قبل التوقيع إن الاتفاق “سيكون بمثابة مكافأة على العدوان، وإضفاء الشرعية على نهب الموارد الطبيعية الكونغولية، وإجبار الضحية على التخلي عن تراثها الوطني بالتضحية بالعدالة من أجل ضمان سلام هش وغير مستقر”.
من ناحيتها رحبت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان التي عملت في جمهورية الكونغو الديموقراطية، بجهود التهدئة لكنها أشارت إلى أن الاتفاق يحتوي على “ثغرات كبيرة” أبرزها غياب المساءلة عن الانتهاكات الحقوقية.
اقرأ المزيد