مصر في نادي الكبار.. إنجاز تاريخي في طاقة الرياح يضعها بين أقوى 20 دولة في العالم

في خطوة تعكس التحول الاستراتيجي الكبير في قطاع الطاقة، دخلت جمهورية مصر العربية رسميًا قائمة أكبر 20 دولة في العالم في إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح البرية (Onshore)، وذلك بحسب التقرير السنوي الصادر عن المجلس العالمي لطاقة الرياح، الهيئة الدولية المعنية برصد تطور مشروعات الطاقة المتجددة المرتبطة بالشبكة.
المركز الـ19 عالميًا بإجمالي 2,855 ميجاوات
وفقًا للبيانات المنشورة في تقرير عام 2025، تمكنت مصر من تسجيل إجمالي قدرات يبلغ 2,855 ميجاوات من طاقة الرياح حتى نهاية عام 2024، بعد أن أضافت وحدها خلال نفس العام 793.5 ميجاوات جديدة، وهو ما يعكس طفرة نمو قوية مقارنة بعام 2023 الذي شهد إضافة 360 ميجاوات فقط.
بهذا الأداء اللافت، صعدت مصر إلى المركز التاسع عشر عالميًا، متقدمة على دول بارزة في هذا المجال مثل المغرب (2,368.3 ميجاوات)، وكوريا الجنوبية (2,018 ميجاوات)، وتشيلي (1,884.5 ميجاوات). بينما جاءت جنوب أفريقيا في المركز الثامن عشر بقدرة إجمالية بلغت 3,511 ميجاوات.
ريادة إقليمية لافتة
إقليميًا، عززت مصر موقعها كقوة رئيسية في مجال الطاقة النظيفة، إذ أصبحت ثاني أكبر دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا في إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، بعد تركيا التي تحتل الصدارة الإقليمية بإجمالي 13,652 ميجاوات. وتتفوق مصر على جميع الدول العربية الأخرى، حيث جاءت الأولى عربيًا، متقدمة على المغرب والسعودية (812 ميجاوات)، مما يؤكد التزام الدولة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتحول للطاقة الخضراء.
مقارنة بأداء جنوب أفريقيا
رغم أن جنوب أفريقيا كانت من أوائل الدول الأفريقية التي تبنّت مشروعات طاقة الرياح منذ مطلع الألفية، إلا أن أداءها في عام 2024 جاء باهتًا، حيث لم تضف سوى 69 ميجاوات جديدة فقط، وهو رقم ضئيل مقارنة بما أضافته مصر في نفس العام. هذا الفارق كشف عن تباطؤ في تنفيذ “برنامج شراء الطاقة المتجددة من المنتجين المستقلين” بجنوب أفريقيا، بينما تسارعت وتيرة العمل في مصر نحو تحقيق أهداف واضحة ومحددة.
الصين والولايات المتحدة في صدارة المشهد العالمي
على الصعيد الدولي، تواصل الصين تصدرها للمشهد العالمي بقدرة إنتاجية بلغت 444,835 ميجاوات، تليها الولايات المتحدة بـ154,084 ميجاوات، ثم ألمانيا بـ63,719 ميجاوات، بينما جاءت الهند رابعة بـ48,156 ميجاوات، وإسبانيا خامسة بـ31,310 ميجاوات. وتُعد هذه الدول بمثابة القوى العظمى في سوق طاقة الرياح العالمي.
خطة طموحة لمستقبل أكثر استدامة
الانضمام إلى نادي الكبار لم يكن نهاية الطريق بالنسبة لمصر، بل بداية مرحلة جديدة من التوسع والتطوير. حيث أعلنت الحكومة المصرية عن استراتيجية وطنية طموحة تهدف إلى رفع قدرات إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح إلى 13,700 ميجاوات بحلول عام 2030، وهو ما يُمثل حوالي 15% من مزيج الطاقة الكلي في البلاد، ضمن خطة شاملة للوصول إلى 30% من الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة بحلول نفس العام.
مشروعات عملاقة على الطريق
تدعم هذه الاستراتيجية اتفاقيات دولية ومحلية ضخمة تم توقيعها مؤخرًا، منها مشروع مزرعة رياح غرب سوهاج بقدرة 10 جيجاوات، والذي تنفذه تحالفات عالمية بقيادة شركة مصدر الإماراتية، وإنفينيتي، وحسن علام المصرية. وتُعد هذه المزرعة من أكبر مشروعات الرياح في العالم قيد الإنشاء، ما يعزز قدرة مصر على لعب دور محوري في تصدير الطاقة الخضراء مستقبلًا.
أهمية الإنجاز
هذا الإنجاز لا يُعد فقط رقمًا على قائمة دولية، بل هو شهادة عالمية على نجاح مصر في تنفيذ سياسات فعالة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، ومؤشر واضح على قدرتها في المنافسة عالميًا في مجال الطاقة المتجددة، خاصة في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه العالم. كما يؤكد التزام الدولة المصرية بمبادئ العدالة المناخية والاستدامة، ويضعها في مقدمة الدول الجاذبة للاستثمارات في هذا القطاع الحيوي.
مصر اليوم ليست فقط ضمن الـ20 الكبار في طاقة الرياح، بل في طريقها لأن تكون مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة في أفريقيا والشرق الأوسط، بفضل رؤية استراتيجية واضحة، وشراكات دولية قوية، واستثمارات مدروسة تقود نحو المستقبل.