نيجيريا تودع رئيسها الأسبق محمد بخاري عن 82 عامًا: رحيل رجل الإصلاحات الصارمة والجدل السياسي

أعلنت عائلة الرئيس النيجيري الأسبق محمد بخاري، مساء الأحد، وفاته عن عمر ناهز 82 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة داخل عيادة خاصة في العاصمة البريطانية لندن.
وجاء الإعلان الرسمي عبر بيان مقتضب وقّعه المتحدث باسم العائلة، جاربا شيخو، الذي أوضح أن الفقيد توفي بهدوء، محاطًا بأفراد أسرته، بعد مسيرة سياسية وعسكرية حافلة امتدت لعقود.
من الجنرال العسكري إلى الرئيس المدني
ولد محمد بخاري في ديسمبر 1942، وشغل أول مرة منصب رئيس الدولة في عام 1983 بعد انقلاب عسكري، ليحكم نيجيريا بقبضة حديدية حتى عام 1985. وبعد عقود من المحاولات الانتخابية الفاشلة، عاد بخاري إلى الحكم في عام 2015، ولكن هذه المرة عبر صناديق الاقتراع، في لحظة وُصفت بأنها محطة فارقة في مسار التحول الديمقراطي في البلاد.
تميزت ولايته بمحاربة الفساد المالي والإداري، حيث قاد حملات شرسة لإعادة الأموال المنهوبة، كما تبنّى رؤية اقتصادية تسعى إلى تنويع مصادر الدخل، خاصة من خلال الزراعة والصناعات الصغيرة، في بلد يعتمد بشدة على صادرات النفط.
نهاية عهد وبداية تكريم
انتهت الولاية الثانية لبخاري في عام 2023، حين سلّم مقاليد الحكم لخلفه بولا أحمد تينوبو، وسط جدل واسع حول سجل حقوق الإنسان، والأداء الاقتصادي، وتصاعد التهديدات الأمنية، لا سيما من جماعة بوكو حرام شمال البلاد.
وفي أول رد فعل رسمي، أصدر الرئيس النيجيري الحالي تينوبو قرارًا بإيفاد نائبه كاشيم شيتيما إلى لندن لمرافقة جثمان الفقيد إلى أرض الوطن، تمهيدًا لإقامة مراسم دفن رسمية، فيما أعلنت وزارة الاتصالات النيجيرية تنكيس الأعلام في عموم البلاد لثلاثة أيام حدادًا على الرئيس الراحل.
بخاري سيظل شخصية محورية في التاريخ النيجيري المعاصر؛ إذ يُشيد به أنصاره كـ”رجل الإصلاحات الصارمة” الذي واجه الفساد بلا هوادة، بينما يراه منتقدوه قائداً تسلطيًا قيّد الحريات وأخفق في معالجة الأزمات الأمنية والاقتصادية المتفاقمة.
ومع ذلك، يبقى إرثه حافلاً بالتناقضات التي تعكس تعقيد المشهد النيجيري: رجل عسكري آمن بالسلطة، لكنه عاد عبر الديمقراطية؛ قائدٌ اتُّهم بالجمود، لكنه حاول دفع بلاده نحو التحديث؛ زعيمٌ صارم، لكنه ترك خلفه دولة لا تزال تبحث عن الاستقرار.