أخبار عاجلةأخبار السياحة

يوسف العومي يكتب: حملات أم سمسرة؟

مع كل موسم عمرة جديد، يتجدد الحديث عن “الكيانات غير الشرعية” و”سماسرة العمرة” الذين يخدعون المواطنين ويورطونهم في رحلات غير قانونية، مما يهدد أمنهم وسلامتهم، ويضر بصورة مصر ومصداقيتها في الخارج. لكن هذا العام، القضية أعمق وأكثر تعقيدًا مما تبدو عليه، فهناك سماسرة آخرون يظهرون بوجه مختلف: سماسرة “الحملات الإعلامية” نفسها!

نعم، لم نعد نواجه فقط سماسرة تأشيرات وعمولات، بل أصبحنا في مواجهة من يفترض أنهم مكلفون بحماية السوق وتوعية المعتمرين، فإذا بهم يمارسون سمسرة من نوع آخر: سمسرة إعلامية، وتسويق علاقات، وتحقيق مكاسب تحت غطاء “التوعية”، وفي النهاية، يتحول المشروع من حملة توعية إلى بيزنس مغلف بالشعارات.

وبدلاً من أن تنقلب هذه الحملات على الكيانات غير الشرعية، انقلبت على من يموّلها ويدعمها. “انقلب السحر على الساحر”، وصرنا جميعًا، على رأي الراحل محمود عبد العزيز في فيلمه الشهير: “يا عزيزي… كلنا ….!”

فمن ينفذ هذه الحملات؟ ومن يملك هذه الشركات الإعلامية التي تتولى هذه المهام؟ ولماذا لا يُعلن عن ميزانية الحملة؟ ولماذا يظل الرقم الحقيقي المرصود للحملة القادمة – التي أعلنت غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة نيتها إطلاقها قريبًا – طي الكتمان؟ ولماذا لا نعرف حتى الآن أي تفاصيل شفافة عن أسماء الشركات المنفذة أو خلفيات أصحابها؟ وهل يملكون أصلًا خبرات حقيقية في الإعلام والتسويق السياحي؟ أم أن كل الأمر مجرد تقسيم كعكة و”سبوبة” جديدة في موسم العمرة؟

الغريب أن الشركات السياحية – وهي من تموّل الحملة من جيبها في النهاية – لا تعلم تفاصيل الإنفاق، ولا تُستشار في آلية التنفيذ، وكأن المطلوب فقط هو دفع الفاتورة والسكوت.

كل هذه الأسئلة تُطرح الآن بقوة داخل أروقة القطاع السياحي، وفي الكواليس التي يعرفها الجميع لكن لا يجرؤ أحد على الحديث عنها صراحة. فهل يتحرك أحد؟ وهل نمتلك الشجاعة لكشف هذا الملف بالكامل؟ أم نظل نردد “كلنا في الهوا سوا” ونكتفي بالمشاهدة من بعيد؟

موسم العمرة على الأبواب، وحان وقت المكاشفة لا التجميل. فالحملات الإعلامية ليست للتربح ولا للتلميع، بل مسؤولية وطنية. وإذا تحولت إلى سبوبة، فقدنا البوصلة… وأصبح السمسار يواجه السمسار، والضحية دائمًا هو المواطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »