أخبار عاجلةأخبار العالم

كمبوديا وتايلاند على شفا التصعيد العسكري: اشتباكات دموية وخلاف حدودي يشتعل

شهدت المناطق الحدودية بين كمبوديا وتايلاند صباح اليوم تصعيدًا خطيرًا، بعد تبادل مكثف لإطلاق النار بين قوات البلدين في محيط منطقة براسات تا موان ثوم، إحدى البؤر المتنازع عليها.
وأكدت وزارة الدفاع الكمبودية مقتل 12 تايلانديًا – بينهم 4 مدنيين – وإصابة 3 جنود كمبوديين، في ما وصفته بـ”الرد الدفاعي على قصف غير مبرر”.

في المقابل، أعلنت تايلاند استخدام طائرات F-16 لقصف مواقع عسكرية كمبودية “ردًا على اختراق حدودي وتهديد مباشر للسيادة الوطنية”. كمبوديا من جهتها ردت بوابل من القصف المدفعي طال مواقع تايلاندية قرب الحدود.

images 1 3 كمبوديا وتايلاند على شفا التصعيد العسكري: اشتباكات دموية وخلاف حدودي يشتعل

أقدمت الحكومة الكمبودية على طرد السفير التايلاندي في بنوم بنه وخفضت مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى أدنى درجاتها.

طالبت كمبوديا مجلس الأمن الدولي بالتدخل العاجل، معتبرة الهجوم “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي” في المقابل، دعت تايلاند إلى الحوار، لكنها أكدت “جاهزيتها لأي تصعيد محتمل”.

الجغرافيا وحدود النزاع

تقع كمبوديا في قلب جنوب شرق آسيا، وتحدها تايلاند من الغرب، ويبلغ طول الحدود بينهما 803 كم، أما النزاع فيتركز في المناطق الجبلية التي تحتضن مواقع أثرية مثل معبد برياه فيهير وبراسات تا موان ثوم، وهي مناطق غير واضحة السيادة وفقًا لخرائط استعمارية متضاربة.

كمبوديا تستند إلى قرار محكمة العدل الدولية الصادر عام 1962، الذي منح السيادة على معبد برياه فيهير لها، في حين تتمسك تايلاند بخريطة فرنسية تعود لعام 1907 تُظهر تبعية بعض المناطق الحدودية لها.

جذور الأزمة: التاريخ الاستعماري والمعابد الأثرية

images 5 كمبوديا وتايلاند على شفا التصعيد العسكري: اشتباكات دموية وخلاف حدودي يشتعل

1. الخرائط الفرنسية (1907):
خلال الحقبة الاستعمارية، رسمت فرنسا (التي استعمرت كمبوديا) حدودًا غامضة مع مملكة سيام (تايلاند حاليًا)، ما أدى إلى نشوء مناطق غير محددة السيادة.

2. المعابد المتنازع عليها:

معبد برياه فيهير: رغم حُكم محكمة العدل الدولية لصالح كمبوديا، لا تزال تايلاند ترفض الاعتراف الكامل به وتطالب بمراجعة المناطق المحيطة.

براسات تا موان ثوم: شهد هذا الموقع اشتباكات متكررة، كان أحدثها اليوم، وتتهم كل دولة الأخرى بمحاولة فرض واقع جديد.

3. الألغام الأرضية:
تتهم تايلاند كمبوديا بزرع ألغام جديدة، بينما تؤكد كمبوديا أن الألغام هي بقايا من حروب سابقة، خاصة من فترة الخمير الحمر.
تصعيد عسكري في يوليو 2025

تصاعد التوتر منذ مطلع يوليو، بعد تحركات عسكرية تايلاندية قرب المناطق الحدودية، و في 24 يوليو، اندلع القتال الأوسع منذ عام 2011، حين اشتبكت القوات بسبب النزاع نفسه، وصرح مراقبون من منظمة آسيان أن الطرفين “يختبران حدود التحمل السياسي”، وسط قلق من انزلاق الأمور نحو حرب مفتوحة.
لكن النزاع بين البلدين ليس دينيًا بالمعنى المباشر (أي لا يتعلق باختلاف عقائدي أو صراع طائفي).
فكلا الشعبين يعتنق نفس الديانة وذات المدرسة البوذية (تيرافادا)، بل ويشتركان في الكثير من الرموز الثقافية والدينية وحتى في اللغة (بعض الكلمات السنسكريتية والبالية).
لكن النزاع يرتبط أحيانًا بالرمزية الدينية للمعابد:فمعبد برياه فيهير ومعبد براسات تا موان ثوم ليسا مجرد آثار، بل يُنظر إليهما كـ”رموز قومية مقدسة”، تحتوي على نقوش وتماثيل بوذية قديمة، فكل طرف يدّعي أحقيته التاريخية في رعاية هذه المواقع التي تُعد امتدادًا للهوية الثقافية والدينية لكل شعب.

وفي الخطاب السياسي والإعلامي، يُستخدم الدين كعنصر تعبوي لا كمسبب مباشر للنزاع، تُصور المعابد وكأنها “مواقع مقدسة سُلبت من الوطن”، ما يُلهب مشاعر الجماهير، وفي بعض الأحيان، يتورط رهبان بوذيون في تأجيج النزاع، من خلال تصريحات قومية أو حضورهم رمزيًا قرب المناطق المتنازع عليها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »