مؤشر هينلي 2025 خريطة جديدة لقوة جوازات السفر عالميًا وافريقيًا وعربيًا
كشف مؤشر “هينلي لجوازات السفر” لعام 2025 عن تحولات لافتة في ترتيب أقوى جوازات السفر عالميًا، حيث واصلت دول آسيا بقيادة سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية هيمنتها على المراتب الأولى. تصدرت سنغافورة القائمة العالمية، إذ يمكن لحاملي جوازها دخول 193 وجهة دون تأشيرة، تليها اليابان وكوريا الجنوبية بإمكانية دخول 190 وجهة. في المركز الثالث جاءت سبع دول أوروبية من بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، حيث توفر جوازاتها إمكانية دخول 189 دولة.
في المقابل، تراجعت القوى التقليدية التي لطالما احتلت الصدارة لعقود، فقد انخفض ترتيب المملكة المتحدة إلى المركز السادس، بينما تراجعت الولايات المتحدة إلى المركز العاشر، وهي في طريقها للخروج من قائمة العشرة الأوائل للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عامًا، هذا التراجع يعكس تغيّر ميزان النفوذ العالمي، وتحولات السياسة الدولية التي باتت تؤثر بشكل مباشر على حرية تنقل المواطنين.
إفريقيًا: دول الجزر تتفوق والمغرب العربي يواصل التقدم البطيء
في القارة الإفريقية، احتلت سيشيل المركز الأول كأقوى جواز سفر إفريقي لعام 2025، حيث يتيح لحامليه دخول 156 دولة دون تأشيرة، وهو ما يعكس نجاح هذه الدولة الجزرية في بناء علاقات دبلوماسية متوازنة. تلتها موريشيوس في المركز الثاني على الصعيد الإفريقي بـ150 وجهة، ثم جنوب إفريقيا التي بقيت في طليعة الدول الإفريقية القارية رغم بعض التراجع.
برزت بوتسوانا وناميبيا كلاعبين صاعدين على مستوى القارة، بينما سجلت دول شمال إفريقيا حضورًا متفاوتًا؛ حيث احتل المغرب مركزًا متقدمًا مقارنة بجيرانه، متبوعًا بتونس والجزائر، في حين ما زالت دول مثل السودان وليبيا في مراتب متأخرة بسبب الظروف السياسية والأمنية.
الإمارات تواصل ريادتها عربيًا… وسوريا واليمن في ذيل القائمة
عربيًا، حافظت الإمارات العربية المتحدة على صدارتها دون منازع، واحتلت المركز الأول عربيًا والثامن عالميًا، حيث يتيح جواز السفر الإماراتي لحامليه دخول 184 دولة حول العالم دون تأشيرة أو بتأشيرة عند الوصول. ويرى مراقبون أن هذه القفزة تعكس عقودًا من الدبلوماسية النشطة واتفاقيات الإعفاء المتعددة التي أبرمتها الدولة.
في المرتبة الثانية عربيًا جاءت قطر، التي حلّت في المركز السابع والأربعين عالميًا، تليها الكويت، ثم السعودية والبحرين، التي أكملت خماسية المقدمة في العالم العربي. كما سجلت سلطنة عُمان حضورًا قويًا في المراتب المتوسطة، بينما جاء المغرب وتونس والجزائر ومصر في مراكز متقاربة وإن كانت أقل من الطموح، بسبب القيود المفروضة على مواطنيها من قبل دول أوروبية وأمريكية.
أما في ذيل القائمة عربيًا، فجاءت سوريا في المرتبة قبل الأخيرة عالميًا (98 من 99)، متقدمة فقط على أفغانستان، في حين تساوت كل من العراق واليمن والصومال في المرتبة 96. ويعاني مواطنو هذه الدول من صعوبات هائلة في التنقل بسبب الحروب، وعدم الاستقرار، وقيود دولية صارمة على تأشيرات الدخول.
التحول الجيوسياسي في حرية التنقل
أشار التقرير إلى أن صعود دول مثل الإمارات والصين في التصنيف ليس مصادفة، بل نتاج لعمل دبلوماسي منظم واتفاقيات استراتيجية. فقد كسبت الإمارات 34 مركزًا في التصنيف خلال السنوات العشر الماضية، في حين حسّنت الصين من ترتيبها بشكل ملحوظ، بعدما كان جوازها في الثلث الأخير من القائمة قبل عقد من الزمان.
في الوقت ذاته، أظهر التقرير أن حرية التنقل أصبحت أداة قياس لقوة الدولة الناعمة، ومرآة لعلاقاتها السياسية والاقتصادية حول العالم. وأكد محللو المؤشر أن “جواز السفر لم يعد مجرد وثيقة سفر، بل مؤشر على مكانة الدولة في النظام العالمي الجديد”.
ويخلص مؤشر هينلي 2025 إلى أن خريطة التنقل الدولي باتت أكثر تعقيدًا، حيث لم تعد القوى التقليدية (مثل الولايات المتحدة وبريطانيا) تتمتع بالهيمنة المطلقة، بل باتت دول ناشئة ومفتوحة مثل سنغافورة والإمارات تحقق تقدمًا غير مسبوق. وبينما تحافظ أوروبا على حضور قوي، فإن إفريقيا والعالم العربي يظلان في موقع متأرجح، بين تحديات الواقع وفرص التغيير.
