الكاميرون: الرئيس “بول بيا”يطيح بأقوى منافسيه قبيل الانتخابات

في الكاميرون وفي تطور مثير قبيل الانتخابات الرئاسية في أكتوبر المقبل، أطاح الرئيس بول بيا بأبرز منافسيه السياسيين، زعيم المعارضة موريس كامتو، عبر استبعاد حزبه من السباق الانتخابي بموجب المادة 121 من قانون الانتخابات.
وقد اعتبر محللون هذه الخطوة محاولة صريحة لتفصيل القانون على مقاس النظام الحاكم، وتمهيدًا لساحة سياسية خالية من التحديات، ما يفتح الباب أمام بيا، البالغ من العمر 92 عامًا، للتمديد لنفسه للمرة الثامنة.
كامتو، الذي جاء ثانيًا في انتخابات 2018 بنسبة 14% من الأصوات، وادعى حينها أنه الفائز الحقيقي وسط اتهامات بالتزوير، كان يشكّل الخطر الأكبر على بقاء الرئيس العجوز في السلطة. ومع استبعاده، لم يتبقَّ سوى 12 مرشحًا من أصل أكثر من 80 تقدموا بأوراقهم، معظمهم غير معروفين جماهيريًا أو يفتقرون للدعم التنظيمي الحقيقي.
استبعاد كامتو لا يُقرأ فقط كإجراء قانوني؛ بل كـ رسالة سياسية واضحة بأن النظام الحاكم لا ينوي التنازل أو فتح الباب أمام أي تداول سلمي للسلطة.
ويُعيد هذا القرار إلى الأذهان ممارسات قديمة طالما اتُّهم بها نظام بيا، تتعلق بالسيطرة المحكمة على المفوضية الانتخابية، واستغلال القضاء لتهميش الخصوم السياسيين.
وقد حذّرت مصادر دبلوماسية من أن هذا السيناريو سيُعمّق الانقسام الداخلي ويزيد من احتمالات اندلاع احتجاجات شعبية، خاصة في صفوف الشباب والمجتمعات الناطقة بالإنجليزية، التي تمثل بيئة خصبة للغضب السياسي.
بيا… حاكم يتحدي الزمن
الرئيس بول بيا، الذي يحكم البلاد منذ عام 1982، يبدو غير مكترث للدعوات المطالبة بالتغيير أو التخوفات من التدهور الصحي، وأعلن هذا الشهر عن نيته الترشح لولاية جديدة مدتها 7 سنوات، مبررًا ذلك بـ”ضرورة استكمال المشاريع التنموية وتحقيق الاستقرار”.
لكن الواقع يُظهر أن بيا يستند في بقائه على تحالفات داخل المؤسسة العسكرية، وأجهزة الاستخبارات، ونخب اقتصادية موالية له، في مقابل تآكل شعبيته في الشارع وتزايد الاحتقان السياسي.
المعارضة المشتتة… والحراك المغيب
استبعاد كامتو كشف ضعف البنية السياسية للمعارضة، التي فشلت في تقديم بديل موحد أو تشكيل جبهة قوية تتصدى لمشروع التوريث السياسي. كما أن المجتمع المدني، وإن كان نشطًا، يواجه تضييقًا واعتقالات متكررة، ما يصعّب عليه حشد الشارع في هذه اللحظة المفصلية.
وبحسب نشطاء ميدانيين، فإن الضغط الأمني الشديد وسيطرة الإعلام الرسمي على المشهد جعلا الحملات الانتخابية شكلية أكثر منها تنافسية، في ظل مناخ عام يوصف بأنه “مُجهض للديمقراطية قبل أن تولد”.
العين الدولية تراقب بصمت… حتى الآن
ورغم التنديدات الخجولة من بعض المنظمات الحقوقية مثل العفو الدولية، لا يزال المجتمع الدولي يتعامل مع ما يحدث في الكاميرون ببرود نسبي، لأسباب تتعلق بالمصالح الإقليمية، والاستقرار الأمني، والتعاون في ملف محاربة الإرهاب.
لكن مراقبين يرون أن استمرار هذا الصمت قد يشجع النظام على مزيد من التضييق، ما قد يدفع البلاد إلى نقطة انفجار سياسي واجتماعي
وأمام هذا الوضع فإن خطر الاحتجاجات وارد، والمجتمع الدولي مطالب بتحرك جاد “الانتخابات المقبلة في الكاميرون ليست منافسة بين برامج… بل صراع بين سلطة متجذّرة، وشعب يبحث عن بداية جديدة.”