أخبار عاجلةاخبار افريقياشمال افريقيا

البنك الدولي: الجزائر تدخل رسميًا نادي الدول ذات الدخل المرتفع

في تطور يُعدّ علامة فارقة في مسار التنمية الاقتصادية، أعلن البنك الدولي رسميًا تصنيف الجزائر ضمن فئة “الدخل المرتفع” لعام 2025، وذلك بعد مراجعة شاملة للحسابات القومية رفعت تصنيفها من “الدخل المتوسط” إلى “الدخل المرتفع”. هذا التحوّل يضع الجزائر ضمن نادي اقتصادي نادر في إفريقيا، حيث انضمت إلى قائمة تضم 10 دول إفريقية فقط تنتمي لهذه الفئة، بينها سيشل وليبيا وجنوب إفريقيا والجابون .

ويعزى هذا التصنيف إلى تحسن منهجي في مؤشرات الاقتصاد الكلي، مدعوماً بعوامل متعددة:
في مقدمتها إدراج الإنفاق على البحث والتطوير ضمن الاستثمارات، وتحسين قياس إنتاجية القطاع العام، ما رفع قيمة الناتج المحلي الإجمالي .
ثانيا ولم يعد الاقتصاد يعتمد فقط على المحروقات (التي تشكل 90% من الصادرات)، بل ساهمت قطاعات الصناعة والفلاحة والاتصالات بنحو 4.8% في نمو الناتج غير النفطي عام 2024 .
ثالثًا دخول الاستثمارات الكبرى مثل مشروع منجم الحديد في غار جبيلات (بإيرادات متوقعة 10-14 مليار دولار سنوياً)، ومصنع السكر في بومرداس (2 مليون طن سنوياً)، ومشاريع التعدين العملاقة التي ستُدشن عام 2026 .
-رابعًا اعتماد سياسة كبح التضخم عند 4% عام 2024 بفضل أداء قطاع الزراعة، وارتفاع الإنفاق العام إلى 43.7% من الناتج المحلي .

ووفقًا لتصنيف البنك الدولي:
تُعدّ الجزائر رابع أكبر اقتصاد عربي (بناتج محلي متوقع 268.9 مليار دولار عام 2025)، وثاني اقتصاد في شمال إفريقيا بعد مصر، وبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي 5,799 دولاراً عام 2024، بزيادة 42 مليار دولار عن عام 2023، وهو ما يُعتبر حاسماً في تصنيف الدخل .
وعلى المستوى الإفريقي، تحتل الجزائر المرتبة الرابعة بقيمة ناتج إجمالي تعادل 628.99 مليار دولار (حسب تعادل القوة الشرائية) .
رغم الإنجاز، تُحذر تقارير البنك الدولي والخبراء من مخاطر قائمة: العجز في الحساب الجاري وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي بسبب تراجع إنتاج المحروقات وارتفاع الواردات، ما يجعل الاقتصاد حساساً لتقلبات أسعار النفط .
-ضعف الإنتاجية: خاصة في قطاعي التصنيع والخدمات، حيث تُعدّ الإنتاجية الكلية من الأدنى إقليمياً .
التفاوت الاجتماعي: لا يعكس ارتفاع الدخل بالضرورة تحسناً شاملاً في المعيشة، فالتحديات مثل البطالة وضعف الخدمات الصحية والتعليمية ما زالت قائمة .
-بيئة الأعمال: تحتل الجزائر المرتبة 76 من أصل 82 دولة في تصنيف سهولة ممارسة الأعمال، و173 من 184 في مؤشر الحرية الاقتصادية .

يشدد البنك الدولي على أن الحفاظ على هذا التصنيف يتطلب: تسريع التحول الهيكلي، عبر تحويل الوظائف إلى قطاعات ذات قيمة مضافة عالية كالصناعة التكنولوجية والخدمات المتقدمة، وتعزيز الحوكمة، بمراجعة أنماط التسيير، ومكافحة الفساد الذي تراجع مؤشره 8 درجات عام 2023 .
– جذب الاستثمار الأجنبي: لدعم نقل التكنولوجيا ورفع الإنتاجية، وهو “الطريق الملكي” لتحقيق انتقال دائم إلى مصاف الدول المتقدمة .
مسار النمو في الجزائر متين، لكن التوازنات المالية تبقى حساسة لتقلبات النفط. تسريع التحول الهيكلي أساسي لتعزيز الصمود” – **كمال براهم، الممثل المقيم للبنك الدولي في الجزائر.
فصعود الجزائر إلى شريحة الدخل المرتفع يمثل اعترافاً دولياً بجدوى سياسات التنويع والإصلاح المالي. لكن الطريق نحو اقتصاد قادر على الصمود أمام الصدمات الخارجية، وتحقيق رفاه شامل للمواطنين، ما زال يتطلب معالجة الإشكاليات الهيكلية، ونجاح الجزائر في هذا المسار سيجعلها نموذجاً للتنمية المتوازنة في إفريقيا والعالم العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »