الأوبرا الملكية البريطانية تلغي عرض في تل أبيب استجابة لاحتجاج موظفيها بسبب حرب غزة

أعلنت هيئة الباليه والأوبرا الملكية البريطانية (Royal Ballet and Opera – RBO) عن إلغاء عرض أوبرا “التوسكا” الذي كان من المقرر تقديمه في يوليو 2026 في دار أوبرا تل أبيب، وذلك عقب احتجاج داخلي نادر من موظفيها، اعتراضًا على استمرار التعاون الفني مع مؤسسات إسرائيلية في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة.
جاء هذا القرار المفاجئ في أعقاب رسالة مفتوحة وقع عليها 182 من العاملين في الهيئة، من بينهم راقصون ومغنون وموسيقيون وفنيون وإداريون، أعربوا خلالها عن رفضهم لمواصلة أي شكل من أشكال التعاون الثقافي مع إسرائيل في ظل ما تشهده غزة من عمليات عسكرية. وطالبت الرسالة إدارة الهيئة بوقف كافة العروض المستقبلية داخل إسرائيل، واصفة الشراكات القائمة – وخاصة تلك مع أوبرا تل أبيب التي تقدم تذاكر مجانية للجنود الإسرائيليين – بأنها تمثل دعمًا رمزيًا لما وصفوه بـ”الجرائم ضد الإنسانية”.
وبحسب ما نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، فإن الاحتجاج تصاعد بعد أن قام أحد الفنانين برفع العلم الفلسطيني على المسرح خلال العرض الختامي لأوبرا “إل تروفاتوري”، وهي خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل المؤسسة، خصوصًا بعد محاولة مدير الأوبرا أوليفر ميرز نزع العلم بالقوة، وهو ما اعتبره اتحاد العاملين في المؤسسة سلوكًا عدائيًا ضد حرية التعبير، وتجاهلًا لمشاعر الموظفين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني.
وبعد هذه التطورات، أصدرت الهيئة بيانًا رسميًا على لسان المدير التنفيذي أليكس بيرد، أكّد فيه أن قرار إلغاء العرض جاء بعد مراجعة داخلية دقيقة ومعمقة، مشيرًا إلى أن الهيئة تسعى دائمًا لاحترام آراء موظفيها، والتعامل مع القضايا الإنسانية والسياسية الجارية بمسؤولية والتزام أخلاقي. وأضاف بيرد أن الموقف الحالي لا ينفصل عن التوجه العام الذي اتبعته المؤسسة سابقًا، حيث أبدت دعمها العلني لأوكرانيا خلال الحرب، موضحًا أن الوضع في الشرق الأوسط يحظى الآن باهتمام مماثل من حيث التقدير لتداعياته الإنسانية والجيوسياسية.
ويُعد قرار الإلغاء هذا سابقة استثنائية في تاريخ هيئة الباليه والأوبرا الملكية البريطانية، إذ يُمثّل نقطة تحوّل في كيفية تعامل المؤسسات الثقافية والفنية الغربية مع مسؤولياتها الأخلاقية تجاه القضايا الإنسانية والصراعات السياسية المعاصرة. كما يُسلّط الضوء على تصاعد الوعي والتفاعل داخل الأوساط الفنية البريطانية مع الأوضاع في غزة، ورفضها للممارسات التي قد تُفهم كدعم غير مباشر لسياسات القمع أو الحرب.
ويؤكد هذا الموقف أن الثقافة والفن لم تعدا بمعزل عن التطورات الجيوسياسية، وأن المؤسسات الفنية الكبرى باتت مطالبة بإعادة النظر في شراكاتها الدولية بما يتوافق مع قيم العدالة وحقوق الإنسان، لا سيما في ظل تصاعد أصوات العاملين داخل هذه المؤسسات ضد ما يعتبرونه تواطؤًا صامتًا مع الانتهاكات التي تُرتكب بحق المدنيين في مناطق النزاع.
إقرأ المزيد
شيخ الأزهر: مبررو مأساة غزة فقدوا غطاءهم الزائف من دعاوي حقوق الإنسان وغيرها