أخبار عاجلةالرأي

السفير دكتور صلاح حليمة يكتب : رؤية تحليلية لزيارة الرئيس الأوغندي لمصر

مصر وأوغندا: شراكة استراتيجية لتعزيز التنمية المستدامة في حوض النيل و إفريقيا

تكتسب زيارة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني أهمية بالغة من حيث أولا ،  أن أوغندا احدي القوي الإقليمية في القارة الافريقية ذات الوزن  والتأثير علي مجريات الأمور بدول القارة ، وثانيا  أن أوغندا إحدى دول حوض النيل التي تضطلع بدور حيوي في إطار إدارة الموارد المائية ربطا بإتفاقية عنتيبي وبالتالي سد النهضة ، وثالثا اذا كانت  الزيارة تأتي عقب فترة طويلة لآخر زيارة قام بها الرئيس الأوغندي  لمصر لتعزز من أهميتها في اطار العلاقات الثنائية التي تمتد بجذورها إلي الخمسينات في تنام وتعاظم في مجالات عديدة ، فإنها تجئ في توقيت تشهد فيه القارة الإفريقية تحديات ومخاطر جسام تتعلق بالأمن والاستقرار وفرص شيوع السلام ، ربطا بآفاق التنمية المستدامة التي من بينها بل وأبرزها الامن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة ، في ظل تكالب قوي إقليمية ودولية علي القارة الإفريقية الغنية بالموارد والثروات الطبيعية ، ورابعا تتواكب الزيارة في توقيت تواجه فيه دول بالقارة الإفريقية حزمة من الأزمات والقضايا المتسمة بالصراع المسلح الممتد تضطلع فيه قوي إقليمية ودولية بأدوار وتدخلات تزيد من حدته واستمرارة وكانت محل اهتمام لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الأوغندي .

واقع الأمر علي مستوي العلاقات الثنائية كان أبرز مخرجات الزيارة هي العمل بشكل جدي وعملي علي الارتقاء بمستوي العلاقات بين البلدين إلي الشراكة  الاستراتيجية وأساسها التعاون الاستراتيجي علي محاورها الأساسية الأربعة ( الأمني / العسكري ) السياسي / الاقتصادي / الاجتماعي  ، حيث تم الاتفاق عبر عدد من مذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها ،بتعظيم التعاون الأمني والعسكري بين البلدين وانشاء لجنة لهذا الغرض تعقد اجتماعاتها سنويا وبما يسهم في مكافحة الإرهاب .

وفي المجال الاقتصادي تمحورت حول الموارد المائية والتعاون في المجال الزراعي والغذائي وتشجيع الاستثمارات وخاصة في مجال البنية التحتية والمرتبطة بأمن الطاقة ، وطرح الرئيس في هذا الصدد استعداد مصرفي اطار دعمها لجهود التنمية في دول حوض النيل عامة وأوغندا خاصة بالمساهمة في تمويل مشروع سد ” انج ولولو”  بين أوغندا وكينيا من خلال الآلية التي أطلقتها مصر للاستثمار في البنية التحتية بدول حوض النيل بتمويل مبدئي 100 مليون دولار ، وهي بذلك تؤكد وتدلل علي كذب أثيوبيا وادعاءاتها  عن موقف مصر بصدد التنمية وتوليد الطاقة في إطار سد النهضة . كما أكدا علي العمل علي زيادة حجم التبادل التجاري بل وتشكيل  آليات تنفيذ وتفعيل الاتفاقات في هذا الصدد بتشكيل مجلس اعمال مشترك وتبادل زيارات رجال الاعمال كما تم عقد منتدي لرجال الأعمال علي هامش الزيارة كآلية مستحدثة  وكان من ابرز المخرجات أيضا تعظيم التعاون في مجال بناء القدرات والتدريب وبالنظم الصحية وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الامراض البيطرية المرتبطة بالثروة الحيوانية .

واقع الأمر أيضا كان موضوع الإدارة المتكاملة للموارد المائية الأبرز والأكثر أهمية ، حيث تم التوقيع علي مذكرة تفاهم في هذا الصدد للبناء علي التعاون الممتد لأكثر من عشرين عاما بين البلدين دعما للتنمية في أوغندا بقيمة تصل الي 6 مليون دولار .

وقد توافقت الرؤي بصدد مياه النيل الأزرق علي ضرورة تعزيز العمل لتحقيق المنفعة المشتركة والعمل المشترك ومراعاة مصالح كافة الاطراف ، وعدم إيقاع الضرر بأي طرف وفقا لقواعد القانون الدولي  .وفي هذا الصدد أكد الرئيس السيسي علي رفض مصر للتصرفات الأحادية وفرض الأمر الواقع فهي مخالفة صريحة وانتهاك واضح للقانون الدولي بل وللمواثيق والاتفاقات الدولية ذات الصلة ، تأسيسا علي أن نهر النيل نهر دولي السيادة عليه مشتركة وليست أحادية ، وأنه يتعين طبقا للاتفاقات الدولية والقانون الدولي والتجارب الناجحة لدول متشاطئة علي نهر دولي وللحقوق التاريخية المكتسبة يتعين الالتزام بالتوزيع أو الأقتسام المنصف والعادل وعدم التسبب في أي ضرر جسيم (ذي شأن )، وهو ما نص عليه القانون الدولي  واتفاق اعلان المبادئ في هذا الصدد ، خاصة وأن اجمالي ما يتساقط من مياه 1600 مليار متر مكعب ما يصل منها إلي النيل الأزرق لمصر والسودان يمثل 4 % من هذا الإجمالي  ، وبالتالي فإن مصر وهي تؤكد علي دعمها للتنمية لدول حوض النيل تتمسك بحقوقها المائية المرتبطة بالحياة والوجود لمصر ولن تتخلي عنها ، مهما تعرضت لضغوط أي كان مصدرها وأهدافها في إشارة أو تلميح إلي ما أثاره الرئيس ترامب في هذا الصدد والموقف المصري الرافض لأية ضغوط تمس الحقوق المصرية .

وقد عول الرئيس السيسي علي دور أوغندي في اطار اللجنة السباعية  التي ترأسها أوغندا للتوصل إلي  ” توافق ” حول النقاط الخلافية يحقق المصلحة للجميع ، بمفهوم أن هذا الدور الأوغندي يشمل في إطار دول حوض النيل كل من اتفاقية  عنتيبي التي بها عوار قانوني لا يتسق واحكام القانون الدولي خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين دول المنبع ودولتي المصب  ، وأيضا ما يرتبط بسد النهضة من مواقف وممارسات إثيوبية تجاه دولتي المصب تهدر الحقوق وتسبب الضرر الجسيم ، بما يدفع مصر إلي تأكيد موقفها المبدئي باللجوء إلي كافة الوسائل لدفاع عن حقوقها وأمنها المائي قي الأطر القانونية .

 

إقرأ المزيد :

الرئيس الأوغندي موسيفيني: نهر النيل يربط بين مصر وأوغندا وفرص التعاون الاقتصادي هائلة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »