أخبار عاجلةاخبار افريقياالقرن الافريقى

التقرير الأمريكي لحقوق الإنسان في إثيوبيا : انتهاكات واسعة النطاق وسط النزاعات المسلحة وتدهور الحريات

تقييم صارخ لوضع حقوق الإنسان في إثيوبيا

قدّمت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي لعام 2024 حول ممارسات حقوق الإنسان في إثيوبيا صورة قاتمة للوضع الحقوقي في البلاد، حيث وثّقت انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق ارتكبتها أطراف حكومية وغير حكومية، في ظل استمرار الصراعات في مناطق متعددة.

التقرير، الذي استند إلى نتائج منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ولجنة حقوق الإنسان الإثيوبية، إضافةً إلى وسائل إعلام مستقلة، أشار إلى استمرار عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتضييق الشديد على حرية التعبير والتجمع.

جرائم حرب وتطهير عرقي في غرب تيغراي

أفاد التقرير الذي نقلت أجزاء منه صحيفة أديس ستاندرد الإثيوبية بوقوع عمليات قتل جماعي للمدنيين، وتهجير قسري واسع، وعمليات تطهير عرقي، وجرائم اغتصاب، وعنف جنسي ضد النساء والفتيات، ونهب وتدمير ممتلكات، ارتكبتها ميليشيات أمهرة والجماعات المتحالفة معها في غرب تيغراي.

كما وثّق عمليات قتل غير قانونية واسعة النطاق في أمهرة وأوروميا ومناطق أخرى، ارتكبها جيش تحرير أورومو وميليشيا أمهرة فانو، إضافةً إلى هجمات نفذتها ميليشيات محلية في أقاليم عفر وأمهرة وأوروميا وغامبيلا والصومال، أسفرت عن مقتل مدنيين وتشريد آلاف الأشخاص.

مجزرة ميراوي: الإعدامات الميدانية وتوثيقها بالأدلة

أشار التقرير إلى تحقيق أجرته العفو الدولية في مجزرة ميراوي بولاية أمهرة، حيث احتجز جنود قوات الدفاع الوطني الإثيوبية عشرات السكان من منازلهم ومتاجرهم وشوارع البلدة، قبل إعدام أكثر من 50 شخصًا.

وأكدت صور الأقمار الصناعية صحة شهادات شهود العيان، فيما وصفت العفو الدولية هذه الجرائم بأنها إعدامات بإجراءات موجزة، منتقدة “غياب الجهود الحكومية الجادة” لضمان العدالة والمساءلة.

حصيلة ثقيلة للضحايا خلال عام واحد

بين يناير 2023 ويناير 2024، قُتل 1351 مدنيًا في أنحاء البلاد، بينهم 740 قتيلًا في أمهرة وحدها. كما أسفرت هجمات الطائرات المسيّرة الحكومية بين أغسطس وديسمبر 2023 عن مقتل 248 مدنيًا، وتدمير مدارس ومستشفيات ومنشآت مياه.

من بين هذه الهجمات، تسبب قصف بطائرة مسيّرة في منطقة كيويت بولاية أمهرة في مقتل سبعة مدرسين أثناء تجمع مدرسي، بينما أدى هجوم آخر في منطقة مولالي إلى مقتل ثلاثة مدنيين وثلاثة من عناصر ميليشيا فانو.

التعذيب والانتهاكات الجسدية والنفسية

وثّق التقرير ممارسات تعذيب قاسية من قبل قوات الأمن والميليشيات المتحالفة معها، شملت الجلد، والخنق بأكياس بلاستيكية مملوءة بالفلفل، والضرب بالكابلات والأنابيب، والحرمان من الطعام والماء.

كما أفادت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية بوقوع انتهاكات مشابهة في أوروميا، تضمنت الاغتصاب، والقتل خارج القانون، والتعذيب الممنهج.

الاختفاء القسري واستهداف المعارضين

أشار التقرير إلى حالات اختفاء قسري، حيث رفضت السلطات الاعتراف باحتجاز المعتقلين أو الكشف عن مصيرهم، وكان من بين الضحايا شخصيات سياسية وصحفيون وناشطون.

من بين هذه الحالات، اختفى السياسي الأمهري هبتامو بيلاينه لمدة ستة أشهر قبل إطلاق سراحه. كما اغتيل باتي أورغيسا، القيادي في جبهة تحرير أورومو، في أبريل 2024، وهو ما أثار مطالب بتحقيق مستقل، لكن النتائج لم تُعلن حتى نهاية العام.

الاعتقالات التعسفية وانتهاك القوانين

أفاد التقرير بأن آلاف الأشخاص من قوميتي الأمهرة والأورومو ظلوا رهن الاحتجاز لأشهر بعد رفع حالة الطوارئ في يونيو 2024، والتي كانت قد فُرضت في أغسطس 2023.

غالبًا ما جرى احتجاز هؤلاء في مرافق غير رسمية مثل المستودعات والمدارس، دون أوامر قضائية، مع رفض الشرطة الامتثال لقرارات الإفراج الصادرة عن المحاكم، أو إعادة توجيه التهم، أو إحالة القضايا إلى جهات قضائية أخرى.

تدهور حرية الصحافة والفنون

حذّر التقرير من التدهور الحاد في بيئة العمل الصحفي في إثيوبيا، حيث تعرّض الصحفيون للمضايقة والاعتقال والنفي القسري، وفرّ 54 منهم إلى الخارج منذ 2020.

كما فرضت حالة الطوارئ قيودًا مشددة على حرية التعبير والتجمع والوصول إلى الإنترنت، ومنعت السلطات عرض المسرحيات التي تنتقد الحكومة، مثل مسرحية “إيايو فينغوس بوليتيكا”، واعتقلت ثلاثة فنانين بتهم الإرهاب بعد عرض عمل مسرحي سياسي.

تصاعد عمليات الاختطاف والفدية

أشار التقرير إلى أن حوادث الاختطاف مقابل الفدية أصبحت أكثر شيوعًا، واستهدفت طلابًا وعمال إغاثة ومدنيين. في يوليو 2024، اختُطفت ثلاث حافلات تقل 167 راكبًا في أوروميا، مع مطالبات فدية تتراوح بين 500 ألف و700 ألف بر إثيوبي للفرد.

كما وُجهت اتهامات للقوات الإريترية بتنفيذ عمليات اختطاف عبر الحدود في تيغراي، حيث أُفيد عن اختطاف أكثر من 100 مدني في أبريل.

ظروف العمل وحقوق العمال

رغم أن الدستور يسمح بتشكيل النقابات في القطاع الخاص، أشار التقرير إلى انتشار القيود وضعف الأجور وتدني معايير السلامة المهنية، مع غياب الحد الأدنى الوطني للأجور، ما جعل العديد من العمال يعيشون تحت خط الفقر.

كما أشار إلى أن عمليات تفتيش العمل متقطعة وغير كافية، مما يجعل العمال عرضة للاستغلال وسوء المعاملة.

أوضاع اللاجئين والمخاطر الإنسانية

تستضيف إثيوبيا أعدادًا كبيرة من اللاجئين، لكن التقرير أشار إلى تزايد الانتهاكات ضدهم، بما في ذلك العنف الجنسي، والاستغلال الاقتصادي، والاشتباكات مع المجتمعات المضيفة.

في حالة خاصة، بقي آلاف اللاجئين السودانيين في الغابات قرب الحدود بعد تعرض مخيماتهم لهجمات من قبل الميليشيات.

دعوة للمساءلة

خلص التقرير إلى أن أزمة حقوق الإنسان في إثيوبيا ناتجة عن استمرار النزاعات المسلحة، وضعف سيادة القانون، والإفلات من العقاب، داعيًا الحكومة إلى فتح تحقيقات شفافة، والإفراج عن المحتجزين تعسفيًا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، واحترام الحريات الأساسية.

كما أشار إلى أن العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش انتقدتا غياب جهود حقيقية من الحكومة لتحقيق العدالة ومنع تكرار الانتهاكات.

إقرأ المزيد :

خبير جيولوجي يحذر: إثيوبيا تغامر بالتخزين الكامل في سد النهضة خلال موسم الأمطار… وسيناريوهات مقلقة تهدد السودان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »