أخبار عاجلة

إنتاج وزراعة بنجر السكر في أفريقيا – الخريطة الكاملة والآفاق المستقبلية

يشكّل بنجر السكر (Sugar Beet) ركيزة متنامية في صناعة السكر الأفريقية، خصوصًا في شمال أفريقيا حيث تسمح الظروف المناخية المعتدلة بالزراعة الشتوية. وبينما يظل قصب السكر المصدر الأكبر للسكر في القارة، فإن بنجر السكر يكتسب وزنًا متزايدًا في مصر والمغرب وتونس مع توسّع المساحات والتحسين الوراثي للبذور وتحديث سلاسل القيمة. تُظهر أحدث التقارير الرسمية طفرة في مصر وتوسعات طموحة في المغرب، واستقرارًا مع اتجاه صعودي في تونس.

أين يُزرع بنجر السكر في أفريقيا؟

مصر: المنتج الأكبر لبنجر السكر في القارة، ويعتمد عليه بشكل متزايد لتقليص فجوة الواردات وتحقيق أمن سلعي. تشير تقارير وزارة الزراعة الأميركية (USDA) إلى مراجعة صعودية لإنتاج السكر المصري في 2024/2025 مدفوعة بزيادة إنتاج بنجر السكر واتساع المناطق المحصولية. كما تعتمد مصر على بذور أوروبية ملائمة للحرارة وطول النهار.

المغرب: تقود مجموعة كوسومار المنظومة من الحقل إلى المصنع، وتخطط لرفع المساحة المزروعة بالسكر إلى 68,500 هكتار منها 60 ألف هكتار لبنجر السكر في موسم 2025/2026 (+50% عن المستويات الحالية)، بما يدعم الاكتفاء والتصدير.

تونس: اتجاه تصاعدي تدريجي في الإنتاج وفق بيانات تعتمد على FAOSTAT (كود 0157)، مع بلوغ الإنتاج نحو 96 مليون كجم في 2023 واتجاه نمو على مدى 3–5 سنوات.

الجزائر: تركيز السياسات الزراعية على جذب استثمارات لمحاصيل استراتيجية من بينها بنجر السكر، مع تخصيص أراضٍ جديدة حتى 2025، ما قد يفتح الباب أمام دخولٍ فعّال للمحصول في الدورة الزراعية مستقبلاً.
و تتركّز زراعة بنجر السكر أفريقيًا في الحزام المتوسطي (مصر–المغرب–تونس)، مع محاولات توسّع سياسة/استثماريّة في الجزائر، فيما تعتمد بقية القارة أساسًا على قصب السكر الاستوائي.

دورة الزراعة والتقنيات الحقلية

مواعيد الزراعة والحصاد: زراعة شتوية في شمال أفريقيا (الخريف–الشتاء) وحصاد في الربيع المتأخر حتى أوائل الصيف، بما يتوافق مع احتياجات الفترة الضوئية ودرجات الحرارة المعتدلة.

البذور والأصناف: مصر تعتمد بدرجة كبيرة على بذور هجينة أوروبية عالية التجانس والسكريات لعدم ملاءمة الظروف المحلية لإنتاج بذور بنجر السكر تجاريًا.

الري والإدارة المائية: توسّع في الريّ المحوري والتنقيط لتقليل فاقد المياه ورفع كفاءة التحويل السكري، خاصة في مواسم الجفاف (المغرب).

المكافحة والوقاية: التركيز على إدارة الأعشاب العريضة والضيقة مبكرًا، ومراقبة الأمراض الفطرية مثل اللفحة الورقية، مع التزام بالدورات الزراعية وتقليل بقايا المبيدات وفق اشتراطات المصانع.

التصنيع وسلاسل القيمة
مصر: طاقة تصنيعية كبيرة لدى الشركات الحكومية والخاصة (مثل ESIIC وشركات البنجر المتخصصة)، مع دور محوري لمعامل استخلاص السكر وإنتاج المولاس ولبّ البنجر كمدخلات علف وصناعات غذائية. التوجه العام: زيادة نسبة سكر البنجر في المزيج المحلي لإحلال الواردات.
المغرب: نموذج المجمِّع الزراعي بقيادة كوسومار يربط أكثر من 80 ألف مزارع بسلاسل توريد وتمويل وخدمات إرشاد، ويستهدف رفع إنتاجية الحقول واستقرار تزويد المصانع.
تونس: نمو متدرّج يعززه الطلب المحلي وبرامج التوسّع الموسمية، مع الاعتماد على بيانات FAO لقياس الأداء عبر السنوات.
أرقام وإحصاءات

مصر: توقعات رسمية (USDA) برفع إنتاج السكر في 2024/2025 بدعم زيادة سكر البنجر، مع تقدير سابق لإنتاج 1.6 مليون طن سكر خام من البنجر في 2023/2024 و2024/2025 (قابلة للمراجعة تبعًا للموسم).

المغرب: خطة 2025/2026 لزراعة 60 ألف هكتار من بنجر السكر ضمن 68,500 هكتار للمحاصيل السكرية، بهدف مضاعفة الإنتاج بحلول 2026 ودعم إمكانات التصدير.

تونس: إنتاج نحو 96.2 مليون كجم (2023) واتجاه نمو سنوي +3% تقريبًا وفق سلسلة بيانات FAO.

> ملاحظة منهجية: تختلف الأرقام بين «إنتاج الجذر» (طن بنجر) و«إنتاج السكر» (طن سكر خام/مكافئ خام). كما قد تُراجع التقديرات وفق ظروف الطقس والمساحات والحصاد.

22 4 780x470 1 إنتاج وزراعة بنجر السكر في أفريقيا – الخريطة الكاملة والآفاق المستقبلية

أسعار التوريد والحوافز: تتبنّى الحكومات والمصانع أسعار تحفيزية للمزارعين، مع توفير مدخلات عالية الجودة وتمويل موسمي وربط التسليم بمحتوى السكروز.

الأمن الغذائي: رفع مساهمة البنجر في مزيج السكر المحلي يخفّض فاتورة الواردات، لا سيما مع تقلبات الأسعار العالمية. تقارير FAO وUSDA ترصد هذا التوجّه بوضوح في مصر وتدابير إدارة المخاطر المناخية في المغرب.

الجزائر: تعلن عن حوافز ومساحات لجذب الاستثمار في محاصيل استراتيجية من بينها البنجر، ما قد يبدّل خريطة الإنتاج الإقليمي خلال سنوات.

تحديات رئيسية

1. المناخ والمياه: موجات الجفاف وندرة المياه تضغط على الغلّات، خصوصًا في المواسم ضعيفة الهطل. (المغرب 2023 مثالًا بانخفاض ناتج الحملة الزراعية).

2. البذور والوراثة: الاعتماد على واردات بذور متخصصة يعرّض سلسلة التوريد لمخاطر لوجستية وسعرية. (مصر).

3. الخدمات الإرشادية والميكنة: تفاوت مستويات الميكنة والحصاد الدقيق وإدارة المغذيات بين المناطق والمزارعين.

4. تقلبات السوق العالمية: تذبذب الأسعار العالمية للسكر ينعكس على قرارات المساحات والاستثمار.

فرص نمو واعدة

201906030111281128 إنتاج وزراعة بنجر السكر في أفريقيا – الخريطة الكاملة والآفاق المستقبلية

تحسين الريّ: تعميم التنقيط والريّ الذكي لخفض استهلاك المياه ورفع محتوى السكروز.

التحسين الوراثي: تبنّي أصناف متحملة للإجهاد الحَراري والملحي وذات نسبة سكر أعلى.

الاقتصاد الدائري: تعظيم قيمة المولاس ولبّ البنجر في الأعلاف والتخمير والإيثانول الصناعي.

التجميع التعاقدي: توسيع نماذج «المجمِّع» على غرار كوسومار لرفع إنتاجية الحقل وربط التمويل بالخدمة والإرشاد.

نظرة مستقبلية (2025–2030)

تتوقع تقارير أممية ودولية استمرار صعود وزن بنجر السكر في شمال أفريقيا، مع بقاء مصر المحرك الأكبر، وتوسع المغرب وفق خططه حتى 2026، واستمرار نمو تونس بوتيرة متدرجة. تنويع مصادر السكر بين البنجر والقصب يُعد أداةً رئيسية لتحسين الأمن الغذائي وتقليل مخاطر السوق والمناخ.

بنجر السكر في أفريقيا قصة نمو «هادئ» لكنه مؤثر: تقنيات أذكى، ربط أقوى بين المزرعة والمصنع، وسياسات تستهدف تحقيق الاكتفاء وتقليل الواردات. ومع الإدارة الذكية للمياه والبذور والريّ، يمكن لشمال أفريقيا –وفي مقدمته مصر والمغرب وتونس– أن يحوّل البنجر إلى ذراع استراتيجية في منظومة الأمن الغذائي خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »