أخبار عاجلةغرب افريقيا

ساحل العاج: واتارا يتقدم بأوراق ترشيحه لولاية رابعة وسط مشاهد من التأييد والجدل 

في ساحل العاج وفي صباح اليوم الثلاثاء 26 أغسطس 2025، توجه الرئيس الإيفواري الحسن واتارا (83 عامًا) إلى مقر اللجنة الانتخابية المستقلة في حي كوكودي شرقي أبيدجان، لتقديم أوراق ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 25 أكتوبر 2025. وصل الرئيس بموكب رسمي على متن سيارته القيادية في الساعة 11:30 صباحًا (بتوقيت غرينتش المحلي)، وسط تصفيق حار من المسؤولين وآلاف المؤيدين الذين تجمعوا لدعم ترشحه لولاية رابعة.

بعد تبادل وجهات النظر مع رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة إبراهيم كويبيرت كوليبالي، قدم واتارا وثائق ترشيحه رسميًا، في خطوة وصفها المراقبون بأنها “محسوبة بدقة” لتأكيد شرعيته وسط انتقادات المعارضة بعدم دستورية الترشح.

ووجّه واتارا كلمةً للصحافة عقب تقديم الترشيح، قال فيها: “لقد قدمت للتو ملف ترشحي إلى اللجنة الانتخابية المستقلة للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 25 أكتوبر 2025. وقد فعلت ذلك استجابة لدعوة حزبي، حزب تجمع الشعوب الديمقراطي، ولدعوة العديد من الإيفواريين”.

أضاف الرئيس: “إن ما قمت به، إلى جانب كونه عملاً إدارياً، هو تذكير للجميع بوجوب الخضوع بتواضع واحترام لمؤسسات الجمهورية. ولذلك، فإن ترشحي يتماشى مع روح المسؤولية واحترام سيادة القانون”.

يأتي ترشح واتارا في ظل غياب أبرز مرشحي المعارضة الذين استبعدتهم اللجنة الانتخابية بقرارات قضائية مثيرة للجدل. ومن بين المستبعدين:  لوران جباجبو (الرئيس السابق) بسبب إدانة قضائية مرتبطة بقضايا اقتصادية، وتيجان تيام (رئيس الحزب الديمقراطي) بسبب الجنسية الفرنسية التي حصل عليها سابقًا، وجيوم سورو (رئيس الوزراء الأسبق) بسبب حكم قضائي بسجنه 20 عامًا وأخيرًا شارل بليه جوديه (الوزير الأسبق) بسبب اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

يذكر أن واتارا كان قد تعهد بعدم الترشح لولاية جديدة في عام 2020، قائلاً إنه يريد “تسليم السلطة لجيل جديد”. لكنه تراجع عن هذا الوعد، مبررًا قراره بـ”الظروف الاستثنائية” التي تمر بها البلاد، قائلاً: “الواجب يتجاوز في بعض الأحيان وعدًا قُدم بحسن نية”.

وبرر واتارا ترشحه بأن “الدستور يسمح له بالترشح”، وأن “صحته تسمح بذلك”، مشيرًا إلى أن البلاد “تواجه تحديات أمنية واقتصادية ومالية غير مسبوقة تتطلب الخبرة لإدارتها”.

ويأتي ترشح واتارا في وقت تشهد فيه منطقة غرب أفريقيا اضطرابات سياسية وأمنية كبيرة، حيث أطيح بحلفائه في بوركينا فاسو والنيجر وغينيا، وأنشئ تحالف دول الساحل الذي توترت علاقاته مع أبيدجان.

وفي هذا السياق المضطرب، يرى واتارا أن “تغيير القيادة في بلاده -أكبر اقتصاد في المنطقة- سيكون خطأ، وقد يجر البلاد إلى الفوضى”. ويقول مصدر دبلوماسي إن بعض القادة الأفارقة يرون أن استمراره في الحكم ضمان للاستقرار في ساحل العاج، وفي المنطقة التي شهدت انقلابات متعددة في السنوات الخمس الأخيرة.

تشير “مجموعة الأزمات الدولية” إلى ما تسميه “المفارقة الإيفوارية”، وتعني وجود استقرار اقتصادي كلي مع تصاعد المخاطر السياسية. فمن ناحية، يتمتع الاقتصاد الإيفواري بمعدلات نمو قوية، يُتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي إلى حوالي 6% لعام 2025.

غير أن هذا النمو الاقتصادي يقابله هشاشة سياسية متصاعدة، وتآكل للمساحة الديمقراطية وتصاعد التوترات، مع احتمال نشوب صراعات جديدة حول عملية الانتخابات.

تجمع آلاف المؤيدين لدعم ترشح واتارا، في مشهد يعكس القاعدة الشعبية التي لا يزال يتمتع بها بين جزء من الإيفواريين. لكن الجبهة المشتركة للمعارضة نظمت مسيرات احتجاجية، رفعت فيها شعارات تدعو لعودة قادة المعارضة إلى السباق الرئاسي، ونقض الأحكام القضائية التي قضت بإبعادهم، ورفض ترشح الرئيس لولاية رابعة.

وأعلنت النيابة العامة الإيفوارية عن إجراءات قضائية وأمنية من شأنها إمكانية وجود ملاحقات أو اعتقالات مرتبطة بالمسيرة، في إشارة إلى أن المسار القضائي ما زال مفتوحًا أمام تطورات جديدة.

إذا انطلقنا من الوضع الراهن المتسم بإبعاد أبرز وجوه المعارضة، فإن السيناريو الراجح هو فوز الحسن واتارا مرشح الحزب الحاكم “تجمع أنصار هوفويت من أجل الديمقراطية والسلام” غير أن المعركة السياسية الفعلية ستكون في الانتخابات التشريعية المقررة بعد السباق الرئاسي، والتي قد تشهد تنافسًا حادًا بين القوى السياسية المختلفة.

ويبقى التحدي الأكبر لواتارا في حال فوزه هو إدارة المرحلة الانتقالية بين الأجيال التي وعد بها، حيث أشار إلى أن ولايته المقبلة ستكون “ولاية الانتقال الجيلي”، معبرًا عن عزمه على تشكيل فريق جديد والعمل على ترسيخ المكتسبات وتحسين ظروف المواطنين.

يأتي ترشح واتارا في لحظة حاسمة في تاريخ كوت ديفوار السياسي، حيث تترابط التحديات الداخلية مع المخاطر الإقليمية في سياق تتزايد فيه الضغوط على النموذج الديمقراطي. وبينما يعول المؤيدون على خبرة واتارا الاقتصادية والأمنية لقيادة البلاد في هذه الظروف الاستثنائية، يحذر المعارضون من تداعيات تمديد ولايته على الديمقراطية واستقرار البلاد على المدى البعيد.

وتظل الآمال معلقة على إجراء انتخابات سلمية ونزيهة تحافظ على مكتسبات السنوات الأخيرة، وتفتح الباب أمام مصالحة وطنية شاملة تعزز الاستقرار الدائم لهذه الدولة التي عانت لسنوات من الانقسام والعنف السياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »