أخبار عاجلةاخبار افريقياشرق إفريقيا

كينيا: توقف عمليات استخراج الجثث من غابة شاكاهولا ضحايا إحدي الطوائف الدينية المتطرفة

في كينيا عاد اسم “غابة شاكاهولا ” ليتصدر المشهد الدولي، بعد اكتشاف مقابر جديدة تضم عشرات الجثث وأشلاء بشرية مرتبطة بطائفة دينية متطرفة تُعرف بـ”طائفة يوم القيامة”. القضية لم تعد مجرد شأن محلي، بل باتت جرس إنذار عالمي حول المخاطر التي تمثلها الجماعات الدينية المنغلقة التي تستغل الإيمان وتحوّله إلى أداة قتل جماعي.

فقد علّقت السلطات الكينية مؤقتاً عمليات استخراج الجثث في مزرعة تشاكاما بمقاطعة كيليفي، لإتاحة المجال أمام فرق الطب الشرعي لإجراء تحاليل الحمض النووي والترشيح.

ويأتي هذا التطور بعد العثور على 34 جثة جديدة وأكثر من مئة جزء بشري، في مكان لا يبعد سوى كيلومترين عن موقع آخر اكتُشف فيه قبل عامين ما يزيد عن 400 جثة.

العالم يتابع بذهول هذه الفاجعة التي ارتبطت باسم الواعظ المثير للجدل بول ماكنزي، المعتقل منذ 2023 بتهمة التحريض على الجوع حتى الموت بوصفه “وسيلة للخلاص الروحي”. وما كان يُظن أنه طُوي بمرور الوقت، عاد ليكشف عن شبكة ما زالت نشطة، قادرة على إعادة تجميع أعضائها واستقطاب ضحايا جدد، بينهم أطفال.

لكن البعد الإنساني للقضية يفوق في قسوته أي توصيف أمني، فقد عُثر على قبور ضحلة بجوار أكواخ طينية في المزرعة النائية، حيث عاش الضحايا في عزلة تامة قبل أن يُدفنوا في صمت، بعيداً عن أعين العالم. شهادات ناجين أكدت أن الطائفة كانت تبث الخوف واليأس في نفوس أتباعها، مستخدمة العقيدة كسلاح نفسي مدمّر.

التحقيقات الحالية لم تقتصر على الجانب الميداني، بل امتدت إلى تعقب التحويلات المالية التي تدفقت على هواتف المشتبه بهم، في مؤشر على وجود داعمين ما زالوا يغذون هذا النشاط، وربما يمتد أثره خارج حدود كينيا. وهذا ما يجعل الملف شأناً دولياً، إذ تطرح القضية أسئلة خطيرة عن شبكات التمويل العابرة للحدود التي قد تدعم مثل هذه الجماعات.

بالنسبة للرأي العام الدولي، فإن مأساة شاكاهولا تطرح مسؤولية جماعية: كيف يمكن للعالم أن يضمن حرية المعتقد دون أن تتحول إلى ستار لجرائم ضد الإنسانية؟ وكيف تُبنى آليات إنذار مبكر ترصد تحركات الطوائف الدينية المتطرفة قبل أن تحصد أرواح الأبرياء؟

اليوم، بينما تواصل فرق الطب الشرعي في كينيا عملها المضني وسط الأدغال، يقف العالم أمام تحدٍ أخلاقي وأمني في آن واحد. فالقضية لم تعد تخص كينيا وحدها، بل تعكس معركة أوسع ضد توظيف الدين في إنتاج الموت، وهي معركة لا يمكن لأي دولة أن تخوضها بمعزل عن الآخرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »