مجزرة « صلاة الفجر » : عشرات القتلى والجرحى في قصف جوي لميليشيا الدعم السريع لمسجد في الفاشر

شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، فجر الجمعة، جريمة دامية راح ضحيتها أكثر من 70 مدنيًا، بينهم قيادات أهلية بارزة، وذلك إثر قصف جوي نفذته قوات الدعم السريع بطائرة مسيّرة استهدفت مسجدًا بحي الدرجة الأولى أثناء صلاة الفجر.
وقال شهود عيان ومسعفون لـ”سودان تربيون” إنهم تمكنوا من انتشال عشرات الجثامين من تحت الأنقاض، مؤكدين أن قوة الصواريخ التي أطلقتها الطائرة كانت سببًا مباشرًا في تدمير المسجد بالكامل، وتحوله إلى أنقاض فوق رؤوس المصلين.
شبكة أطباء السودان: جريمة مروّعة تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي
أعلنت شبكة أطباء السودان في بيانها أن ميليشيا الدعم السريع ارتكبت فجر اليوم جريمة مروّعة بقصفها المسجد، مؤكدة أن الحصيلة الأولية بلغت 43 قتيلاً بينهم شيوخ وشباب، إضافة إلى عشرات المصابين بجروح خطيرة.
وأدانت الشبكة الهجوم بأشد العبارات، معتبرة أنه يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني والقيم الإنسانية والدينية.
وطالبت الشبكة المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والمنظمات الحقوقية بالتحرك العاجل لإيقاف هذه الانتهاكات، وضمان حماية المدنيين، وفتح ممرات إنسانية آمنة لتوفير الغذاء والدواء للمدينة المنكوبة.
كما حذّرت من أن استمرار صمت المجتمع الدولي سيُعتبر تواطؤًا غير مباشر مع الجناة، ما يفتح الباب أمام تكرار المجازر وتهديد حياة آلاف المدنيين في الفاشر.
حركة العدل والمساواة: استهداف دور العبادة دليل على العجز العسكري للدعم السريع
في بيان شديد اللهجة، أدانت حركة العدل والمساواة القصف، واصفة إياه بأنه جريمة جديدة تضاف إلى سجل ما سمته “مليشيا آل دقلو الإرهابية”. وأوضحت أن القصف استهدف أحد أكبر المساجد في مدينة الفاشر، أثناء أداء المصلين لصلاة الفجر، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا، بينهم ملك دار سويني، الملك شريف آدم الطاهر.
وأكد البيان أن “المسجد دُكّ فوق رؤوس المصلين في مشهد يلخص وحشية المليشيا، وفشلها في مواجهة القوات المسلحة عسكريًا، فلجأت إلى استهداف المدنيين ودور العبادة”.
وقال الدكتور محمد زكريا فرج الله، أمين الإعلام والناطق باسم الحركة، إن هذه الجريمة ليست حادثًا معزولًا، وإنما جزء من سلسلة طويلة من المجازر والانتهاكات التي تُمارس على أسس عرقية وبمنهجية تقوم على الإبادة والتغيير الديمغرافي.
وأضاف أن ما ارتكبته قوات الدعم السريع يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تستوجب محاسبة مرتكبيها أمام العدالة الدولية.
وحذرت الحركة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان من الاكتفاء بالبيانات الشكلية، معتبرة أن الصمت المتكرر يُعد تواطؤًا ويسمح للمليشيا بمواصلة جرائمها. كما حمّلت المسؤولية لأولئك الذين يحاولون تلميع صورة هذه المليشيا أو منحها غطاءً سياسيًا في مواجهة الجيش السوداني.
وجددت الحركة دعوتها لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية، وفرض عقوبات رادعة على قياداته، وملاحقتهم دوليًا، مؤكدة في الوقت نفسه على حق الشعب السوداني في الدفاع عن نفسه بكافة الوسائل المشروعة.
وقدمت الحركة تعازيها لأسر الضحايا، ودعت السودانيين إلى الوحدة والاصطفاف لمواجهة الخطر الوجودي الذي يستهدف حاضر السودان ومستقبله، والعمل على دحر هذه المليشيا وإفشال مشروعها التخريبي.
الأمم المتحدة: النزاع في السودان يتخذ طابعًا إثنيًا خطيرًا يهدد الاستقرار
في السياق ذاته، أعرب فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن قلقه العميق إزاء تفاقم النزاع في السودان، محذرًا من تصاعد الطابع الإثني للنزاع وما يمثله من تهديد مباشر على الاستقرار والتماسك الاجتماعي على المدى الطويل.
وأوضح تورك، في بيان تناول تقريرًا يغطي الأشهر الستة الأولى من العام، أن الانتهاكات المروعة المسجلة العام الماضي استمرت خلال هذا العام، وتشمل انتشار العنف الجنسي، والهجمات العشوائية، والانتقام من المدنيين على أسس إثنية، إلى جانب استهداف الأفراد المتهمين بالتعاون مع الطرف الخصم.
وأكد أن “هذا الوضع الكارثي يشهد ارتكاب فظائع إجرامية خطيرة، بما في ذلك جرائم حرب، في ظل تفشي الإفلات من العقاب الذي يغذي دوامة الانتهاكات والتجاوزات”.
ودعا تورك الدول إلى استخدام نفوذها لوقف النزاع الذي تسبب، بحسب الأمم المتحدة، في أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم، مع تفاقم المجاعة في عدة مناطق، والانتشار الخطير لوباء الكوليرا.
اقرأ المزيد