خطة أفريقيا للازدهار : حين تلتقي البنية التحتية والابتكار و التمويل لتحقيق مستقبل مشرق للقارة

الدكتورة أماني أبوزيد هي إحدى أبرز الشخصيات القيادية في القارة الأفريقية والتي تم تكريمها من عدد من رؤساء الدول و الجامعات الكبري في العالم ، فضلا عن اختيارها مراراً و على مدي سنوات طويلة ضمن السيدات الأكثر تأثيرا في أفريقيا ، و هي أيضا المفوض السابق للبنية التحتية والطاقة بالاتحاد الأفريقي.
في حوار مميز جمع بين جون ويلسون، الشريك الإداري في مجموعة “سكاي توب ميديا” واسعة الانتشار ،و الدكتورة أماني أبو زيد، تم تناول رؤية شاملة لمستقبل أفريقيا، حيث يتقاطع الابتكار مع التنمية، والبنية التحتية مع رأس المال، والطموح مع العمل المشترك.
افتتح جون ويلسون الحوار مرحبًا بالدكتورة أماني، ومؤكدًا أن “سكاي توب” تهتم بمفهوم التقاء الأفكار المتنوعة في بوتقة واحدة من الإبداع.
وأوضح أن شعارهم “حيث تلتقي رؤى الشركات والأفكار المبتكرة” يعكس روح الانفتاح على مختلف المجالات، سواء كانت التكنولوجيا الزراعية أو الأمن السيبراني أو الاستثمار الفضائي، معتبرًا أن الابتكار والتقارب هما أساس كل نقاش تنموي حقيقي.
من جانبها، رحبت الدكتورة أماني أبو زيد المفوض السابق للطاقة والبنية التحتية في الاتحاد الأفريقي بهذا النهج الفكري، مؤكدة أن التفكير متعدد التخصصات أصبح ضرورة ملحّة لعالمنا المعاصر. وأضافت قائلة: “أنا لا أتعامل مع هذه اللقاءات كحوارات تقليدية أو نصوص مكتوبة مسبقًا، بل كنقاشات حيّة هدفها التفاعل وتبادل الأفكار والانفتاح على كل ما هو غير متوقع ولكنه مهم.”
وأوضحت أن هذا الأسلوب هو ما تتبعه في محاضراتها داخل المنتدى الاقتصادي العالمي والأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية، مشيرة إلى أنها تفضل الحوار التفاعلي الذي يُبنى على المشاركة الإنسانية الحقيقية.
من هندسة الكهرباء إلى التنمية البشرية
وعند سؤالها عن خلفيتها، تحدثت الدكتورة أماني بفخر قائلة: “أفتخر أنني في الأصل مهندسة كهرباء ، وهذا جزء أساسي من هويتي. أنا أيضًا امرأة تدافع عن حقوق النساء ومهندسة تؤمن بالدقة والإنجاز.”
وأوضحت أن الهندسة علم يعتمد على التحليل والمنهجية، لكنها أرادت توسيع تأثيرها ليشمل البُعد الإنساني والاجتماعي، مشيرة إلى بداياتها المهنية في شركة اتصالات فرنسية كبرى كانت فيها المهندسة السيدة الوحيدة بين زملائها.
وأضافت: “شعرتُ حينها أن بإمكاني تقديم ما هو أكثر من مجرد حلول تقنية.. أردتُ أن أرى الأثر الاجتماعي الحقيقي لما نقوم به .. لذلك قررت دراسة إدارة مشاريع التنمية الأفريقية، حيث جمعت بين التقنية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ثم واصلت دراساتها لتحصل على الدكتوراه في العلوم الاجتماعية والاقتصادية ثم حصلت على ماجستير آخر في التنمية الدولية.
البنية التحتية لخدمة الإنسان أولاً
واعتبرت الدكتورة أماني أبو زيد مفوض الطاقة والبنية التحتية السابقة في الاتحاد الأفريقي أن التنمية ليست في إقامة الطرق والجسور فحسب، بل في تحقيق التواصل الإنساني والخدمي عبر هذه المشاريع، وقالت: “يمكنك أن تبني طريقًا، لكن إذا لم يُوصل أحدًا إلى مدرسة أو مستشفى أو سوق أو وظيفة، فماذا بنيت؟ التنمية ليست في البناء المادي فقط، بل في ربط الإنسان بفرص الحياة و الاقتصاد بالنمو.”
وأكدت أن كل مشروع، مهما كان تقنيًا أو اقتصاديًا، يجب أن يُبنى على هدف إنساني تنموي واضح، موضحةً أن مهندسي أفريقيا اليوم ليسوا مجرد خبراء في التصميم، بل فاعلون في التنمية المجتمعية.
وأضافت ” أن شغفها بالتعلم المستمر والعمل المتواصل هو ما يدفعها إلى الأمام، قائلة: “لم أتوقف عن الدراسة ولا عن العمل. تعلمت أثناء عملي وعملت أثناء دراستي. لأنني أؤمن أن المعرفة بدون تطبيق لا تصنع التغيير.”
كما أوضحت الدكتورة أماني أبو زيد أن تجربتها في جامعة هارفارد عززت إيمانها بضرورة التعاون والشراكة العالمية، مؤكدة أن التنمية المستدامة تتطلب تضافر الجهود الدولية رغم كل التحديات السياسية أو الاقتصادية.
التكامل الأفريقي وبناء الجسور الاقتصادية
وتطرق الحوار الي موضوع التكامل الإقليمي في أفريقيا، حيث أوضحت الدكتورة أماني أبو زيد أن القارة الأفريقية تسير بخطى ثابتة نحو إنشاء أسواق موحدة وبنى تحتية مترابطة، مشيرة إلى مشاريع استراتيجية كبرى مثل بالمشروعات البنية التحتية العابرة للقارة و منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية والسوق الموحدة للطيران الأفريقي وشبكات الطاقة العابرة للحدود.
وقالت: “هذا ليس مجرد إصلاح اداري، بل هو تحول اقتصادي وسياسي مبني على الاعتماد على الذات والتكامل الإقليمي والتنافسية العالمية.”
وأشارت إلى أن هذه الجهود لا تخلو من التحديات، لكنها تُدار بروح أفريقية تقوم على الحوار والاتفاق، مضيفةً: “لدينا آليات لإدارة الخلافات بشكل بنّاء، وهذا ما مكّننا من تحقيق إنجازات كبرى خلال فترة وجيزة.”
الإنسان محور التنمية والطاقة شريان الحياة
وشدّدت الدكتورة أماني أبو زيد على أن الطاقة هي الأساس لأي تحول تنموي حقيقي في أفريقيا، موضحة أن العالم أدرك بعد الأزمات الأخيرة أن الطاقة ليست ترفًا بل شرط أساسي للحياة ، وقالت ” إن السوق الأفريقية الموحدة للكهرباء أصبحت واقعًا ملموسًا، حيث تعمل الدول الأفريقية على توحيد اللوائح وربط الشبكات الكهربائية لتحقيق وفورات في التكلفة وتعزيز الكفاءة.
وأضافت : “أتوقع خلال عشر سنوات أن نرى أفريقيا خالية من فقر الطاقة، حيث يتمكن كل طفل من الدراسة ليلًا، وتعمل كل عيادة بكفاءة، ويستطيع كل رائد أعمال إدارة مشروعه بمرونة.”
وأكدت أن هذا التوجه يمثل تحولًا استراتيجيًا وليس مجرد هدف نظري، مشيرة إلى أن الطاقة في أفريقيا أصبحت محورًا لكل حوار تنموي عالمي.
الابتكار المحلي: من الضرورة إلى الريادة
وأشادت الدكتورة أماني أبو زيد مفوض الطاقة والبنية التحتية السابقة في الاتحاد الأفريقي بقدرة الشباب الأفريقي على تحويل التحديات إلى فرص، موضحة أن القارة لم تعد تكتفي بمواكبة التطور العالمي، بل أصبحت تضع معايير جديدة في مجالات التكنولوجيا الرقمية والتمويل عبر الهاتف المحمول والابتكار الاجتماعي.
وقالت: “شباب أفريقيا لا يستهلكون التكنولوجيا فحسب، بل يبتكرون حلولًا محلية تُراعي احتياجاتهم وثقافاتهم. هذا هو جوهر القفزة النوعية التي نعيشها اليوم.”
وأكدت أن أفريقيا تصنع مسارها الخاص، ولا تسعى لتقليد الآخرين، بل تعتمد على عقلية التنافس مع الذات والتحسين المستمر.
من الأمل إلى التنفيذ: أفريقيا تبني مستقبلها
وفي حديثها عن مستقبل القارة، قالت الدكتورة أماني أبو زيد ” إن الأمل وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون مصحوبًا بخطة عمل واضحة ، مضيفه “الأمل بدون عمل مجرد حلم، أما الأمل مع خطة فهو التحول الحقيقي. وأفريقيا تتحول الآن بالفعل.”
وأكدت أن القارة تبني مستقبلها بأيدي أبنائها وبشراكات عادلة قائمة على الاحترام والمنفعة المتبادلة، واستطردت قائلة: “نحن لا ننتظر الإذن، ولا ننتظر الإنقاذ، بل نبني مستقبلنا بأنفسنا، ونرحب بالتعاون بشرط أن يكون متكافئًا ومثمرًا للجميع.”
الزراعة الذكية والتقاطع مع التكنولوجيا
وفي ختام الحوار، تحدثت الدكتورة أماني أبو زيد عن مشاركتها المرتقبة في مؤتمر AgriTech Global، موضحة أن الزراعة الحديثة لم تعد نشاطًا تقليديًا، بل أصبحت نظامًا مترابطًا يشمل الرقمنة والروبوتات والطاقة النظيفة والتكيف مع تغير المناخ.
وقالت: “عندما تجمع خبراء من مجالات مختلفة — من العلماء إلى صانعي السياسات والمستثمرين والمهندسين — تخلق بيئة خصبة للابتكار الحقيقي. وإذا حافظنا على البعد الإنساني في قلب كل تكنولوجيا، فستتحول إلى أداة للتنمية الشاملة لا مجرد وسيلة للتغيير.”
واختتمت حديثها بتوجيه الشكر لجون ويلسون، قائلة: “هذا النوع من الحوار المفتوح هو ما يدفع الأفكار إلى الأمام.. أتطلع إلى رؤية نتائج مؤتمر AgriTech Global ومواصلة هذا النقاش البنّاء.”
اقرأ المزيد
القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد