الكاتب الصحفي مصطفي كمال الأمير يكتب : عبور المتوسط وفتح جديد لمصر

قمة مصر والاتحاد الأوروبي .. صفحة جديدة في العلاقات عبر المتوسط
جاءت قمة مصر مع قادة دول الاتحاد الأوروبي (28 دولة) ، مع حفاوة استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي في العاصمة البلجيكية بروكسل رسمياً وشعبياً من الجاليات المصرية في أوروبا التي توافدت علي مدار أيام الزيارة التي توجت الجهود الحثيثة لتقريب ضفتي البحر المتوسط شمالًا وجنوبًا.
ولأول مرة في تاريخ الاتحاد الأوروبي، يُعقد هذا النوع من الشراكة الاستراتيجية مع دولة عربية و إفريقية، وهو ما يعكس المكانة المتصاعدة لمصر على الساحة الدولية، بعد أن كانت هذه الشراكات تُعقد فقط مع قوى اقتصادية كبرى مثل الصين والولايات المتحدة.
شراكة استراتيجية وتنمية اقتصادية
أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لدى استقبالها الرئيس السيسي، أن القمة شهدت توقيع عدد من الاتفاقيات التي ستفتح آفاقًا أوسع للأعمال والاستثمارات في مصر.
كما أصدر قادة الاتحاد الأوروبي ومصر بيانًا مشتركًا رحّبوا فيه بخطة وقف الحرب في غزة، وأكدوا رفضهم لأي محاولات لضم الضفة الغربية من قبل إسرائيل.
تأتي هذه المساعدات المالية، التي أُقرت في إطار “الشراكة الاستراتيجية” الموقعة في القاهرة في مارس 2024، على شكل قروض ميسرة ومنح مباشرة، في دلالة واضحة على رغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيز علاقته مع مصر، الدولة ذات الدور المحوري في الشرق الأوسط.
وبعد صرف الدفعة الأولى بقيمة مليار يورو في ديسمبر 2024، بلغ إجمالي المساعدات الأوروبية لمصر 7.4 مليار يورو، تشمل قروضًا ميسرة، واستثمارات، ومنحًا لدعم الاقتصاد والإصلاحات الجارية.
التنمية والتحول الأخضر
أكد البيان المشترك أن الهدف من الدعم الأوروبي هو تعزيز الإصلاحات الاقتصادية، وتوسيع نطاق التجارة والاستثمار، وتوطين الصناعات، وخلق فرص عمل جديدة للشباب المصري.
كما تم توقيع اتفاقيات إضافية بقيمة تتجاوز 110 ملايين يورو لدعم التنمية المستدامة والتعليم الفني والتدريب المهني.
وفي ملف الطاقة، تم الاتفاق على جعل مصر مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة والتحول الأخضر، عبر مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والربط الكهربائي مع أوروبا، خاصة مع اليونان وقبرص.
وأكد الاتحاد الأوروبي دعمه لمبادرة “نُوفى” المصرية، باعتبارها من أهم المبادرات الإقليمية لمواجهة تغير المناخ.
الهجرة والأمن الإقليمي
أشاد الاتحاد الأوروبي بدور مصر في استضافة ملايين اللاجئين ومنع الهجرة غير النظامية، مؤكدًا التزامه بدعم القاهرة ماديًا وفنيًا في إدارة الحدود ومكافحة تهريب البشر.
كما تم الاتفاق على إنشاء مسارات قانونية ومنظمة للهجرة تعود بالنفع على الجانبين، وتفعيل “شراكة المواهب” لفتح فرص عمل وتدريب للمصريين في أوروبا.
الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب
أطلقت القمة حوارًا أمنيًا ودفاعيًا جديدًا بين مصر والاتحاد الأوروبي يشمل مكافحة الإرهاب، والأمن السيبراني، والأمن البحري، والجريمة المنظمة.
وأكدت القمة أن مصر شريك أساسي في محاربة التطرف والإرهاب دوليًا، وأن رئاستها المشتركة مع الاتحاد الأوروبي لـ”المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب” عززت مكانتها كقوة فاعلة في أمن المنطقة.
القضايا الإقليمية والدور المصري
ناقشت القمة أوضاع ليبيا والسودان وأوكرانيا والقرن الإفريقي، مؤكدة دعم مصر للحلول السلمية ورفضها لأي تدخل خارجي يهدد وحدة وسيادة الدول.
كما أشاد الاتحاد الأوروبي بدور القاهرة في استضافة مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، معتبرًا أنه نموذج لدور مصر في دعم الاستقرار الإقليمي.
تصريحات الرئيس السيسي من بروكسل
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي من العاصمة البلجيكية أن مصر على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي مع أوروبا، في ظل تحولات كبرى يشهدها العالم في مجالات التجارة والطاقة والاستثمار.
وأشار إلى أن الاستثمارات الأوروبية تمثل نحو 32% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في مصر، وهو ما يعكس الثقة الدولية في الاقتصاد المصري والإصلاحات الجارية.
مصر.. بوابة أوروبا إلى إفريقيا وآسيا
شدد الرئيس السيسي على أن موقع مصر الاستراتيجي يجعلها بوابة مثالية للشركات الأوروبية نحو أسواق إفريقيا وآسيا، مؤكدًا أن مصر سوق واعدة قادرة على خدمة الأسواق الأوروبية وتوفير فرص استثمار ضخمة.
رؤية مصر للمستقبل
اختتم الرئيس كلمته بالتأكيد على أن الشراكة الاستثمارية بين مصر وأوروبا يجب أن تقوم على المنفعة المتبادلة، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الاستقرار والتنمية في ضفتي المتوسط.
اقرأ المزيد
انطلاق أعمال النسخة الخامسة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين




