أخبار عاجلةشمال افريقيا

لبنان: تفرج عن هانيبال القذافي بعد 10 سنوات من الاحتجاز والجدل السياسي

في لبنان وبعد احتجاز دام عشر سنوات، أطلقت السلطات اللبنانية سراح هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، في 10 نوفمبر 2025، بعد سداد كفالة مالية مخفضة. تمثل هذه الخطوة تتويجًا لتطورات قانونية ودبلوماسية متسارعة، تضع حدًا لأطول فترة توقيف احتياطي في لبنان، وسط تداعيات إقليمية وأبعاد سياسية معقدة.
واعتقل هانيبال القذافي في ديسمبر 2015 من قبل قوى الأمن الداخلي في لبنان بناء على اتهامات بـ “حجب معلومات” تتعلق بمصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، الذين اختفوا في ليبيا عام 1978 خلال زيارة رسمية بدعوة من النظام الليبي آنذاك .
ولوحظ أن التهمة واجهت انتقادات حادة لأن هانيبال كان طفلاً لا يتجاوز عمره 2-3 سنوات وقت اختفاء الصدر، ولم يتقلد أي منصب سياسي أو أمني طوال فترة حكم والده . ووصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” احتجازه بـ “التعسفي”، حيث لم تُقدم له محاكمة عادلة طوال هذه السنوات، مما يمثل انتهاكًا للقانونين اللبناني والدولي .

وشهدت القضية منعطفًا حاسمًا في 17 أكتوبر 2025، عندما وافق القاضي زاهر حمادة على إخلاء سبيل هانيبال بكفالة قدرها 11 مليون دولار مع منعه من السفر . إلا أن طلب الدفاع تمثل في تخفيض الكفالة، والتي استجيب لها لاحقًا حيث خفضت إلى 893,000 دولار (ما يعادل 80 مليار ليرة لبنانية) مع رفع الحظر عن سفره .
وسددت الكفالة بالدولار الأمريكي كوديعة في صندوق تعاضد القضاة، حيث رفض الصندوق تقاضي العملات الأجنبية، ويشير مصدر قضائي إلى أن الكفالة “ضمانة لحضور جلسات التحقيق المستقبلية” وليس تعويضًا للعائلات .

وجاء الإفراج بعد أيام من زيارة وفد ليبي رفيع إلى لبنان بقيادة إبراهيم الدبيبة، المستشار الأمني لرئيس الحكومة الليبية، حيث سلم السلطات اللبنانية ملف التحقيق الكامل في قضية اختفاء الإمام الصدر، وأكد الجانب الليبي تعهده بالتعاون المستمر لكشف مصير الصدر .
وواجه القضاء في لبنان  ضغوطًا من منظمات حقوقية ودولية، حيث دعت “هيومن رايتس ووتش” إلى “الإفراج الفوري والتعويض” عن هانيبال، مشيرة إلى تدهور صحته الجسدية والنفسية نتيجة سوء المعاملة والعزلة، كما سحب فريق الدفاع الدعوى التي كان قد رفعها في جنيف ضد الدولة اللبنانية، مما ساهم في تخفيف التوتر .

و أشارت مصادر قضائية إلى أن هانيبال “يملك حرية مغادرة لبنان” إلى الوجهة التي يختارها، مع استبعاد العودة إلى ليبيا، وتم الإفراج عنه دون تغطية إعلامية تجنبًا لأي “استفزاز سياسي”.
ورغم الإفراج، يؤكد القضاء في  لبنان أن ملف الصدر يبقى أولوية، مع ضمانات ليبية بتقديم مزيد من المعلومات وتستمر الجهود لكشف الغموض حول مصير الرجل الدين البارز، الذي لا يزال اختفاؤه “لغزًا يثير المنطقة منذ 50 عامًا” .
وجاء  الإفراج عن هانيبال القذافي  من لبنان نتيجة لتحولات دبلوماسية وقانونية معقدة، حيث يجسد التداخل بين الملفات القضائية والضغوط السياسية في منطقة متأثرة بالصراعات. ورغم إغلاق صفحة الاحتجاز، تبقى قضية الإمام الصدر جرحًا مفتوحًا في الذاكرة الجماعية للبنان والطائفة الشيعية، مما يضع مسؤولية على السلطات الليبية واللبنانية للمضي قدمًا في كشف الحقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »