أخبار عاجلةأخبار العالموسط افريقيا

مالي: ارتفاع عمليات اختطاف الأجانب والعدد يتراوح بين 22 إلى 26 شخصًا

سجلت مالي إرتفاعًا غير مسبوق في عمليات خطف الاجانب علي أراضيها خلال العام 2025، حيث سجلت الجماعات الجهادية، وعلى رأسها جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM) المرتبطة بتنظيم القاعدة، رقمًا قياسيًا في عمليات اختطاف الأجانب، في إطار استراتيجيتها التي تُعرف باسم “الجهاد الاقتصادي” لزعزعة استقرار الحكم العسكري وطرد النفوذ الأجنبي من البلاد.

تعود جذور الأزمة الأمنية في مالي إلى عام 2012، عندما شهدت البلاد صراعات متشابكة بين جماعات متمردة وتنظيمات مسلحة، خلقت بيئة مضطربة تهدد حياة المدنيين والأجانب على حد سواء.

وقد ازداد الوضع تعقيدًا بعد الانقلابين العسكريين في 2020 و2021، والانسحاب اللاحق للقوات الفرنسية وقوات بعثة الأمم المتحدة للمحافظة على السلام (MINUSMA) نهاية عام 2023، مما خلق فراغًا أمنيًا استغلته الجماعات الجهادية لتوسيع نطاق عملياتها.

تشير البيانات الصادرة عن مشروع بيانات أحداث الصراع المسلح (ACLED) إلى أن ما بين 22 إلى 26 مواطنًا أجنبيًا قد اختُطفوا في الفترة من مايو إلى أكتوبر 2025 فقط، وهذا العدد يُضاعف تقريبًا الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2022، والذي بلغ 13 عملية اختطاف.

شملت الضحايا مواطنين من الصين (11 مواطنًا على الأقل)، والهند (5 عمال في شركة كهرباء)، ومصر (3 مستثمرين في المجال الزراعي)، والإمارات، وإيران، وباكستان، بالإضافة إلى مواطنين من دول البلقان مثل صربي، كرواتي، وبوسني.
· مناطق العمليات: تركزت معظم عمليات الاختطاف في غرب مالي، حيث توجد حوالي 80% من مناجب الذهب في البلاد، كما وقعت عمليات بالقرب من العاصمة باماكو.

استراتيجية “الجهاد الاقتصادي” وتمويل الجماعات

أعلنت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” أن خطف الأجانب، وخاصة من العاملين في القطاعات الاقتصادية الحيوية، أصبح ركيزة أساسية في استراتيجيتها التي تُسميها “الجهاد الاقتصادي”. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى:

· تجنيد الأموال: من خلال الفديات الضخمة لتمويل العمليات العسكرية وشراء الأسلحة ودفع رواتب المقاتلين.
· تقويض الاقتصاد: بإرهاب المستثمرين الأجانب وإجبارهم على مغادرة البلاد، مما يحرم الحكومة من عوائد اقتصادية مهمة، خاصة في قطاعي التعدين والطاقة.
· فرض حصار اقتصادي: عبر مهاجمة قوافل الإمدادات والوقود القادمة من السواحل المجاورة (السنغال وساحل العاج)، بهدف شل حركة العاصمة باماكو والمناطق الأخرى.

وقد سجلت الفديات مستويات مذهلة، حيث يُعتقد أن الجماعة حصلت على ما لا يقل عن 50 مليون دولار مقابل الإفراج عن شيخ إماراتي واثنين من شركائه في سبتمبر 2025، وهي أعلى فدية معروفة في المنطقة. كما طالبت الجماعة بفدية قدرها 5 ملايين دولار مقابل الإفراج عن ثلاثة مستثمرين مصريين تم اختطافهم في أكتوبر 2025.

في مواجهة هذا التصعيد، ظهرت أكثر من رواية-  الرواية الحكومية المالية: قال وزير الخارجية المالي، عبد الله ديوب، إن تغيير أسلوب الجماعات الإرهابية هو “دليل على ضعفها”. وأكد أن الحكومة أعادت تنظيم انتشار قواتها ووفرت مرافقات عسكرية لتأمين قوافل الإمدادات.
تحذيرات دولية: في المقابل، سحبت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة موظفين غير أساسيين من مالي، وحثت العديد من السفارات مواطنيها على مغادرة البلاد فورًا. كما أصدرت المملكة المتحدة تحذيرًا رسميًا ضد أي سفر إلى مالي، مشيرة إلى أن خطر التعرض للاختطاف “مرتفع جدًا” من قبل الجماعات المتطرفة، بما في ذلك في العاصمة باماكو.
· جهود دبلوماسية: تحث الدول مثل مصر مواطنيها في مالي على “الالتزام بتعليمات السلطات المالية، وحمل أوراقهم الثبوتية، وتجنب التنقل بين المدن إلا للضرورة القصوى”. كما تتابع سفاراتها عن كثب تطورات عمليات الاختطاف وتتواصل مع السلطات المحلية.

تُظهر موجة الاختطاف القياسية في مالي كيف يمكن للجماعات المسلحة استخدام الأدوات الاقتصادية كوسيلة للضغط السياسي والعسكري. بينما تصر السلطات على أنها تتصدى لهذه التحديات، يبدو أن استراتيجية “نصرة الإسلام والمسلمين” آتت أكلها في تعطيل الاقتصاد وإجبار المجتمع الدولي على إعادة حساب تواجده في منطقة الساحل، مما يضع مستقبل الاستقرار والتنمية في مالي على المحك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »