السفير الأوغندي في القاهرة: نهر النيل يربطنا بمصر برباط أبدي.. وأوغندا تدعو المصريين لاكتشاف جنة إفريقيا الخضراء

***  الجيل الجديد من الدبلوماسية الأوغندية – فخورون و ملتزمون بتعزيز العلاقات مع مصر وجعلها علاقة طبيعية وأبدية 

مصر رائدة السياحة الإفريقية.. وأوغندا تنظر إليها بإعجابٍ وتقدير ونسعى للاستفادة من خبراتها الغنية

قال السفير تشارلز أنينا، نائب رئيس بعثة جمهورية أوغندا بالقاهرة،: إن بلاده تنظر إلى مصر باعتبارها “الأخ الأكبر” في إفريقيا، وأن العلاقات بين البلدين ليست فقط سياسية أو اقتصادية، بل هي علاقات تاريخية وروحية، “فالله سبحانه وتعالى ربطنا بالحبل السري الذي هو نهر النيل، المورد المشترك الذي وهبنا الله إياه لنتقاسم ماء الحياة كإخوة وأخوات”.

وأضاف السفير أنينا في “حوار لـ afronews24 “أن العلاقات المصرية – الأوغندية.. لها جذورٌ تمتد عبر الزمن، فمصر دولة رائدة ذات حضارة وتاريخ وتراث وهي بلد الخبرة والتجربة الطويلة في إدارة الموارد، والترويج للمقاصد السياحية، وتنظيم المعارض والمؤتمرات الكبرى، نحن في أوغندا نرى في مصر نموذجًا يُحتذى به، ونسعى للاستفادة من خبراتها الغنية، خاصة بعد الافتتاح المهيب للمتحف المصري الكبير الذي أثبت أن مصر ما زالت – كما كانت – منارة حضارية للعالم بأسره.”

** كيف تصفون العلاقات الثنائية بين مصر وأوغندا اليوم؟

٠ العلاقات بين بلدينا عميقة ومتجذرة، تمتد إلى عقود من الزمن، وهي ليست مجرد علاقات دبلوماسية، بل تقوم على روابط أخوية وتاريخية وروحية، فالنيل الذي يجري في أراضينا هو رمز للحياة والاتصال المستمر بين الشعبين، وتحت القيادة الحكيمة لكلٍّ من الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس يوري موسيفيني، شهدت العلاقات تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، في المجالات كافة وفي مقدمتها الزراعة والري، والصحة، والسياحة، والاستثمار، والتعليم، والبنية التحتية، ونحن – الجيل الجديد في الدبلوماسية الأوغندية – فخورون بهذه العلاقات، وملتزمون بتعزيزها لتنتقل من جيل إلى جيل، لأنها علاقة طبيعية وأبدية.

*** تنظمون في القاهرة خلال الشهر الجاري معرضًا بعنوان “السياحة والقهوة والشاي”.. ما الهدف من هذه الفعالية؟ ولماذا أخترتم مصر بالذات؟

هذا المعرض الذي سيُقام يومي 20 و21 نوفمبر 2025 في فندق كمبينسكي بالقاهرة يمثل فرصة عظيمة لجمع شعبي مصر وأوغندا في مساحة تفاعلية مشتركة، لنتبادل الخبرات في مجالي السياحة والزراعة، وسنعرض خلاله ما تملكه أوغندا من ثروات طبيعية وإمكانات سياحية وزراعية هائلة.

نحن نُقدّر المجتمع المصري كثيرًا، ونعلم أن له ذوقًا مميزًا في القهوة والشاي، لذلك أردنا أن نقدم له منتجنا الأوغندي الفريد الذي يجمع بين الجودة العالية والسعر المنافس. كما سنُعرّف الزوار على المقومات السياحية في بلادنا، من البرية الخضراء والشلالات والجبال والبحيرات، إلى التجارب الثقافية والموسيقية المتنوعة.

س: ما هو وضع السياحة في أوغندا؟ وما الذي يميزها عن المقاصد الأخرى؟

*** أوغندا تُلقّب بـ “لؤلؤة إفريقيا”، وهي تستحق هذا اللقب بجدارة، فهي بلد الجمال الطبيعي الذي لم تمسه يد الإنسان كثيرًا، لدينا الخمسة الكبار من الحيوانات البرية: الفيل، والأسد، ووحيد القرن، والزرافة، والجاموس. لكن المدهش هو أن الأسد الأوغندي يتسلق الأشجار! وهي سمة نادرة لا توجد إلا في أوغندا. كما أن بلادنا تحتضن أكبر عدد من الغوريلا الجبلية في العالم، وهي كائنات مدهشة قريبة جدًا من الإنسان.

لدينا أيضًا بحيرة فيكتوريا – ثاني أكبر بحيرة في العالم – التي تشكّل مصدر نهر النيل، وهي ما تزال “عذراء” من حيث الاستثمار السياحي. بإمكان السائح أن يبحر منها إلى كينيا وتنزانيا في رحلات مائية فريدة.

أما جبال روينزوري فتبدو وكأنها تلامس القمر، وتُغطى بالثلوج رغم أننا في قلب إفريقيا. ولدينا كذلك جبل إلجون على الحدود مع كينيا، ويُعرف بـ”جبل الشمس”.

أوغندا خضراء طوال العام، مناخها معتدل لا يعرف القسوة، ومياهها وفيرة، وأرضها خصبة، حتى أن البعض يصفها بأنها “جنة عدن الثانية”.

– بماذا تختلف السياحة الأوغندية عن السياحة المصرية؟

*** السياحة في مصر تقوم على الحضارة والتاريخ والآثار والسياحة الشاطئية والمؤتمرات والسياحة العلاجية، أما في أوغندا فهي سياحة الطبيعة والبرية والمغامرة والسفاري، لكننا نتكامل ولا نتنافس، النيل هو الرابط بيننا، لكنه في مصر هادئ وسلمي، كهدوء وطيبة أهل مصر، بينما في أوغندا جامح ومليء بالشلالات والمنحدرات، إنه النيل نفسه، لكنه يعبّر عن شخصيتين مختلفتين لبلدين متكاملين.

ويمكن للسائح أن يستمتع برحلة ثقافية وتاريخية في مصر، ثم يواصل رحلته إلى أوغندا ليعيش تجربة الطبيعة الإفريقية الخلابة، وهذا التكامل يمكن أن يُبنى عليه برامج سياحة مشتركة بين البلدين.

– لماذا أضفتم القهوة الأوغندية والشاي الأوغندي للمؤتمر رغم انه معني بالسياحة؟

لأننا نستهدف اطلاع الشعب المصري علي منتج متميز وواعد واقتصادي، ولدينا إنتاج كبير من الممكن أن يغطي السوق المصري والعديد من الأسواق في الشرق الأوسط والعالم، والقهوة الأوغندية لها نكهة لا تُنسى، وتتميز بطعمها الطبيعي الغني، ونحن نزرع نوعين من البن:”أرابيكا” في المرتفعات مثل جبل إلجون وجبال القمر، و”روبوستا” في الأراضي المنبسطة، وهذا التنوع يجعلنا قادرين على تلبية مختلف الأذواق حول العالم، وما يميز طريقتنا في إعداد القهوة أننا نغليها مع القليل من الزنجبيل و التوابل الخفيفة، مما يمنحها نكهة فريدة لا تُنسى. عندما تتذوقها مرة، سترغب في الكوب الثاني دون تردد، وأدعو المصريين لتجربتها خلال المعرض، سواء القهوة بالحليب أو بدون حليب، وكذلك الشاي الأوغندي بنكهات الزنجبيل والليمون.

– وماذا تقولون للمستثمرين المهتمين بقطاع البن أو الزراعة؟

أقول لهم إن أوغندا بيئة ممتازة للاستثمار الزراعي، خصوصًا في البن والشاي. أرضنا خصبة، والمناخ معتدل، والإنتاج متواصل طوال العام، ولدينا برنامج وطني أطلقه الرئيس الأوغندي موسيفيني يسمي “عملية خلق الثروة” (Operation Wealth Creation)، يهدف إلى توزيع شتلات البن والشاي مجانًا على المزارعين الصغار، ونتيجة لذلك تضاعف الإنتاج بشكل ملحوظ، ونتوقع خلال عامين أو ثلاثة أن نصل إلى أكثر من 20 مليون كيس بن سنويًا، لذلك نحن ندعو المستثمرين المصريين إلى المجيء والتعاون معنا في مرحلة الخلط والتحميص والتعبئة، لتصدير منتج نهائي يليق بذوق المستهلك المصري والعربي.

– هل الآن توجد شركات مصرية أثبتت حضورها الفعلي في أوغندا؟

** نعم، لدينا أربع شركات مصرية كبيرة تعمل في أوغندا وتحقق نجاحات ملحوظة، في مقدمتها شركة “المقاولون العرب”، التي تنفذ مشروعات بنية تحتية ضخمة بجودة عالية جعلتنا نفخر بها أمام العالم، وهناك أيضًا شركة “ساميكو” (Sameco) التي تعمل في تطوير مطار جولو الدولي، وبناء طريق استراتيجي يختصر المسافات بين المدن، وهو مشروع حيوي كلّفها به الرئيس الأوغندي شخصيًا، نحن نؤمن بالكفاءة المصرية ونسعد بوجودها على أرضنا، ونتطلع لمزيد من الاستثمارات في مجالات البنية التحتية، والدواء، والتعليم الفني.

– تحدثتم عن الأدوية المصرية.. ما مدى انتشارها لديكم؟

الأدوية المصرية تلقى رواجًا كبيرًا في أوغندا، لأنها فعالة وسريعة المفعول وسعرها مناسب، على سبيل المثال، علاج الملاريا المصري يحتاج فقط إلى قرصين بدلًا من ستة أقراص من الأنواع الأخرى، وهذا يعكس كفاءة الصناعة الدوائية المصرية، لذلك انتقلنا من الاعتماد على واردات الأدوية من أوروبا وآسيا إلى تفضيل المنتج المصري، وهذا مصدر فخر لنا ولأشقائنا في مصر.

–كم يحتاج السائح المصري من المال لقضاء أسبوع في أوغندا؟

*** الأسعار في أوغندا مناسبة جدًا مقارنة بالأسواق العالمية، لكن الأسعار تحددها متطلبات السائح في الإقامة هل يريد فنادق 5 نجوم أو 4 نجوم أو الفنادق العادية؟ وهل يريد الإقامة بالإفطار أو الإقامة الشاملة لكن علي العموم لدينا الفنادق الفخمة التي تتراوح تكلفة الليلة فيها بين 180 و200 دولار شاملة الإفطار، ولدينا الفنادق المتوسطة، التي تبدأ الأسعار فيها من 60 إلى 80 دولارًا، وهي آمنة ومريحة داخل العاصمة كمبالا.

وجميع هذه الفنادق تقدم معظم المطابخ العالمية وغالبيتها تقدم طعامًا قريبًا جدًا من المطبخ المصري، حيث تتنوع الأكلات بين الأرز، والـ”شباتي” (الخبز الشبيه بالفطير)، والأسماك النيلية مثل البلطي والبياض والقرموط، إضافة إلى السالمون والجمبري في الفنادق الكبرى.

– ماذا عن حركة الطيران والسفر بين البلدين؟

هناك حركة ربط جوي كبيرة تقوم بها “مصر للطيران” بين القاهرة وكمبالا، وتوفر خمس رحلات أسبوعيًا ثلاث منها مباشرة ورحلتان عبر رواندا، هذه الرحلات دائمًا ممتلئة، مما يؤكد زيادة الطلب المتبادل على السفر والسياحة، يمكن للسائح المصري أن يزور أوغندا ضمن برنامج متكامل يضم مصر وتنزانيا وكينيا، وهو ما سيعزز التعاون السياحي الإقليمي ويزيد من حركة الطيران بين دول وادي النيل.

– هل هناك خطط لفعاليات قادمة لتعزيز التعاون الثقافي بين الشعبين؟

** نعم، لدينا خطة لتنظيم “أسبوع الثقافة الأوغندية – المصرية” خلال شهري أبريل أو مايو 2026، وسنعرض خلاله الموسيقى والرقصات الشعبية والمأكولات الأوغندية، بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، كما نأمل أن تنظم مصر فعالية مماثلة في كمبالا خلال نوفمبر المقبل، لأن التبادل الثقافي هو الطريق الأقصر لتعميق العلاقات بين الشعوب.

– وجه كلمة أخيرة للشعب المصري؟

“نحن نُحب مصر، ونعتز بشعبها الطيب الكريم، أنتم أهل حضارة وقيادة وإنسانية، ووجودنا في القاهرة هو شرف كبير، ونحن نعمل من أجل بناء جسر دائم بين وادي النيل في الشمال والجنوب، وأدعو كل مصري لزيارة أوغندا، ليكتشف بنفسه جمال الطبيعة وروعة القهوة ودفء الإنسان الأوغندي، وأعدكم أن من يشرب فنجان قهوة في كمبالا، سيعود إليها مرة أخرى.”