مصر تؤكد سيطرتها الكاملة على منظومتها المائية .. وتحذّر من فوضى تشغيل السد الإثيوبي

طمأنت وزارة الموارد المائية والري المصرية ، المواطنين إلى أن المنظومة المائية المصرية تعمل بكفاءة عالية وتحت سيطرة كاملة، وأن السد العالي سيظل خط الدفاع الرئيسي لمصر في مواجهة أي تقلبات أو تصرفات غير منضبطة، مؤكدة التزام الدولة بإدارة الموقف المائي باحترافية لضمان تلبية جميع الاحتياجات المائية وحماية مصالح الشعب.
وأكدت وزارة الري المصري – في بيان اليوم /السبت/ – أنها كانت قد أوضحت في بيان سابق أن مُشغّل السد الإثيوبي، عقب انتهاء ما يدعى بـ”الافتتاح”، قام يوم 10 سبتمبر الماضي بتصريف كميات كبيرة من المياه بلغت نحو 485م3، تلتها زيادات مفاجئة وغير منتظمة وصلت إلى 780 مليون م3 في 27 سبتمبر الماضي، كما أظهرت التقديرات الخاصة بمناسيب بحيرة السد انخفاض المنسوب بما يقارب مترًا واحدًا، بما يعادل تصريف ما يقارب ملياري م3، بخلاف التصرفات الناتجة عن الفيضان الطبيعي، وهو ما أدى إلى زيادات كبيرة ومفاجئة في كميات المياه المنصرفة قبل أن تنخفض مرة أخرى إلى حوالي 380 مليون م3 في 30 سبتمبر 2025.
وأشار البيان إلى أنه في إطار حرص الوزارة على الشفافية، واستمرار المتابعة الدقيقة للموقف المائي على مجرى النيل الأزرق، وتأكيد تحذيرات مصر من مخاطر الإدارة الأحادية وغير المنضبطة للسد الإثيوبي (غير الشرعي والمخالف للقانون الدولي)، فإنها حريصة على توضح أنه كان من المتوقع، وفقًا لآليات إدارة وتشغيل السدود، خفض منسوب المياه في بحيرة السد تدريجيًا من 640 مترًا إلى نحو 625 مترًا بنهاية العام المائي، وهو نطاق التشغيل الطبيعي للسد، وبما يضمن عدم تشغيل السد عند أقصي مناسيب تشغيلية لفترة طويلة للمحافظة على مرونة كافية لمجابهة التغيرات الهيدرولوجية المحتملة.
وأضاف: أن ذلك لم يحدث، حيث تم الإسراع في غلق مفيض الطوارئ في 8 أكتوبر الماضي، مما أدى إلى خفض التصريفات الخارجة في ذلك اليوم إلى حوالي 139 مليون م3، ثم استقرت بمتوسط 160 مليون م3 يوميًا حتى 20 أكتوبر 2025، بما يعني تشغيل نحو 50% فقط من التوربينات المتاحة.
وأكدت الوزارة أن هذا الأسلوب في التشغيل يعد غير منضبط هيدرولوجيًا، إذ يتم خفض التصريف لزيادة التخزين ورفع المنسوب، ثم إعادة تصريف المياه لاحقًا بشكل مفاجئ وبكميات تفوق الحاجة الفعلية، بدلًا من تصريفها تدريجيًا كما تقتضي القواعد الفنية السليمة، مشددة على أن هذا النمط يعكس غياب خطة تشغيل علمية مستقرة أو رؤية واضحة لإدارة السد.
ولفتت إلى أن هذا هو ما حدث بالفعل، حيث ارتفع منسوب المياه داخل بحيرة السد الإثيوبي مرة أخرى ليقترب من منسوب 640 متراً، مشيرة إلى أنه في يوم 21 أكتوبر الماضي لوحِظ زيادة مفاجئة في التصريفات لتصل إلى نحو 300 مليون م3 في اليوم، نتيجة فتح مفيض الطوارئ المخصص أساسًا للظروف الاستثنائية وليس لتشغيل السد بشكل يومي، وهو ما يعكس استمرار العشوائية في إدارة السد.. وأوضحت أن متوسط التصريفات استمرت عند حدود 320 مليون م3 يوميًا لمدة 10 أيام متتالية.
كما أوضحت أنه تم إغلاق مفيض الطوارئ للمرة الثانية يوم 31 أكتوبر الماضي، وبلغ متوسط المنصرف خلال الفترة من الأول إلى 20 نوفمبر الماضي نحو 180 مليون م3 يوميًا، بزيادة تقارب 80% عن المتوسط التاريخي لنفس الفترة، والبالغ حوالي 100 مليون م3 يوميًا، وهو ما يؤكد استمرار التقلبات الحادة في التصرفات المائية على مجرى النيل الأزرق.
وقالت وزارة الموارد المائية والري “إن هذه التصرفات المتتابعة تعكس غياب الضوابط الفنية والعلمية في تشغيل السد الإثيوبي، واستمرار النهج العشوائي في إدارة منشأة بهذا الحجم على نهر دولي، بما يُعرّض مجرى نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير، ويُجدد التأكيد على خطورة استمرار الإدارة الأحادية للسد، وما تمثله من تهديد لحقوق ومصالح دولتي المصب، كما تؤثر هذه التصرفات على تشغيل السدود الواقعة خلف السد الإثيوبي مباشرة، التي تضطر لاتخاذ إجراءات تحفظية لاستيعاب هذه التغيرات المفاجئة وضمان التشغيل الآمن لتلك السدود”.
وأعلنت الوزارة، أنه في إطار المتابعة المستمرة للموقف المائي على مدار الساعة وبأعلى درجات الجاهزية والدقة، ومن خلال لجنة إيراد النهر التي تضم خبراء في مجالات الهيدرولوجيا وتشغيل السدود والنمذجة الرياضية والاستشعار عن بُعد، ووفقًا للبيانات الواردة من النماذج والتحليلات الفنية، فقد تقرر فتح مفيض توشكى لتصريف جزء من المياه الزائدة بما يحقق التوازن الهيدروليكي داخل المنظومة المائية المصرية، ويضمن استقرار تشغيلها.
وشددت على أن هذا القرار يأتي في إطار إدارة علمية دقيقة واستباقية تعتمد على الرصد اللحظي وصور الأقمار الصناعية، بما يعكس جاهزية المنظومة المصرية للتعامل بكفاءة مع أي طارئ مائي.
وأضافت: “كما أدت هذه التطورات إلى تأجيل استكمال أعمال رفع القدرة التصريفية لقناة ومفيض توشكى، وهي جزء من خطة التطوير الشاملة للمنظومة المائية، نتيجة توجيه الجهود للتعامل مع الزيادات المفاجئة وغير المنضبطة في كميات المياه الواردة من أعالي النيل”.
أقرأ المزيد :
مصر تطرح خيار اللجوء إلى التحكيم الدولي في أزمة السد الإثيوبي .. فهل تستمع أديس أبابا لصوت العقل ؟




