أخبار عاجلةاخبار افريقياالرأيالسودان

بروفيسور حسن بشير محمد نور يكتب : زيارة وفد البنك الدولي إلي بورتسودان.. الأهداف والنتائج المحتملة والتحديات

حسب مصادر اعلامية ومصادر البنك الدولى ومتابعات خبراء، فإن زيارة وفد من البنك الدولي إلي السودان الآن تهدف لاستئناف العلاقة مع حكومة الأمر الواقع التي تجمدت بعد إنقلاب 25 اكتوبر 2021، الذي نفذ من قبل قيادتي الجيش والدعم السريع ضد الحكم المدني الانتقالي.

معني ذلك بشكل ما، استئناف العلاقة بعد التعليق حسب بيان رسمي من البنك الدولي، وهذه أول بعثة رسمية للبنك إلى السودان منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021. 

من الأجندة المحتملة للزيارة: 

– مراجعة مشاريع معلَّقة وتنشيط التمويل المبرمح قبل تعليق العلاقات، اذ كان لدى السودان منح وقروض من البنك تُقدَّر بـ أكثر من 1.8 مليار دولار لمشروعات في الري الزراعي، الكهرباء، دعم الموازنة العامة، وتحسين الخدمات. 

– الزيارة تهدف أيضا إلى فحص ما تمّ تنفيذه، وما هو متعثر، ومدى إمكانية استئناف الدعم في الظروف التى تمر بها البلاد، خاصة وأن السودان من أكبر الدول المدينة لمؤسسات التمويل الدولي في العالم، مع ملاحظة أن دينه غير حميد ويشكل عبئا اقتصاديا كبيرا في الحاضر والمستقبل

بحسب بيانات العام 2024، بلغ اجمالي الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في السودان نحو 271.98 ٪. وتشير بعض المصادر إلى أن النسبة قد قدرت بـحوالي 252٪ في العام 2025. 

هذا يجعل السودان من بين الدول الأعلي مديونية ( إن لم يكن الأعلى علي الاطلاق )، خاصة من حيث عبء الدين الخارجي مقارنة بالحجم الكلي لاقتصاد البلاد، ومشكلة هذا الدين في أن ثقله الأعظم ديون خارجية بفوائد وجزاءات متراكمة.

تجدر الإشارة إلي بعض التحفظات الحسابية في نسبة الدين الي الناتج المحلي الأجمالي، فجملة الديون تشمل جميع مكونات الدين (داخلي، خارجي، التزامات عامة والفوائد والجزاءات). 

كما ترتبط الديون بالأزمات الاقتصادية، والتقلبات في قيمة العملة المحلية، معدلات التضخم، وتقلّب إحصاءات الناتج المحلي الاجمالي وتصحيحه حسب الارقام القياسية للاسعار والقيم الحقيقية.. بالتالي فإن الرقم الفعلي قابل للتغيير أو الجدل.

بعض المصادر تعتمد علي معامل تصحيح (مثل استخدام معادلات تصحيح تقدر الاقتصاد الموازي (السوق الأسود) أو (بأسعار شراء القوة الشرائية). وبذلك تعدل النسبة لتصبح أقل (مثلاً 123٪ من الناتج المحلي الاجمالي في تقدير بديل) ، لكن هذا الرقم يعكس فرضيات ومعايير مختلفة للقياس قابلة للجدل.. بشكل عام يمكن التأكيد حسب معظم المصادر أن الدين الخارجي بفوائده يتجاوز 120% من الناتج المحلي الإجمالي للسودان علي أقل تقدير.

– من أهداف الزيارة أيضا بحث فرص إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية، وقد اعلنت الحكومة السودانية أن من أهم أولوياتها إعادة الإعمار، و(ترميم البنى التحتية في الخرطوم)، والاستعادة التدريجية للخدمات الأساسية ( مثل الخدمات الصحية، التعليم، الماء، الكهرباء)، بعد سنوات من الحرب. 

 – من الأهداف أيضا بحث مبادرات جديدة لدعم الغذاء والطاقة والخدمات، من خلال المحادثات بين الوفد وحكومة الأمر الواقع، وقد أشارت إدارة البنك الدولى إلى الموافقة على مشاريع جديدة متعلقة بالأمن الغذائي، الطاقة النظيفة/الخدمات الرقمية، ومشروعات للخدمات الأساسية. 

– كذلك تعزيز الشفافية والتنسيق المؤسسي ، اذ من مطالبات البنك الدولى إنشاء وحدة تنسيق مشتركة داخل وزارة المالية لإدارة محفظة المشاريع ومتابعة الشركاء المنفذين، لضمان كفاءة الأداء والشفافية والاستدامة. 

  اذن من النتائج المتوقعة من الزيارة إذا تمت الأمور حسب المخطط له وحسب التوقعات السياسية الاكثر تفاؤلا، فقد تؤدي الزيارة إلى:

– إعادة ضخ التمويل الدولي للسودان، بمعنى استئناف المنح والقروض التي كانت معلّقة، ما يتيح تنفيذ المشاريع المتأخرة في الكهرباء، الري، البنية التحتية، الخدمات الأساسية.

– انطلاق مشروع إعادة بناء شامل، عبر التركيز على إعادة تشغيل القطاعات الحيوية (مثل خدمات المياه، الكهرباء، الزراعة، الصحة، التعليم) ، مما يساعد في تخفيف الأزمات الإنسانية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

– العمل علي تحفيز النمو الاقتصادي والاستقرار، بتمويل مشروعات الانتاج الحقيقي، والبنية التحتية مثل النقل، ما قد ينعكس على النشاط الاقتصادي في مجمله ، توليد فرص العمل، وتحسين الإيرادات ودعم الموازنة العامة.

– تعزيز الشفافية والكفاءة الإداربة للمشاريع، من خلال التنسيق المؤسسي والمراقبة التي طالب بها البنك الدولى، مما يقلل من الهدر والفساد ويزيد من فعالية التنفيذ.

– يقدم كل ذلك إشارات إيجابية للسوق والمستثمرين، اذ أن عودة البنك الدولي تعطي رسالة وثقة للمانحين والدول المانحة، والمستثمرين الأجانب، ما قد يفتح الباب لمزيد من المساعدات أو الأستثمارات.

– كما يؤدي ذلك أيضا إلي دعم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، عبر تحسين الخدمات الأساسية وتخفيف الضغوط الاقتصادية والإنسانية، وقد يساعد في تهدئة الأوضاع، خصوصاً إذا ارتبط بعملية سلام محتملة أو توافق سياسي أوسع قد يؤدي لحكم مدني.

مع ذلك فهناك العديد من التحديات والعقبات والقيود التي قد تؤثر على النتائج، مع أهمية الاشارة إلي أن تنفيذ المشاريع قد يواجه عقبات بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة وبسبب العقوبات علي قادة حكومة الأمر الواقع علي اعلى المستويات.

كذلك هناك عقبات الفساد المتفشي، عدم الكفاءة الإدارية والحوكمة وانعدام الشفافية، خاصة في العديد من مصادر الإيرادات ومنها الذهب.. إضافة للبيروقراطية أو ضعف قدرات التنفيذ داخل مؤسسات الدولة التى قد تؤخر أو تعرقل الاستفادة من التمويل المحتمل.

 جدير بالاشارة أيضا أن أي تمويل محتمل قد يكون مقيداً بشروط إصلاحات اقتصادية أو هيكلية، ومع عدم توفر البيئة الاقتصادية (خاصة عدم توفر عوامل الاستقرار الاقتصادي), لذلك فقد يثير ذلك جدلاً داخلياً أو يواجه مقاومة ومن المحتمل الا يحقق أي من أهداف ما يسمى ( بالاصلاح الهيكلي) في ظروف الحرب.

 الأزمة الإنسانية الاسوأ في العالم ، حسب الأمم المتحدة، والتشوهات الاقتصادية الراهنة شديدة التعقيد، وقد لا تُعالج بالكامل من خلال بضعة مشاريع أو زيارة لوفد من البنك الدولي، التي تشبه عيادة مريض طريح الفراش يعاني من أمراض مزمنة صعبة العلاج، مع الأمل في الشفاء لعودته للعمل لاستعادة قدرته علي الوفاء بالديون المتراكمة عليه والاستفادة من موارده، وسيبقى الطريق شاقاً نحو التعافي الاقتصادي وإعادة إعمار ما دمرته الحرب والحل أولا واخيرا في السلام المستدام ثم في حكم مدني رشيد لإدارة الموارد واستخدمها وتوظيفها بالشكل الأمثل، لاستعادة الاستقرار الضروري لاستئناف الحياة الطبيعية.

نبذة تعريفية للكاتب 

* بروفيسور حسن بشير محمد نور :

»» المؤهلات العلمية :

-دكتوراه في الاقتصاد (الاقتصاد العام والسياسات المالية والنقدية) . جامعة سانت بطرسبورغ للدراسات المالية والاقتصادية ، روسيا الاتحادية, 1994م.

– الدراسات الجامعية : ـ جامعة ليننغراد للدراسات المالية والاقتصادية ، اقتصاد العمل، جمهوريات الاتحاد السوفيتى ( سابقاً ) 1979ـ1985م (حتى درجة الماجستير).

– خبير اقتصادي في مجال السياسات الاقتصادية العامة ولديه خبرة لأكثر من ثلاثين عاما في مجالات التدريس الجامعي والبحث العلمي ،  وخبرات عملية وفنية واستشارات في السياسات المالية والتجارية وسياسات الاستثمار والضرائب، شارك في العديد من اللجان المختصة في مجالات السياسات المالية والنقدية والسياسات التحارية ولجان الاصلاح الضريبي ومعايير الاستثمار .

– عمل كخبير وطني للسياسات التحارية في السودان وخبير لتعبئة الموارد المحلية ورفع القدرات مع اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة في أفريقيا في السودان للفترة من يوليو 2021 حتي ابريل 2023.

الخبرة العملية:

مدير جامعة البحر الاحمر ، أكتوبر 2019- فبراير 2022.

– خبير وطني مع بعثة لجنة الامم المتحدة الاقتصادية لبرنامج تعبئة الموارد المحلية ورفع القدرات بالسودان، يوليو 2021- ابريل 2023.

أمين الشؤون العلمية، جامعة النيلين ديسمبر 2015م حتي نوفمبر 2016م

عميد كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، جامعة النيلين، يوليو 2013 – حتي ديسمبر 2015م

بروفيسور في الاقتصاد منذ يونيو 2013م.

رئيس قسم الاقتصاد ، بكلية التجارة والدرسات الاقتصادية والاجتماعية ، جامعة النيلين منذ ابريل 1998م وحتى ابريل 2005م .

رئيس قسم الدرسات التجارية ووكيل بالانابة: كلية الخرطوم التقنية – 19995 -1997م

عضو مجلس اساتذة جامعة النيلين 1998م – 2005م، 2013م وحتي الان.

عضو مجلس عمداء جامعة النيلين 2013م – 2016م.

عضو اللجنة الاستشارية لمجلس اساتذة جامعة النيلين 2015 – 2016م

اقرأ المزيد 

السفير السوداني بالقاهرة : مصر حريصه علي وحدة السودان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »