أخبار عاجلةاخبار افريقيا

الكونغو الديمقراطية: اشتباكات بين حركة إم23 والقوات الحكومية

تجددت التوترات في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين متمردي حركة إم23 والقوات الحكومية المدعومة من قوات التحالف، وذلك في عدة مناطق من إقليم كيفو الجنوبي، يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025. التطورات الميدانية تعكس هشاشة الوضع الأمني في شرق البلاد رغم كل مساعي الوساطة الإقليمية والدولية.

وبحسب المعلومات القادمة من مناطق المواجهات، دارت معارك كثيفة في كاتوغوتا–لوفونجي وكازيبا–هوت بلاتو وتشيفانجا–هومبو وكاسيكا–موينجا، ما أدى إلى موجة نزوح جديدة بين المدنيين الذين فرّوا تحت وطأة القصف الكثيف والخوف من توسّع رقعة الاشتباكات.
وأكد برتراند بيسيموا، زعيم حركة إم23، وقوع هذه المواجهات، بينما اتهم المتحدث باسم الحركة لورانس كانيوكا القوات الحكومية بشن هجمات على مناطق مأهولة بالسكان، محذرًا من أن الوضع الإنساني يتدهور بسرعة في تلك المناطق.
من جانبها، ترى مصادر حكومية أن الحركة هي التي بدأت الاعتداءات، في محاولة لتوسيع نفوذها وتعطيل جهود التهدئة، ويأتي هذا التصعيد بعد أقل من شهر على إعلان اتفاق إطار للسلام في الدوحة – قطر، 8 نوفمبر 2025، بهدف دفع المفاوضات بين الحكومة الكونغولية وحركة إم23 نحو تسوية دائمة.

ورغم الأجواء التفاؤلية التي صاحبت التوقيع، فإن الطرفين تبادلا الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار، ما يلقي بظلال ثقيلة على مستقبل الاتفاق، ويثير مخاوف من انهياره قبل أن يدخل حيز التنفيذ الكامل.

ويرى الخبراء السياسيون الأفارقة أن ما يجري ليس مجرد خرق عابر، بل مؤشر إلى حالة انعدام الثقة المتجذرة بين الطرفين منذ عقد كامل. فالشرق الكونغولي ظل ساحة لصراعات متشابكة بين جماعات مسلحة، وقوى سياسية داخلية، ومصالح إقليمية متعارضة.

تسيطر حركة إم23 حاليًا على مساحات واسعة من شمال وجنوب كيفو، وتشمل مناطق استراتيجية مثل غوما وبوكاڤو ومطاري غوما وكافومو، ما يمنحها قدرة كبيرة على التأثير في مسار العمليات العسكرية والسياسية.
وإعادة صعود الحركة عام 2022 بقيادة برتراند بيسيموا وإيمانويل سلطان ماكينغا شكلت نقطة تحول لافتة، أعادت إلى الواجهة واحدة من أخطر حركات التمرد التي عرفها شرق الكونغو منذ عقدين.

وتتهم حكومة كينشاسا الحركة بتلقي دعم مباشر من رواندا، في حين تنفي كيغالي أي علاقة بهذه الاتهامات، وتعدّها جزءًا من “خطاب سياسي” تقليدي تلجأ إليه الحكومة الكونغولية لتبرير فشلها في ضبط الشرق المضطرب.
أما حركة إم23 فتؤكد أنها تقاتل “ضد التهميش والفساد والتمييز وكراهية الأجانب” داخل المؤسسات الكونغولية، وأنها تمثل مطالب مجتمعات مهمّشة في إقليم كيفو.

ويري محللين سياسين أفارقة، أن الأزمة الحالية هي امتداد لتاريخ طويل من النزاع غير المحسوم في منطقة البحيرات العظمى، حيث تتقاطع الجغرافيا العرقية مع المصالح الاقتصادية، خاصةً تلك المرتبطة بالمعادن الاستراتيجية مثل الكولتان والذهب.
إضافة إلى ذلك، تظل الأوضاع الإنسانية في تدهور وسط غياب حلول جذرية، بينما تكتفي القوى الإقليمية والدولية بالدعوات إلى الحوار دون ممارسة ضغط فعّال على الأطراف المتنازعة.

كما أن استمرار سيطرة إم23 على المدن الكبرى والممرات الاقتصادية يضع الحكومة الكونغولية في وضع حساس، ويعزز نفوذ الحركة داخل مسار التفاوض، وهو ما يهدد بنسف توازن القوى الذي حاول اتفاق الدوحة هندسته.

وتبقى التساؤلات مطروحة حول قدرة الأطراف على العودة إلى طاولة الحوار، وحول مدى استعداد المجتمع الدولي للالتزام بخطة سلام واقعية تمنع انزلاق المنطقة إلى مرحلة أكثر عنفًا، خاصة في ظل تراخي بعثات حفظ السلام واستمرار تغذية النزاعات عبر الحدود.

وهكذا يقف شرق الكونغو مرة أخرى عند مفترق طرق حاسم، فيما يراقب ملايين المدنيين ما إذا كان المستقبل يحمل تهدئة حقيقية أم جولة جديدة من الصراع الدامي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »