اليونسكو تسجّل رسميًا الكشري المصري والقفطان المغربي في قائمة التراث الثقافي غير المادي
أعلنت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لـ “اليونسكو” خلال دورتها العشرين المنعقدة في نيودلهي (8–13 ديسمبر 2025) عن إدراج عنصرين بارزين من المغرب ومصر على القائمة التمثيلية: “القفطان المغربي: الفن والتقليد والمهارات” و*“الكشري: طبق الحياة اليومية والممارسات المرتبطة به”، في قرار يعكس اعترافاً دولياً بأهميتهما الثقافية والاجتماعية.
إدراج القفطان المغربي جاء تتويجًا لجهود توثيق مدرسة فنية وحرفية امتدت قرونًا داخل المغرب؛ فالملبس التقليدي لم يعد مجرد لباس بل هو سجل للمهارات الحرفية (التطريز، الخياطة والزينة)، والطقوس الاجتماعية المرتبطة بالأعراس والمناسبات، ونموذجًا للتناقل بين الأجيال. تسجل اليونسكو أن ملف القفطان يؤكد تنوعه الإقليمي داخل المملكة ودوره في تعزيز الانتماء الثقافي، كما اعتبرت هذه الخطوة تأكيدًا على التزام المغرب بحماية تراثه الحي.
من جانبها مثلت إضافة الكشري المصري اعترافًا بطبق بات رمزًا للحياة اليومية في المدن المصرية: مكوّناته البسيطة (الأرز، المكرونة، العدس، البصل المقلي، والصلصات والخل والثوم) وتنوع ممارسات تحضيره وتقديمه في المنازل والمطاعم وعربات الشوارع جعلته مثالًا واضحًا على عنصرٍ تراثي حيّ مرتبط بالهوية الجماعية والاقتصاد الشعبي. اعتمدت اليونسكو الملف بوصفه ممارسة اجتماعية متداولة تعكس موروثًا طهويًا تحوّل عبر الزمن إلى رمز حضري وطني.
القراران ليسا رمزًا فقط، بل يحملان آليات عملية للحماية: إدراج العنصر في القائمة التمثيلية يقتضي توثيق الممارسات، تشجيع نقل المهارات بين الأجيال، ودعم المبادرات المجتمعية لحفظ هذه الممارسات من الضياع، مع التزام الدولة المعنية بتقديم خطط صون ومشاركة المجتمع المحلي في تنفيذها. وتوضح اليونسكو أنّ مثل هذه التسجيلات تهدف أساسًا إلى إبراز القيمة الحيّة للعناصر ودعم استدامتها الاجتماعيّة والثقافية.
الإدراجان تلقّيا تغطية صحفية واسعة ونقلاً رسميًا من البعثات والوزارات المعنية: احتفلت السفارة المصرية في نيودلهي وسلطات الثقافة المصرية بإدراج الكشري، فيما اعتبرت الدوائر المغربية أن إدراج القفطان يكرّس الدور الثقافي للمملكة على الصعيد الدولي. التقارير الصحفية الدولية سلطت الضوء أيضاً على دلالة هذه التسجيلات في سياق الاهتمام العالمي بالمطبخ الشعبي والملبسات التقليدية.
من منظور تقني، تُظهر الملفات المقدمة لليونيسكو أن نجاح الإدراج يتطلب تبريرًا لارتباط العنصر بالهوية المحلية، أدلة على استمراريته عبر الزمن، وخططًا ملموسة لصونه (برامج تعليمية، مهرجانات، تعاون مع حرفيين ومؤسسات ثقافية). وفي كلا الملفين قدّمت الدول المعنية مواد توثيقية ومرئيات وفيديوهات تُظهر الممارسات اليومية والاحتفالية المرتبطة بالعناصر، مما سهّل تقييمها من قِبل اللجنة.
سيكون لهذا الاعتراف آثار متعددة: أولاً، تعزيز الوعي المحلي والدولي بأهمية حماية هذه الممارسات؛ ثانيًا، فتح آفاق تمويلية وتقنية لمشروعات صون الحرف والمطابخ الشعبية؛ وثالثًا، إضافة قوة لملفات تراثية عربية أخرى ترمي إلى حماية عناصر من الحياة اليومية والفنون الشعبية. ومع ذلك، يشدد خبراء التراث على أن الادراج رمزي بطبيعته ولا يضمن نقلًا تلقائيًا للحماية دون سياسات وطنية فاعلة وشراكات حقيقية مع المجتمعات المحلية.
ويمثل إدراج القفطان المغربي والكشري المصري لحظة احتفاء بالثقافة الحيّة في العالم العربي، ومؤشراً على تزايد اهتمام اليونسكو والهيئات الدولية بالأنماط اليومية والمهارات الحرفية التي تشكل نسيج الهوية الاجتماعية. ويعدّ هذا المسار تذكيرًا عمليًا بأن حماية التراث تتطلب مشاركة المواطنات والمواطنين، وليس فقط قرارات بروتوكولية على الورق.
اقرا المزيد:-
رمضان في السودان .. عادات وتقاليد تجسد قيم المحبة والتآخي
« الكوسي » و « الكانو» أشهر الأكلات والمشروبات .. رمضان في نيجيريا طقوس وعادات
إفريقيا.. تعرف علي أشهر 10 أكلات في القارة السمراء؟
